فتنٌ أسواقُها رائجةٌ !
لاتَسَلْني عن مآلِ المُقْعَدينْ = وتأمَّلْ في جموعِ المسلمينْ !
فانزوتْ حزنا على أُمَّتِها = تسألُ اللهَ لها أنْ تستبينْ !(*)
* * *=* * *
تاهتِ الأمَّةُ في غابِ الونى = واضمحلَّ العزُّ قيدَ الغيهبِ
يوم صاحتْ بنتُها لمَّا لوى = يدَها كفُّ أذى المغتصبِ
وبكتْ لكنَّها ماوجدتْ = حين نادتْ من أبيٍّ يعربي !
إنَّ مَن نادت توارى وطوى = صفحةَ الفخرِ التي في الكتبِ
فَلِمِلْيَارَيْنِ اسمٌ لم يزلْ = ميِّتَ الإحساسِ أسرَ الأجنبي
غيَّبُوا دينَ البطولاتِ التي = جاءَنا يومًا به أغلى نبِي
* * *=* * *
قد تداعوا لحمانا عنوة = يحملون الحقدَ تبًّا والفناءْ
أدلجوا فاقتحموا أربُعَنا = والمغاني الخضرَ فيها والسَّناءْ
لم يبالوا بالمزايا مجدُها = من عطايا بيِّناتِ الأنبياءْ
أوحوشٌ أُفلتَتْ من غابها = أم حشودٌ من رعاع السُّفهاءْ !
فأجبْني كيف تُخْفِي بغيَهم = وتُواري مابه المذمومُ جاءْ !
هو عصرٌ فيه ماتتْ رفعةٌ = لبني آدمَ قد أضحتْ هباءْ
* * *=* * *
ماعرفنا في لقاها من غيابْ = في خطوبٍ عاصفاتٍ وغلابْ
والمصابُ المذهِلُ العينَ وقد = جاءَ بالإيذاءِ والأمرِ العجابْ
فتنةُ الدنيا بما في يدهم = ألجأتهُم لدياجيرِ الخرابْ
هي في سوق الهوى غربلةٌ = بين هَرْجٍ وفسادٍ واضطرابْ
فغثاءٌ سيقَ في طوفانه = كلُّ طاغٍ وشقيٍّ ... لعقابْ
وسيبقى ركنُنا الأعلى لِما = شاءَ ربُّ العرشِ في أجلى خطابْ
* * *=* * *
فتنٌ أسواقُها رائجةٌ = تتوالى اليوم بالأمرِ الجسيمْ
إنَّه العصرُ الذي أدركه = مَن لديه الدِّينُ بالفعل الحكيمْ
فتنٌ للشَّرِّ يربو أمرُها = في عُتُوٍّ والأذى فيها أليمْ
حينها تعلمُ ياهذا الذي = يشتكي الأحداثَ والخطبَ الشَّتيمْ
أنَّك النَّاجي إذا ما أرعدتْ = بالملمَّاتِ المنايا والهزيمْ
مَنْ أتاها مؤمنا ذا عزَّةٍ = لم يُلَوِّعْهُ رئيسٌ أو زعيمْ
* * *=* * *
أوهَنَتْ أُمَّتَنا آثامُها = فتلاشى عزمُها المُستَغْلَقُ
إذْ قَلَتْ في الحكم دينَ المصطفى = واستُرقَّتْ ذلَّةً لاتنطقُ
ومَنِ انحازَ لتجَّار الهوى = وَجَدَ الثُّكلَ عَنَاءً ينعقُ
من هنا أُمَّتُنَا في حيرةٍ = بين دنيا أممٍ لا ترفقُ
فهنا في الأرضِ طغيانٌ فلا = يجدُ المفلسُ سوقا يغدقُ
فمصيرُ المفلسين الضُّعَفَا = ذلَّةٌ بين الورى لاتنطقُ
* * *=* * *
وإلى القادم من أُفْقٍ حلا = مرحبا أهلا بدنيانا هلا
جئْتَ باليُمْنِ إلينا رحمةً = حيثُ تُرجَى لتُشِيْدَ المنزلا
ويطلُّ العفوُ من ربِّ الورى = يبعثُ العزمَ ويُحيي الأملا
بُشْرياتُ الخيرِ في أسفارِنا =زهوُ مجلاها إلينا أقبلا
بالمثاني اليومَ أوفتْ سيرةً = لخصالِ الفضلِ كانت أجملا
ولديه سُنَّةُ المختارِ لم = يَطْمِسَنْ طيبَ شذاها مَنْ قلى
* * *=* * *
أيُّها المُلْهِمُ في كفَّيْكِ مأ = يمسحُ الأشجانَ عن صدرِ الأبيْ
جئتَنا والأملُ الغالي همى = للمحبِّين بِشَهْدِ السُّحُبِ
إذْ رأى في وجهكم أُمنيةً = في المعين الطيِّبِ المنسكبِ
ورخاءً في يديه ومُنى = وأمانا من فساد الأجنبي
