هوامش :
(1)الموَّار : مبالغة المائر، ريح موارة : شديدة تثير التراب.
(2)تقاطرَ : توافَد، توارَد، جاؤوا أَرسالًا أَرسالًا.
(3) النُّوَّار : نُوَّار هو اسم علم مذكر ومؤنث من أصل عربي، وهو الشديد النور .
الشَّرُّ في عصرِ الأذى الموَّارِ = أبدى العداءَ لشرعةِ المختارِ(1)
ولدعوةِ الأبرارِ في أمصارِهم = ولنشرِ مافي الكفرِ من أوزارِ
يتنوَّعُ الإيذاءُ في أيدي الذين . = . استأسدوا بالنَّابِ والأظفارِ
يهفون بالغدرِ المُبَيَّتِ عنوةً = والشَّرُّ عنوانُ الأذى والعارِ
هو لم يزل يحكي طبيعةَ بغيِهم = حربا على دينِ القويِّ الباري
واستلَّ سيفَ الحقدِ من غِمدِ اللظى = في نورِ وجهِ فيالقِ الأبرارِ
وتقاطرَ السُّفهاءُ أرسالا إلى = أركانِ مجدِ الأُمَّةِ الزَّخارِ(2)
يبغون هدمَ الإرث إرثِ حضارةٍ = في الأرضِ إسلامية الآثارِ
ولقد أتوا على أمنِ العبادِ فعربدوا = بالقتلِ والتدميرِ كالإعصارِ
فرحابُ أقطارِ العبادِ لأُمَّةٍ = عربيَّةٍ باتت على أخطارِ
وتتبَّعَ الأشرارُ أمصارًا بها = مَن آمنوا طوبى بدينِ الباري
وهي المآسي والمجازر أمعنتْ = في المسلمين بمعظمِ الأقطارِ
ويردُّ إيماني فداحةَ بغيِهم = إنِّي وربِّك لستُ بالمنهارِ
فالصَّبرُ معْ حُسْنِ اليقينِ بربِّنا = مهما تجنَّتْ موجةُ التيَّارِ
ولربما يعرو الأسى قلبي لِما = يلقى من الأرزاءِ والإنكارِ
لكنْ وقد هبَّتْ نسائمُ رحمةٍ = بشَّتْ بوجهِ المُبتَلَى والسَّاري
فكلاهما شَعَرَا بوطأةِ غفلةٍ = ألغتْ شعورَهما بحالِ فَخارِ
فاستيقظا واستعذبا قيمَ الهدى = للعزِّ نادى القومَ للإبصارِ
مَنْ لم يرَ الإسلامَ سرَّ فلاحِه = فلقد هوى بالعزِّ في الأغوارِ
فالشَّوقُ لا أدري أزادُ مُوَلَّهٍ = أم نارُ وجدٍ في الجوى الموَّارِ
أغناهٌ حبُّ نبيِّه فتهلَّلَتْ = أيامُه بالبِشرِ والأنوارِ
وكأنَّما ليلُ الشجونِ سينجلي = ويطيبُ نفحُ صباحِه المعطارِ
ويطيبُ في مسعى النجاةِ مسيرُنا = مستأنسا بمباسمِ النُّوَّارِ(3)
وهو الكتابُ وفي محيَّاه انجلى = نورُ النُّبُوَّةِ لاحَ للتذكارِ
وهمتْ من الآفاقِ غيماتُ المنى = فاخضرَّ وجهُ الأرضِ بالإعمارِ
وأفاقَ فجرٌ من غياهبِ ظلمةٍ = متألِّقًا بالفخرِ والإكبارِ
دينُ الحبيبِ . فلا الضلالُ يقودُنا = أبدًا ولا أُكذوبةُ الفُجَّارِ
وأتى الهدى فالجاهليَّة أدبرتْ = بفسادِها الممقوتِ لاستكبارِ
والجاهليَّة في مراحِ زمانِنا= تنهارُ قيدَ الزيغِ والمزمارِ
لم يبقَ إلا الحقُّ في دينٍ أتى = للعالَمين برحمةِ الغفَّارِ
هذا النَّبيُّ فياممالكُ إنَّه = نبأٌ أتاكِ بأصدقِ الأخبارِ
جاء الهدى فالعربداتُ تعفَّنتْ = بفسادها الخطَّار في الأقطارِ
