الشمول! (في مُنادمة (أوسكار وايلد) بمَنفاه الأخير)

د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي

(1)

أَلا طُوْبَى لِمَنْ يُسْقَى شَمُوْلَ النَّشْوَةِ العُظْمَى!

غَنِيًّا ، لَمْ يَبِعْ وَجْها لِوَجْهِ الدِّرْهَمِ الأَعْمَى

ولَمْ تَبتَلَّ نَعْلَاهُ بِنَهْرِ اللَّيْلَةِ الحُمَّى

ولا انْهارَتْ بِقامَتِهِ نَخِيْلٌ كَمْ عَلَتْ غَيْما!

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَلَا طُوْبَى لِمَنْ يُسْقَى شَمُوْلَ النَّشْوَةِ العُظْمَى!

* * *

ويا طُوْبَى لَهُ، ما ذاقَ جَمْرَ الجُوْعِ، لَمْ يَظْما

أَبا هِما ، تَساقَطَ ثَلْجُهُ ، يَبْكِيْ دُجًى غَمَّا

ولا أُما ، سَرَتْ أُمًّا لِدَمْعِ الأُمةِ الأَدْمَى

تَجُوْبُ الشَّمْسَ والأَقْمارَ؛ لا صَحْوًا ، ولا نَوْما!

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَلَا طُوْبَى لِمَنْ يُسْقَى شَمُوْلَ النَّشْوَةِ العُظْمَى!

* * *

ولٰكِنْ مَيْدَ(2) (طُوْبَى اللهِ)؟ أَيْقِظْ آدَمَ اليَمَّا!

تَدُوْسُ النَّارَ رِجْلَاهُ : نِضَالًا ، فَزْعَةً ، حَزْما

لِيَبْنِيْ مِنْ مَدامِعِهِ سَلالِمَ حَرْبِهِ سِلْما

إِلى فِرْدَوْسِهِ الأَرْقَى يَعُوْدُ كَما ابْتَدَا عَزْما!

* * *

فَذاكَ اللهُ يُنْبتُهُ قَصِيْدًا وَارِفَ النُّعْمَى

بِلا شَوْكٍ حَدَائِقُها ، إِذا وَرْدُ الهَوَى أَدْمَى

تُرِيْكَ الآيَةَ الكُبْرَى بِصُغْرَى الذَّرَّةِ العَجْما!

* * *

إِذا ما جِئْتَهُ يَوْمًا ، فَسَلِّمْ واسْتَلِمْ لَثْمَا

فَأَنتَ بِشامِخِ الأَكْوَانِ تَرْقَى القِمَّةَ الشَّمَّا

وأَنْتَ بِنَادِرِ العُمْلاتِ صِدْتَ الصَّفْقَةَ الحُلْما!

(1) من وحي قصيدة الشاعر الإيرلندي (Oscar Wilde، -1900)، بعنوان «A Lament».

(2) مَيْد: من مُهمل العَرَبيَّة، وما أكثره! مع أنَّها عبارةٌ مستعملةٌ في عِدَّة لهجاتٍ في (الجزيرة العَرَبيَّة). بمعنى: أُريدُ، وأسعَى إلى. ومن الأمثال الشعبيَّة: «مَيْد إبلهم، خذوا غنمنا». ونجد طَرَفًا من هٰذا الاستعمال في كتب اللُّغة، يقال: «فَعَلَه مَيْدَ كذا»، أَي من أَجْلِه. (انظر: الزبيدي، تاج العروس، (ميد)). وما في اللَّهجات مطابقٌ لهٰذا؛ إذ قولهم: «مَيْد كذا»، أي «سَعْيًا من أجله»، أو أنَّ «المُراد كذا». «ولٰكنْ مَيْدَ (طُوْبَى اللهِ)»: أي «ولٰكن إذا كنت تبغي ما طاب من نعيم الله خاصَّةً».

وسوم: العدد 965