وانطلاقا للمعالي بالهدى = هَلَّ بالبشرى بأغلى موكبِ
عزُّنا بالدِّينِ لا في لهوِهم = إذْ حملْنا للورى هَدْيَ النَّبي
* * *=* * *
جئتَ والدنيا بحزنٍ غرقتْ = ما بها للفضلِ والخير ارتقاءْ
ذا زمانُ الشَّرِّ في منطقه = ما نراهُ من صنوفِ الكبرياءْ
والملاهي والأغاني والهوى = وبمرماها تنادى السُّفهاءْ
يجمعُ العصيانُ فيها من لهوا = فلياليهم خمورٌ و نساءْ
بئس حشدُ السُّوءِ في أمتنا = فبه أنكى وأدهى ما أساءْ
أيُّها الشَّاكي بمغناك الذي = فيه من مُثْلَى أمانٍ وهناءْ
* * *=* * *
إنَّما الأبرارُ قد ساروا على = مدرجِ الفضلِ الجميلِ الممتعِ
تتَغنَّى فرحا أفواجُهم = ورفيفُ الشَّوقِ بين الأضلعِ
بالحِجَى والتقنيات انطلقُوا = والفتى من زادها لم يشبعِ
هكذا جدُّوا وهذا دأبُهم = وهُداهم فيه أغلى مطمَعِ
هم بنُو القومِ الذين استعذبوا = قبلَ كلِّ النَّاسِ طيبَ المنبعِ
سيعودُ النُّورُ في ظلمتهم = وتُولِّي عربداتُ الشِّيعِ
* * *=* * *
أيُّها المُلْهِمُ أرسى نهضةً = في محيَّاها ازدهارٌ ويقينْ
لهناءِ الشَّعبِ واطمئنانه = فالطموحاتُ بأيدي المسلمينْ
في نفوسٍ حُرَّةٍ توَّاقةٍ = تبتغي رفعَتَهَا في العالمينْ
جئتَها تُغْني خطاها قُوَّةً = وتقودُ الركبَ وضَّاء الجبينْ
جئتَ بالقرآنِ إذ يحلو الجنى = في سلال الأوفياءِ الصَّادقينْ
وأبو الزَّهراءِ روحي دونه = لم يَدَعْنا في البرايا حائرينْ
* * *=* * *
سرْتَ فينا في الميادين التي = أكرمتْ أهلَ الهدى في الدُّولِ
وتسامى بالهدى تاريخُنا = بمثاني دينِ خيرِ الرُّسُلِ
وعلا موئلُنا من سُنَّةٍ = قِمَّةً ليس لها من بدلِ
إنَّ مجدًا ليس يخفى شأنُه = وفخارًا بالهدى إذ ينجلي
صوتُنا للهِ يعلو شأنُه = إن دعا الدَّاعي لأمرٍ جَلَلِ
ما لدينا من رواياتٍ سوى = ما تجلَّى وجهُها بالأجملِ
* * *=* * *
أيُّها الشَّاكي بمغناك فقمْ = طالَ واللهِ بدنيانا القعودْ
ليس للركبِ الذي يرمُقُه = كلُّ مَنْ في كونِنا هذا الهجودْ
أَلَهُ حالُ الركونِ اليومَ في = عالَمٍ مضطربٍ بينَ القيودْ !
وهو المأمولُ للجُلَّى وقد = أُهلِكَ الأخيارُ في عصرِ الجُحُودْ
وأذلَّ النَّاسَ فيه لُكَعٌ = وابنُ خِبٍّ آثمٍ وغدٍ مريدْ
فانتهضْ : مولاك لبَّى مَنْ سعى = فَلَكَ التَّأييدُ من ربِّ الوجودْ
* * *=* * *
هو خطبٌ بأسُه أذهلَنا = فكأنَّا في يَدَيْ يومِ التَّنادْ
ولربِّ الناسِ نشكو ضعفَنا = والضَّراعاتُ تولاَّها الفؤادْ
وعيونٌ بالمآسي انبجستْ = دافقاتٍ من حناياها الصَّوادْ
ربِّ أدركْ أُمَّتي من محنةٍ = أذهلَتْها في متاهات الحِدادْ
ليس تنأى رحمةٌ عنَّا وكم = قد رأيناها فليستْ في نفادْ
نحنُ من أهلِ المثاني لم نزل = والنَّبِيُّ المصطفى ياخيرَ هادْ
(*) تستبين : استبان الأمرُ بان ، ووضح وظهرت معالمه . (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) ، (وَءَاتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ) . استبان : استوضح ما أشكل عليه في الأمر فتعرّفه جيدًا .
وسوم: العدد 1128