قرطاجة

بعد توقيع السادات لكامب ديفيد وزيارته المشهورة لاسرائيل تم تحويل مقر الجامعة العربية لتونس وتمت دعوة نزار قباني فظن القادة العرب ان نزار سيكتفي بهجاء الرئيس المصري محمد أنور السادات.. لكن لم يسلم من لسانه أحد

رائعته (قرطاجة) ألقاها في تونس بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة و الثلاثين لتأسيس الجامعة العربيّة ..

"""""""""""

يا تونس الخضراء جئتك عاشقا

وعلى جبيني وردة وكتاب

إني الدمشقي الذي احترف الهوى

فاخضوضرت بغنائه الأعشاب

أحرقت من خلفي جميع مراكبي

إن الهوى ألا يكون إياب

أنا فوق أجفان النساء مكسر

قطعاً فعمري الموج والأخشاب

لم أنس أسماء النساء ..وإنما

للحسن أسباب ولي أسباب

ياساكنات البحر في قرطاجة

جف الشذى وتفرق الأصحاب

.....

قمر دمشقي يسافر في دمي

وبلابل وسنابل وقباب

الفل يبدأ من دمشق بياضه

وبعطرها تتطيب الأطياب

والماء يبدأ من دمشق فحيثما

أسندت رأسك جدول ينساب

والشعر عصفور يمد جناحه

فوق الشآم وشاعر وجواب

والحب يبدأ من دمشق فأهلنا

عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا

والخيل تبدأ من دمشق مسارها

وتشد للفتح الكبير ركاب

والدهر يبدأ من دمشق وعندها

تبقى اللغات وتحفظ الأنساب

ودمشق تعطي للعروبة شكلها

وبأرضها تتشكل الأحقاب

بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي

هذا المساء ومن هو العراب

أأ نا مغني القصر ياقرطاجة

كيف الحضور وما علي ثياب

ماذا أقول ؟ فمي يفتش عن فمي

والمفردات حجارة وتراب

فمآدب عربية .. وقصائد

همزية .. ووسائد وحباب

لا الكأس تنسينا مساحة حزننا

يوما ولا كل الشراب شراب

من أين يأتي الشعر يا قرطاجة

والمفردات حجارة وتراب.

من أين يأتي الشعر ؟حين نهارنا

قمع وحين مساؤنا إرهاب

سرقوا أصابعنا .وعطر حروفنا

فبأي شيء يكتب الكتاب

والحكم شرطي يسير وراءنا

سرا فنكهة خبزنا استجواب

الشعر رغم سياطهم وسجونهم

ملك وهم في بابه حجاب

من أين أدخل في القصيدة ياترى

وحدائق الشعر الجميل خراب

لم يبق في دار البلابل بلبل

لا البحتري هنا ولا زرياب

شعراء هذا اليوم جنس ثالث

فالقول فوضى والكلام ضباب

يتكلمون مع (الفراغ)-  فما هم

عجم إذا نطقوا ولا أعراب

اللاهثون على هوامش عمرنا

سيان إن حضروا وإن همُ غابوا

يتهكمون على النبيذ معتقا

وهمُ على سطح النبيذ ذباب

الخمر تبقى إن تقادم عهدها

خمرا وقد تتغير الأكواب

من أين أدخل في القصيدة ياترى

والشمس فوق رؤوسنا سرداب

إن القصيدة ليس ما كتبت يدي

لكنها ما تكتب الأهداب

نار الكتابة أحرقت أعمارنا

فحياتنا الكبريت والأحطاب

ما الشعر؟ ما وجع الكتابة ؟ ما الرؤى؟

أولى ضحايانا هم الكتاب

يعطوننا الفرح الجميل وحظهم

حظ البغايا ما لهن ثواب

ياتونس الخضراء هذا عالم

يثري به الأمي والنصاب

فمن الخليج إلى المحيط قبائل

بَطِرَت فلا فكر ولا آداب

في عصر زيت الكاز يطلب شاعر

ثوبا وترفل بالحرير قحاب!!

هل في العيون التونسية شاطيء

ترتاح فوق رماله الأعصاب

أنا يا صديقة متعب بعروبتي

فهل العروبة لعنة وعقاب

أمشي على ورق الخريطة خائفا

فعلى الخريطة كلنا أغراب

أتكلم الفصحى أمام عشيرتي

وأعيد .. لكن ما هناك جواب

لولا العباءات التي التفوا بها

ما كنت أحسب أنهم أعراب

يتقاتلون على بقايا تمرة

فخناجر مرفوعة وحراب

قبلاتهم عربية .. من ذا رأى

فيما رأى قُبَلاً لها أنياب

ياتونس الخضراء كأسي علقم

أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟!

وخريطة الوطن الكبير فضيحة

فحواجزٌ ومخافرٌ وكلاب

والعالم العربي إما نعجةٌ

مذبوحة أو حاكمٌ قصاب

والعالم العربي يرهن سيفه

فحكاية الشرف الرفيع سراب

والعالم العربي يخزن نفطه

في خصيتيه وربك الوهاب

والناس قبل النفط أو من بعده

مستنزفون فسادة ودواب

ياتونس الخضراء كيف خلاصنا

لم يبق من كتب السماء كتاب

ماتت خيول بني أمية كلها

خجلا وظل الصرف والإعراب

فكأنما كتب التراث خرافة

كبرى فلا عمرٌ . . ولا خطاب

وبيارق ابن العاص تمسح دمعها

وعزيز مصر بالفصام مصاب

من ذا يصدق أن مصر تهودت

فمقام سيدنا الحسين يباب

ما هذه مصر فإن صلاتها

عبرية وإمامها كذاب

ما هذه مصر فإن سماءها

صغرت وإن نساءها أسلاب

إن جاء كافور فكم من حاكم

قهر الشعوب وتاجه قبقاب

بحرية العينين ياقرطاجة

شاخ الزمان وأنت بعد شباب

هل لي بعرض البحر نصف جزيرة

أم أن حبي التونسي سراب

وسوم: العدد 932