الخطبُ عنوانُ الفلاح

(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ *وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ )

171/172/173/ سورة والصَّافات

وجرِّدْ بمَيدانِ الصُّروفِ عزيمةً = تشدُّ أبيَّ النفسِ إذ يسمعُ القولا

لقد سبقتْ أقدارُ ربِّك مَن بغوا = فوافتْهُمُ الأقدارُ تبعثُه هولا

فللمسلمين النصرُ والعزُّ حسبُهم = من اللهِ والأعداءُ يخزيهمُ ذُلاَّ

فَجُنْدُ إلهِ العرشِ لم يُخذلوا ولم = يجدْ شانئُ الأبرارِ يومَ الِّلقا مولى

هو الله مولى المسلمين ولم يكن = لقيصر أو كسرى ضلالُهما يُتْلَى

فهنِّئْ شعوبَ المسلمين بمصحفٍ = وسُنَّتُتُهم بعد الركون هما الأولى

ومَن يرهبِ الطاغوتَ عاشَ مقيَّدًا = بأغلالِ ذا الطاغوتِ والتاعَ واعتلَّا

وهل هبَّ شعبٌ من دياجيرِ ذلَّةٍ = بغيرِ المآسي أيقظتْ روحَه المُثلَى !

هي الدربُ للمجدِ الكريمِ ومَنْ يهنْ =يَمُتْ تحتَ أقدامِ الهوانِ مع القتلى

أتينا رجالا للجهادِ ولم نعشْ = على الأرضِ خوَّارين لانألفُ النُّبلا

لنا الصَّدرُ بالإسلامِ عشنا ولم نكنْ = مدى حقبِ التاريخِ للمعتدي ذيلا

سلو الفرسَ والرومانَ في كلِّ وقعةٍ = سلوا مشرقَ الدنيا ومغربَها سُؤلا !

تفيضُ بشرقِ الأرضِ خيراتُ ديننا = وفي الغربِ آياتُ الفخار بنا تُتْلَى

فياويح قومي ضيَّعوا المجدَ بالهوى = وهانوا أمامَ الخطبِ واستعذبوا الظِّلَّا

هو الدِّينُ قد أحيا القلوبَ فسِفرُه = صحائفُ لايذوي جناها ولا تبلى

بلونا الليالي في القرون فما بدا = أجلَّ من الأرزاءِ فيها ولا أحلى

نهضْنا بها والخطبُ أوقد نارَنا = فمَن جاءَ يغزونا بنارِ الفِدا يُصلَى

فسلْ عينَ جالوتٍ وحطين إذ جلا = مشارفَها النصرُ المبينُ بما أملَى

خطوبٌ تحدَّتْ كلَّ بادٍ وحاضرٍ = وعجَّت على أشلائنا تنشرُ الهولاَ

وقطَّعت الأرزاءُ سِفرًا مقدَّسًا = فأيامُنا شكوى ، وآمالُنا ثكلى

سيوفُ الصَّليبيين بالحقد أمعنتْ = بأطفالِنا ذبحًا وأشياخنا قتلا

وفاضت دماءُ المسلمين سخينةً = على حرمِ الأقصى فهيهات أن تُسلَى

تذكِّرني أطيافُها صورةَ الأسى = بوجهِ فلسطين الذَّبيحةِ إذ يُجلَى

فأين البطولاتُ التي قد تسعَّرتْ = فما وهنتْ جبنًا ولا أخَّرتْ رِجلَا !

وأين صدى التَّكبيرِ يرعبُ مَن طغى = ويُملي على الناسِ المآثرَ والفضلا !

وأين الحُماةُ الصِّيدُ من أُمَّةِ الهدى = يعيدون للدنيا الصَّباحَ الذي ولَّى !

أراهم أباةً قادمين كأنَّهم = تدفُّقُ سيلٍ في المدى يدفعُ السَّيلا

أراهم أراهم كالضياءِ إذا همى = وكالأمل المرموقِ من رحمةِ المولى

أراهم شبابا في الشِّعاب وفي الربا = وفي ألقِ الإصباحِ إن فجرُه هلَّا

تدورُ تصاريفُ الزمان وإنَّما = أرى قوَّةَ الإيمانِ تمتلكُ الحولَا

ومَن باتَ يخشى الموتَ فالموتُ قادمٌ = بساحِ المنايا والشَّهيدُ هو الأعلى

أتتْ من بطون الغيبِ لاهبة الظُّبا = كتائبُ للديَّانِ تقتحمُ الهولا

تردُّ جماحَ المعتدين أبيَّةً = وتلوي يدَ الطغيانِ والغدرَ والختلا

وتسمعُ أُذْنُ العصرِ تكبيرَ أُمَّةٍ = وتروي بأحداثِ الزمان لها فصلا

هو الوعدُ والإسلامُ آنَ أوانُه = فيا لأُباةٍ هم كتيبتُه المُثلَى

*نشرت في مجلة حضارة الإسلام الدمشقية السَّنة العشرون

العدد الثاني ربيع الآخر 1399ه آذار 1979م

وسوم: العدد 1077