في ذكرى سقوط الدولة العثمانية آخر حصون وحدة الأمة على علاتها الكثيرة...

في١ نوفمبر ١٩٢٢ أعلنت الجمعية الوطنية الكبرى عن إلغاء الدولة العثمانية بشكل رسمي، وغادر السلطان أسطنبول في ١٧ نوفمبر ١٩٢٢،  وضمنت معاهدة لوزان في ٢٤ يوليو ١٩٢٣ الاعتراف بالدولة التركية الجديدة،  وفي ٢٩ أكتوبر ١٩٢٣ أعلنت الجمهورية التركية.

لقد انتهت الدولة العثمانية بشكل نهائي وذهبت إلى متحف التاريخ...

وبمناسبة مرور ١٠١ سنة على انتهاء تلك الدولة العظيمة التي كانت على الرغم من سلبياتها الكثيرة هي بمثابة عقد النظام الذي أدى انقطاعه إلى فرط العقد وضياع حباته... وفي هذه المناسبة  لا بد أن نتذكر بعض ما قاله أمير الشعراء في الدولة العثمانية العلية، ومنه ما جاء في قصيدته التي مطلعها:

*بعثوا الخلافةسيرة في النادي*

ومنها هذه الأبيات الجميلة:

غنيتها لحنا تغلغل في البكا

يا رب باك في ظواهر شادى

ونصرتها نصر المجاهد في ذَرا

عبدالحميد وفي جناح رشاد

ودفنتها ودفنت خير قصائدي

معها وطال بقبرها إنشادي

حتى أتُّهمت فقيل تركىّ الهوى

صدقوا هوى الأبطال ملء فؤادي

وأخي القري وإن شقيت بظلمه

أدنى إلىّ من الغريب العادي

والله يعلم ما انفردت وإنما

صوّرت شعري من شعور الوادى

رحم الله تعالى الشاعر أحمد شوقي

***

وبهذه المناسبة.. وعلى خطى أمير الشعراء قلت هذه الأبيات:

اليوم ذكرى الهم والأحزان

وزوال عهد الحاكم العثماني

هوت الخلافة واستبيحت أمة

كانت تدك معاقل الطغيان

ماكان يركع أهلها في دهرهم

لشرائع الشيطان والأوثان

كلا ولا هانوا ولم يستسلموا

إلا لرب قاهر ديان

كانوا نجوما للدنى وملاذة

للخير والأديان والإنسان

كانوا السيوف لعلعت أنوارها

بدجى المعارك في ثرى الميدان

وهم الأسود أسود كل حروبهم

وهم الغيوث للهفة الظمآن

فتبدلت أحوالهم وسعودهم

والدهر لا يبقي على بنيان

***

هوت الخلافة بالدسائس حولها

وانهد صرح المجد والإيمان

وتشرذمت من بعدها أقطارها

وتخلفت بالظلم والبهتان

من بعد ما شادوا الحضارة للورى

تاهوا كتيه الصم والعميان

خوف وجوع ساد في أقطارها

والحرب تنهش سائر الأركان

كانوا رءوسا للورى واليوم هم

ركب من العاهات والخصيان

هجروا المعالي وحدها كيتيمة

والشغل بالأموال والنسوان

***

قد مر قرن والسفينة وحدها

في التيه والأمواج والنسيان

قبطانها في حيرة من أمرهم

ركابها يبكون كالولدان

يا رب أرشدهم لمرسى شاطئ

أنت الجواد ودائم الإحسان

لتعود عزتنا وتحيا أمة

بالعلم والتوحيد والميزان

***

نحن المنارة والحقيقة والهدى

شهدت لنا في ذلك الثقلان

لله أمر بلادنا ورموزها

حازت لكل فضائل الأوطان

فنبينا خير الورى وكتابنا

دستورنا للمجد والعمران

والكعبة الغراء قبلتنا التي

نزهو بها في سائر البلدان

ولد الكليم بمصرنا وبمهدنا

ولد المسيح المشرق النوراني

أرض المعارف والجمال بلادنا

والشعر والأحلام والتحنان

***

وليرحم الرحمان كل جدودنا

الراشدين على خطى العدنان

وبني أمية فاتحي غرناطة

ورموز أمتنا ذوي الإحسان

من كل مغوار يجود بروحه

أو كل حبر رائع التبيان

فتحوا البلاد وحرروا سكانها

في الهند والقوقاز والبلقان

وليرحم الرحمن كل خليفة

من نسل عباس ومن عثمان

قد أحسنوا .. ولئن أساءوا مرة

فالله ذو الرحمات والغفران

***

لله أمتنا عظيم شأنها

هي أمة العلماء والفرسان

هيهات يتركها الإله لوحدها

الفجر آت من دجى الأحزان

وسوم: العدد 1072