عباءة الدم

عباءة الدم

شاعرة سورية

(أستثنى من عتبي على بعض المثقفين العرب غالبية الشعب الأردني بطيبته وأصالته وحسن ضيافته).

من جلدِنَا نسُجوا العباءه

قد نهشوا من (حمزةَ) رُقَعَا

من شَقِّ جيوبِكِ يا درعا

من إزاراتِ الحرائرْ

من جُزازاتِ الضفائرْ

من كلِّ جراحاتٍ وَجَعَا

***

عباءتُكُمْ هذي المشغولَهْ

من كفنِ رضيعٍ في (الحُولَهْ)

لن تستروا فيها عورتَهُ

وعروبةَ عارٍ مَنْحولَهْ

من تحتِ الردمْ

***

لو كان لكمْ

في نفقٍ أعمى مغتصبهْ

لو ذُقتمْ يوماً في مسلخْ

فكَّ الرَّقبه

أرغفةَ الدمْ

لو أن لكم حِسَّاً أرفعْ

قلبا يدمى

عينا تدمعْ

لو كنتمْ يا عربٌ عربا

***

هذي الطُّررُ

هذا القصبُ

من وَتَرِ حناجرَ

قد قُدَّتْ

هذا القصبُ

عربٌ عجمٌ

عربٌ عجبُ

هذا الصخبُ

من رَجْعِ رنينِ (التُومَانِ)

هذا الصخبُ

***

هل رَاعَكَ إفْكُ الخِصيانِ

في حُضْرَةِ هولاكو العصرِ ؟!!

في جُحْرِ سراديبِ القصْرِ

هل جاءك من سبأٍ نبأٌ ؟!!

من قلب عروبتك النابضْ

من جُحورِ الأرضِ

من سِرْدابِها

حيث يثوي الرعبُ

في أحْداقِها

خفافيشُ أمنِكَ

فرعُ مصَّاصي الدماءْ

هنا تُسعَفُ بالسَّلخ الجروحُ

وَيُكَبُّ الكِلْسُ في أشداقِها

هنا يُمارِسُ القوميونَ

الطائفيونَ

الساديُّونَ

هوايةَ الحفرِ على لحمِ الصدورْ

بالخنجرِ ... بالساطورْ

هنا سَّجادةُ الحمراءُ

من نَزْفِ الظهورْ

والسيِّدُ البسطارُ يَرْتَعُ

في وجوهٍ في نحُورْ

وأفاعي الكهرباءِ

في الرُّعاشِ في العُواءِ

هنا يُدْبَغُ الجلدُ

على حدِّ الإباءِ

والمقاومةُ الصمودُ

بالسياطِ وبالحذاءِ

في مَسْلَخِ بعثِنا

الصمدِ التليدْ

***

عباءتُكُمْ هذي مُقاوِمةٌ

وممانِعَةٌ عَرَبَاويةْ

أُقسمُ بجلالِ الإيوانِ

وبكسرى آنوشروانِ

بصكوكِ مبيعِ الجولانِ

***

يضحكُ محتلُّهُ في سرِّهْ

كم زرتُهُ يوماً في قصرِهْ

في نزهةِ جوٍ خُلَويَّهْ

ورأيتُهُ في عينِ الصبحِ

بِمَنَامَتِهِ

يتمطَّى فوقَ أَسِرَّتِهِ

وغداً بمساءٍ ألقاهُ

يزهو يزهو بعباءتِهِ

في رهطٍ من شبيحتِهِ

***

لم نرصدْ يوماً بارجةً

في ساحلِهِ حينَ القَنْصِ*

لم نلمحْ يوماً صاروخاً

بمُفَاعِلِهِ آنَ القصفِ

أو زحفاً في عِين الصاحِبْ

لمَراجِلِهِ

سلْ عنهُ بحقِكَ (جمْرايا)

عن زمنٍ آتٍ وملائمْ

قد تُبْلي بحمصَ كتائبُهُ

وتعمُّ الغوطةَ أسلابُهْ

وغنائِمُهُ

لا يعلمهُ إلا اللهُ

***

نشوانُ بدمِّ عشيرتِهِ

يُضرِمُ أدواحَ بلابلِهِ

يقتاتُ بجثةِ أطفالِهْ

يكرعُ من دمعِ حرائرِهِ

يَحْطِمُ أعناقَ مآذنِهِ

يَهْشِمُ أضلاعَ محاريِبهْ

ويثورُ يثورُ لأقصاهُ

ويهيمُ بغمرةِ أحزانِهْ

فتقولُ: الآنَ الآنَ وليس غداً

سيُجَيِّشُ صفوةَ فرسانِهْ

ويهبُّ يهبُّ لنجدتِهِ

ذَوْداً عنهُ عن قبلتِهِ

فإذا أقصاهُ بحورانِهْ

والقدسُ تئنُّ بغوطتِهِ

وتحارُ أحمصُكَ هذي واعربا ؟!!

أمْ أنَّها هضبةُ جولانِهْ

يُنْكِرُ في صَلَفٍ خِسَّتَهُ

ويَسُبُّ تخاذلَ عربانِهْ

***

يستنفِرُ غلمانُ الفرسِ

بجوامعِنا غلمانُ الفرسْ

ويجودُ علينا بحكمتِهِ

بمواعظِ خِزيٍّ قوميَّهْ

يستعذبُ ذمَّ العربانِ

بصفاقتِهِ

عربيُّ العربِ العاربةِ

بعمامةِ غلٍّ صفويَّهْ

***

يحكى أنَّ شيخَ الإسلامِ

قد أهدى الغازي عمامتَهُ يوماً

و(ابنَ العلقمْ)

قد عانقَ جهراً أعرجَهُ

ألقى بجَنابِهِ مِدْحتَهُ

قطعانُ مُسُوخٍ بشريَّهْ

قد خرَّتْ في حضْرةِ (غورو)

للأذقانِ

حملتْهُ من فوقِ الهَامِ

أهدتْهُ كعهدِ العبدانِ

من دمٍّ يقطرُ من دمٍّ

مفتاحَ الشامْ

***

لا بُرْدَةَ عارٍ تحميكَ

من فيروسِ الحريةِ

طاعونِ العصرْ

لا مَلَقَ اليومَ يُنَجِّيكَ

من ثأرِ الثأرْ 

ستغورُ تغورْ

ستكونُ طعاماً للتنُّورْ

تلفُظُ جِيفتَكَ الصحراءُ

ذئبانٌ جوعى وضباعٌ

وتعِفُّ نسورْ

***

إكرعْ من دمنا ما شئتَ

عَجِّلْ ... عَجَّلْ

سيفوتُ الفَوْتْ

قَدَرٌ مقدورٌ لا تجزعْ

سَلْ عنهُ ضجيعَ الصحراءِ

ما طَعْمُ الموتِ بحاويةٍ ؟!!

ما طعم الموت ؟!!

***

عباءتُكُمْ .........

عباءتُكُمْ هذي الفَوَّاحَهْ

بأريجِ الدَّمْ

لها لونُ الجمرِ المسعورِ

بعجينِ اللحمْ

قد وصلتْ أُولى قوافِلكمْ

لمخيمِنا

شُكراً شُكراً أبناءَ العمْ 

* (إشارة إلى قيام البحرية الإسرائيلية في وضح النهار بقنص مستشار الأسد المقاوم الأمني محمد سليمان)

(شاعرة سورية)