القدس عاصمة الجذور

عز الدين المناصرة

القدس عاصمة السماء القدس عاصمة الجذور

ما للجحافلِ كُلَّما نادتْ عليهمْ... تضْمحلُّ

القدس عاصمة الجذور:

القُدسُ عاصمةُ السماءِ،

وأرضُها، رُعْبٌ، وقَتلُ.

القدسُ عاصمةُ الجُذورِ،

يسوقُها وَغْدٌ، ونَذْلُ.

جاءوا إليها من صقيع الأرضِ،

فاقتلعوا صنوبَرَها،

وزيتوناتِها،

احتلّوا البيوتَ،

وسمّموا الماءَ الزُلالَ،

وفي رغيف الخبز حَلَّوا.

- القدسُ حارسةُ الثُغورِ،

وأرضُها، رُعبٌ، وقَتْلُ.

جاءوا إليها كالجراد، فأقفرتْ

خُضْرُ المراعي، والسواقي جُفّفتْ،

ثمّ استغلّوا

ماءَ العيونِ الدافقاتِ من الصخورِ،

المُورِقات، وغابَ ظِلُّ.

واستأجروا، (بورخيسَ)، و(إسماعيل كاداري)،

و (جنكيزَ)، الرخيصْ

مَسَخوا العقولَ، وبدّلوا ذاكَ القميصْ

بقميص أمريكا العتيقِ... لعلّ جائزةً تَهِلُّ.

القدسُ مصباحُ النُذورِ،

وأرضُها، رُعْبٌ، وقَتْلُ.

القدسُ عاصمة الدماءِ،

وصوتُها يشكو، ولا مطرٌ يجيءُ،

مواسمُ الأيّام، مَحْلُ.

يا دولةَ الخازوقِ،

يا قتّالةَ الشعراءِ،

يا سرَّاقة الحِنّاءِ، والأضواء، والأزياءِ،

والأجداد، والأبناء، والآباء، والأشياء،

والموّال، والراياتِ، والخَرْجاتِ، والمالوفْ.

يا دولة الخازوقِ،

يا سرّاقة الإبريز، والإفريزِ، والتطريزِ،

والليمونِ، والتفّاحِ، والحنّون، والنارنج،

والأحجار، والتاريخ، والآهاتِ، حتى (الأوفْ).

القدسُ عاصمةُ الطيور،

وأرضُها، قمحٌ، وأشعارٌ، وفُلُّ

مهما تشيخُ قِلاعُها،

تتعتقُ الأسواقُ، والساحاتُ،

يتلو

أهزوجةَ الغاباتِ،

سَهْلُ

في قاعها، غَضَبٌ عظيمٌ،

جارفٌ، والعَصْف يحلو.

خِلٌّ لنا في الشُرفة البيضاءِ،

يمشي،

مثل بارقةٍ تلوحُ،

وليس فوق النخلِ، خِلُّ.

ناموا على خُطَب الوعودِ،

كأنّهمْ سئموا الوعيدْ

يا أُمّةَ النملِ، التي

زحَفَتْ إلى تلّ الموائد،

كي تنام جيوشُها،

والصمتُ في شُرُفاتها،

وردٌ سعيدْ.

يا أمّةَ النّملِ الذليلةَ،

ليس فيها من صفاتِ النملِ، إلاَّ

كَثْرةُ النَسْلِ البليدْ

ما للجحافلِ عند محنَتها.. تَقِلُّ.

القدسُ عاصمةُ القلوبِ،

وأرضُها، ذبحٌ وقتلُ.

إنْ زمجر الأعداء في الساحاتِ،

تسمعُ ما تريدُ، ولا تريدْ

تستحضرُ الأرواحَ، والأشباحَ، والرمزَ المجيدْ

لتلوذَ هاربةً إلى الزمن البعيدْ

ويصيبُها صَمَمٌ أكيدْ

ما للجحافلِ،

كُلّما نادَتْ عليهمْ

تضمحِلُ.

القدسُ عاصمةُ السماءِ،

وصمتُها، قَهْرٌ، وغُلُّ.

لكنَّ جرّافاتِنا، جاءتْ مع الفجر الأنيقِ،

لكي تُعيد الغارَ،

ها، هُمْ، قد أطلّوا.

عصرُ الحذاءِ العبقريِّ، يزلزلُ الدنيا،

فترتفع الرؤوسُ، مهابةً،

وكأنّ تاريخاً جديداً، قد يُطِلُّ

وكأنّ أقماراً تُشعُّ،

كأنّ كلَّ المؤمنين، تدافعوا

دخلوا إلى الأقصى، وصلّوا.

مهما عَلا صوتُ الذئاب الغازياتِ،

القادماتِ، الماكرات، القاتلاتِ،

فإنّ، صوتَ القدسِ،

رُغْم الليلِ،

يعلو، ثمّ يعلو، ثمَّ يعلو.

* قصيدة للشاعر الفلسطيني د. عزالدين المناصرة

وسوم: العدد 895