ردِّي على المتشدقين خبالَهم = في كلِّ ماعجنوهُ من أفكارِ
قد جاءنا القرآنُ فلْيَنْهَضْ به = للمجدِ سبَّاقا بنو الأثُّوَّارِ
لم نلتفتْ لحضارةٍ موبوءَةٍ = بعطائها المنسوجِ بالأوضارِ
أو نعترفْ يوما بعولمةٍ جنتْ = بدخانها عبثا على الأبصارِ
مَن عاشَ للإسلامِ لم يطمعْ بما = عند الغواةِ من الذَّميمِ العاري
أم يُغرِه لمعانُ زيفِ بهارجٍ = ساقتْهُ في مكرٍ يدُ التُّجارِ
خابوا فلم يشهدْ لهم أهلُ النُّهى = بنجاحِ مسعاهم بأيِّ مسارِ
يكفي بنو الإسلامِ معجزةً لهم = لم تَبْلَ رغم تعاقبِ الأدهارِ
هذا الكتابُ ولم تزل آياتُه = تُتْلَى كما نزلَتْ على المختارِ
بشرى لكم أهلَ المصاحفِ فزتُمُ = واللهِ بالأسمى بهذي الدَّارِ
ومدارسُ التحفيظِ موئلُ فخركم = أكرمْ بها من موئلٍ ومنارِ
هي أكرمُ الأفياءِ في دنيا الورى = وأعزُّ ما مافي الأرضِ من آثارِ
فشبابُها الظمآنُ ينهلُ هَدْيَه = منها فيالدفوقِه الزَّخارِ
يتوافدون وللمثاني سعيُهم = في ليلِ ذكرٍ حافلٍ ونهارِ
مانامَ جندُ الله في عصر طغى = جندُ الضَّلالِ وعسكرُ الكفَّارِ
فَعَنِ الثُّغورِ ركابُهم لم ترتحل = فَهُمُ رسالةُ فيلقِ الأبرارِ
ذهبوا بسابقةِ الفخارِ وقد دعا = داعي الجهادِ لشرعةِ المختارِ
يتبوؤون ظلالَ رحمةِ ربِّهم = والنَّاسُ في قلقٍ بغيرِ قرارِ
هاهم على هامِ الفخارِ أفاضلا = بثيابِ مجدٍ طُهِرَتْ من عارِ
ما ضرَّهم حشدُ الطغاةِ بعصرِهم = والعصرُ ذو خللٍ وذو أخطارِ
فضحَ الشَّبابُ المؤمنُ المقدامُ في = غَمْرِ الخطوبِ مثالبَ الأشرارِ
واستبسلُوا في ساحةِ العزِّ التي = شهدتْ لهم بالبذلِ للأعمارِ
ضمَّتْ مشاعرَهم مغاني رِفعةٍ = تسمو بفكرتها على الأفكارِ
آياتُ قرآنِ النَّبيِّ المجتبى = هي للهداةِ بدايةُ المشوارِ
وبحكمه عملُوا وفي روضاته = رتعوا بلا وصبٍ ولا إنكارِ
وتجاوزوا بالبيِّناتِ وُعورةً = هاجَ الأذى فيها على الأمصارِ
ومضوا يصونُ خُطاهُمُ ربُّ الورى = ممَّا بتيهِ الغيِّ من إقفارِ
بشراكمُ إذ ترتقون وفي الدجى = يحلو ارتقاءُ القلبِ والإبكارِ
بتلاوةِ القرآنِ ثم تدبُّرٍ = للآيِ ثمَّ بأدمعِ استغفارِ
فهو الغِنَى والعزُّ في أكنافِه = والمانعُ القُّراءَ لفحَ النَّارِ
وهو الدَّليلُ إلى فراديس العلى = يوم الحسابِ لأهلِه الأبرارِ
جلَّتْ مآثرُه فأُمَّتُنا به = لم تَحْنِ هامتَها مدى الأدهارِ
ما زال مصحفُها ينيرُ مسيرَها = رغم الظلامِ و وطأة الأكدارِ
مازال يُلهمُها العزيمةَ بكرةً = وعشيَّةً رغم العدوِّ الضَّاري
ويردُّ عنها بالبراهين انجلَتْ = صدقًا حنادسَ مِلَّةِ الفُجَّارِ
الحاملون الإرثَ إرثَ نبيِّهم = نورًا يفيضُ سناه في الأمصارِ
لبُّوا نداءَ طهارةٍ قدسيَّةٍ = وسُمُوَّ نفسٍ في ثيابِ فخارِ
