مِنْ سُورِيَّةَ الْأَبِيَّةِ الْجَرِيحَةِ إِلَى صَامْسُونَ الجَمِيلَةِ الوَادِعَة

قِصَّةُ هِجْرَتِنَا مِنْ سُورِيَة إِلَى صَمْصُونَ بِتُرْكِية

قِصَّة في قَصِيدَة

بَعْدَ التَّلَهُّفِ , وَ الْعَذَابِ الْهُونِ           بَلَغَتْ سَفِينَتُنا ثَرَى صَمْصُونِ

مِن بَعْدِ تَهْجِيرٍ، و طُولِ تَشَتُّتٍ             و تَشَرُّدٍ ، و تَنَقُّلِي     كَظَنِينِ

و بُعَيدَ تَشرِيدٍ   بِداخِلِ سُورِيَا             مِن حَاكِمٍ - مُتَغَطْرِسٍ- مَأفُونِ

*********

سَبْعًا مِنَ المَرَّاتِ أجْلَيْنَا بِهَا             لِبُيُوتِنا ، و أقارِبٍ ، و قَطِينِ

ثِنتَينِ مِن "أعْزازَ لِلشَّهْبَا" إلى            "مَجْبِينَةٍ"، فَثَرَى"صَلاحِ الدِّينِ"

وإلَى"المُيَسَّرِ"، غِبَّها "لِـ"سَفِيرَةٍ"             فَلِـ "رَقَّةٍ"، أعْنِي حِمَى"هارُونِ"

و أخِيرَةٍ ؛ مِن رَقَّةٍ فَلِـ "تُركِيَا"             من جَوْرِ داعشَ عُصْبةِ التَّخْوِينِ

*********

فَعَقِيْبَ مُنْطَلَقٍ لَنَا ؛ مِنْ رَقَّةٍ             جِئْنَا - لِتُرْكِيَّا - على   كَانُونِ

بِالْكُرْهِ جِئْنَا ؛ مُتْرَعِينَ بِخَوْفِنَا              لُذْنَا فِرارًا مِنْ أَذَى دَعْشُونِ

مَا أَصْعَبَ الإِنْسَانَ يَتْرُكُ بَغْتَةً           رَبْعًا لَهُ بِالرَّغْمِ ، بِالسِّكِّينِ؟!

مَا أَحْزَنَ الْإِنْسَانَ يَتْرُكُ مَوْطِنًا             فِيهِ تَرَبَّى - مُنْعَمًا - لِسِنِينِ!!

مَا أَتْعَسَ الِإنْسَانَ يَهْجُرُ أَهَلَهُ            وَصَحِابَهُ ؛ لِيَعِيشَ كَالْمَحْزُونِ!

*********

مِنْ رَقَّةٍ لِعَزَازَ سِرْنَا   بُكْرَةً            وَ بِخُفْيَةٍ ، وَ بِحَسْرَةً ، وَ حَنِينِ

حَتَّى وَصَلْنَا"مَرْعَشًا" في مَوْهِنٍ            وَ بِهَا أَقَمْنَا ؛   مُدَّةَ   السِّتِّينِ

فَبَحَثْتُ عَنْ عَمَلٍ وَ لَمَّا لَمْ أَجِدْ           يَمَّمْتُ أُورْفَةَ   عَلَّها   تَأْسُونِي

وبِنِصْفِ شَهْرٍ بَعْدَهَا قَدْ فُرِّجَتْ            كُرَبي وَ زَالَتْ غُمَّتِي , بِيَقِينِ

فَبِـ"عَيْنِ تَابَ"لَقِيتُ شَهْمًا فَارِعًا         فِي الطُّولِ، وَالأَخْلَاقُ كَالنِّسْرِينِ

"حَسَنٌ أَبِيه" يُدْعَى فَلَمَّا جِئْتُهُ             لَبًّى طِلَابِي عَاجِلًا ، في الْحِينِ

إذْ قَالَ"لَا تَقْلَقْ" لِتَذْهَبْ مُسْرِعًا            هَيَّا فَبَادِرْ؛ سِرْ إِلَى"صَمْصونِ"

