قلق

الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا، إلا طائفة معدودة محدودة -جعلني الله وإياك منها!- تظل طوال حياتها الدنيا على قلق، كأن تحتها ريحا عاصفا لا تقر ولا تستقر! كان منها أبو حفص الفاروق -رضي الله عنه!- الذي نقش على خاتم حكمه "كفى بالموت واعظا يا عمر"، وصاحبه الذي حفر لنفسه في بيته قبرا يرقد فيه كل يوم قليلا لكيلا ينسى مآله فيهمل حاله، والربيع بن خثيم الذي كان يكافح النوم لكيلا يقبض على غير ذكر، وفيه قلت هذه القصيدة وأهديتها أشبه أصحابنا به (الأستاذ الدكتور زكريا سعيد)، رحمه الله:

مِنْ بَوْحِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ

تَخِذْتُكَ يَا لَيْلُ مَجْلًى كِفَاتَا وَأَنْتَ تَغُولُ رَجَائِي فَوَاتَا

غَدَرْتَ بِصُحْبَةِ عُمْرٍ نَشِيطٍ فَأَبْدَلْتَنِي مِنْهُ عُمْرًا مَوَاتَا

فَيَا حُسْنَ لُبْنَى تَجَلَّ تَكَشَّفْ لِتَجْلُوَ لِي مِنْ مَوَاتِي حَيَاةَ

وَتُبْدِلَنِي لِرَجَائِي وَخَوْفِي وَعِشْقِيَ مِنْ بَعْدِ مِلْحٍ فُرَاتَا

بُنَيَّةُ مَا لَكِ تَبْدِينَ وَلْهَى عَلَيَّ وَلَمْ أَغْدُ بَعْدُ رُفَاتَا

أَرَى النَّاسَ يَا أَبَتَا نَائِمِينَ وَعَيْنُكَ دَوْمًا تَعَافُ السُّبَاتَا

أَأَدْرَكْتِ وَيْلَاهُ عُودِي وَنَامِي فَإِنَّ أَبَاكِ يَخَافُ الْبَيَاتَا

وسوم: العدد 1020