ومجالسُو وحيِ النُّبُوَّةِ ضمَّهم = رضوانُ ربٍّ دافق الأنوارِ
تزهو بهم خُضْرُ الروابي ما نأتْ = عن حُلوِ ذكرِ اللهِ في الأسحارِ
يتلون في الآناءِ قرآنَ الهدى = ياطيبَ نفحِ الشَّوقِ في الأخيارِ
وأجل من طيبِ السعادة عندهم = ليل الخشوعِ على صدى الأذكارِ
فرشوا الدُّجى بالأُنسِ بعد محبَّةٍ = للهِ ذي الإجلالِ والإكبارِ
تبكي مآقيهم إذا نامَ الورى = طمعًا برضوانِ الكريم الباري
بشرى لكم أهلَ المصاحفِ إنَّها = رفعَتْ مكانتَكم مع الأطهارِ
من أنبياء ومرسلين بجنَّةٍ = يحكي منازلَها نَدَى الغفَّارِ
عشتُم بدنياكم سُمُوَّ شبابكم = أُتْرُجَّةً فوَّاحةً بالغارِ
ما أجملَ الفتيانَ في أيَّامهم = تتورَّدُ التَّقوى بزهوٍ سارِ
ما أجملَ الدنيا بوجهِ شبابها = وكهولها في واحةِ الأسحارِ
تغشاهمُ الرَّحماتُ لاتُبْقِي لِمَنْ = ذاقَ الهنا من حسرةٍ ومرارِ
عافوا ملاحاةَ النفوسِ يسوقُها = هذا الحطامُ خسارةً لتبارِ
قد هذَّبَ الإنسانَ دينُ نبيِّنا = يغشى مآثرَه سنا استبشارِ
ما أجملَ الدنيا بدين محمَّدٍ = فيها تفيضُ مدامعُ استعبارِ
لحُنُوِّ مافي الدِّينِ من رحماته = وبشارةٌ من ربِّنا الغفَّارِ
كرمُ الرحيمِ إذا تولَّى عبدَه = أغناهُ لا بالقصرِ والدُّولارِ
بل بالرضا وسعادةٍ ثجَّاجةٍ =نفحاتُها بالواردِ المدرارِ
يُحيي بقلبِ المؤمنِ الأتقى هوى = يسري شذاه على الجنى المحبارِ
يحيي لنا بالأُنسِ عن عين رأت = حالا أطلَّ برفعةٍ و وقارِ
ولربَّ قلب لجَّ في آثامِه = وإلى الذنوبِ انحازَ والأوزارِ
فأتاهُ صوتُ هدايةٍ و رعايةٍ = أودى بغفلته إلى استحقارِ
فأثابَ للإيمانِ واستهدى بما = وهَبَتْهُ حُجَّتُهُ من استنفارِ
لو أُنزلَ القرآنُ ياهذا على = جبلٍ لدُكَّ وقد تجلَّى الباري
لكنَّ أهلَ الكفرِ فيه أمعنوا = بالإثمِ والعدوانِ والإنكارِ
وسعوا بها حربًا على إسلامِنا = وعلى معاقلِ جندِه الأبرارِ
وهنا حملْنا للجهادِ لواءَنا = رغمَ الهوى مستورد الأفكارِ
باءتْ تجارتُهم لسوءِ فسادِهم = وسقوطِ كِبرِ الطيشِ في الأغوارِ
أَوَلَمْ يروا أسلافَهم إذ أمعنوا = بجحودِهم والكفرِ بالأقدارِ
ماذا أصابَ من المهالك حالَهم = لم تُحتَجَبْ أبدًا عن الأنظارِ
باتوا لِمُعْتَبِرِين في الدنيا لمَنْ = زاغتْ بصائرُهم لِغَيٍّ جارِ
هذي عقيدتُنا رسالةُ ربِّنا = ربِّ الوجودِ فليس من إقصارِ
فَمَنِ ارتأى غير الحنيفِ ديانةً = فقدِ اسْتُجِرَّ لأبشعِ الأطوارِ
عودوا لبارئكم وتوبوا توبةً = تُمْحَ الذنوبُ فليس من إعسارِ
واللهُ ذو فضلٍ فما خابَ الذي = ألقى مثالبَه لدى الغفَّارِ
والويلُ ثمَّ الويلُ للعاصي إذا = عاشَ الحياةَ ببيئة الكفَّارِ