فَدَهِشْتُ لَمَّا أَنْ سَمِعْتُ بِإِسْمِهَا         وَ مَكَانُها - وَ اللهِ - جِدُّ شَطُونِ

وَ أَرَاحَ   قَلْبِي حِينَ رَدّدَ  أَيَةً             مِنْ آيِ ذِكْرِ اللهِ , ذِي التَّمْكِينِ

إِذْ   قَالَ رَبِّي لِلْخَلِيلِ  صَفِيِّهِ:         (أَسْلِمْ) ؛ فَلَبَّى أَمْرَ ذِي التَّكْوِينِ

نَزَلَتْ عَلَى قَلْبِي كَأَحْلَى بَلْسَمٍ             سَكِرَتْ بِهَا رُوحِي وَزَاد فُتُونِي

*********

ثُمَّ انْتَقَلْتُ لِأُورْفَةَ مِنْ سَاعَتي             بِتَلَهُّفٍ ؛   كَتَلَهُّفِ   الْمَفْتُونِ

فَحَزَمْتُ أَمْتِعَتِي وَسِرْتُ بِزَوْجَتِي           يَوْمَ الْعَرُوبَةِ ؛ ضَحْوةَ الْمَيْمُونِ

ثُمَّ انْطَلَقْنَا   ظُهْرَهَا  بِرَكُوبَةٍ          مِنْ أُورْفَةٍ نَبْغِي حِمَى صَمْصُون

سَارَتْ بِنَا تِلْكَ الرَّكُوبَةُ يَوْمَهَا          وَاللَّيْلَ - مُبْطِئَةً- كَـ "أَمِّ أَمُونِ"

حَتَّى   بَلَغْنَا  قَصْدَنَا  فِي مُدَّةٍ          سَاعَاتُهَا   تَرْبُو عَلَى الْعِشْرِينِ

*********

فَإِذَا بِصَمْصُونِ عَرُوسٌ جُلِّيَتْ           فِي حُلَّةٍ    مِنْ سُنْدُسٍ مَوْضُونِ

وَ يَلُّفُّهَا بَحْرٌ   يُحَاكِي عَاشِقًا             قَدْ ضَمَّ - مَعْشُوقًا لَهُ- بِحَنِينِ

فَاعَجَبْ لِحَسْنَاءٍ تُعَانِقُ غَاسِقًا            وَ تَضُمُّهُ ؛  فِي أُلْفَةِ و سُكُونِ

وَ اعْجَبْ لِبَيْضَاءٍ تُقَبِّلُ أَسْوَدًا             وَ تَلُفُّهُ   بِتَشَوُّقٍ    مَجْنُونِ

يَا حُسْنَهَا    مِنْ جَنَّةٍ خَلَّابَةٍ!          بِجَمَالِهَا الأَخَّاذِ ، وَ التَّكْوِينِي

هِيَ   لَوْحةٌ     فَنِّيَّةٌ    سِحْرِيَّةٌ            حُبِيَتْ  مِنَ الْبَارِي بِكُلِّ فُتُونِ

حَسْنا يَحَارُ الْعَقْلُ فِي أَوْصَافِهَا           قَدْ أُفْعِمَتْ بِالْحُسْنِ وَ التَّزْيِينِ

سُبْحَانَ خَالِقِهَا بِأَبْهَى صُورَةٍ             تُزْرِي بِـ "بِيكَاسُو"، وَكُلِّ فُنُونِ

سُبْحَانَ مُبْدِعِهَا بَأَجْمَلِ مَنْظَرٍ!          جَلَّتْ   مَحَاسِنُهَا عَنِ التَّبْيينِ

*********

*عن دَوَاوِينِي "صَمسُونيَّات"، و"إلَى مُتَيِّمَتِي سُورِيَةَ النازِفَة الجَرِيحَة"،

و"بنات تُرْكِيَة"، و"نُجوم ورُجُوم وبَلَاسِم وكُلُوم".

مناظر لمدينة صامسون الساحرة

sfghdgn9761.jpg

sfghdgn9762.jpg

sfghdgn9763.jpg

وسوم: العدد 976