مَسْخَرَةْ

عبد الرحمن الإبراهيم

عبد الرحمن الإبراهيم

عن سطح بيتي ..

لا تغيبُ ولا تملُّ من الدويّ الطائرةْ

وعلى يمين الباب يقبع مدفعٌ

وعلى اليسار مجنزرةْ

ومدجّجونَ بكلّ أنواع السلاح ..

وبالوجوه النادرةْ

مرّوا على شجر الحديقة أخضراً مرَّ الجّرادِ ..

فما رأيتُ وراءَهم في الدار ..

عوداً أخضرا !!

وتحاشدُوا حول النوافذِ ..

بالعيون وبالجيوب الفاغرةْ

يتجادلُ الجيرانُ فيما بينهمْ

فيقولُ أعلمُهمْ بفقه العسكرةْ

: هي فرقةٌ .. ومجوقلةْ

-إن لم يكذّبني الإله - : الرابعةْ

ويقولُ آخرُ جازماً : السابعةْ

ولعلّها : الأولى

وقالوا : العاشرةْ

عَنْتَرْتُ قلبي جيداً

وفتحتُ بابي شامخاً

و سألتُ ألطفَهمْ وكان مهذباً

: هل تقصدونَ جنابَنا ؟!

فأجابني بشتيمةٍ عصريّةٍ

من بعد ما سبَّ الإله وحقّرهْ

بجوارهِ بغلٌ تأبّطَ بلطَةً

وعليها آثارُ الدّماء الزاجرةْ

وحظيتُ من ركلاته المتحضّرةْ

بتورُّمٍ حولَ العيون ..

وفتحةٍ نضّاخَةٍ في لثتي

وفداحةِ الأوجاع فوق الخاصرةْ

وفهمتُ منه أنّني ومعي أنا .. ومعي أنا .. ومعي أنا .. ومعي أنا .. ومعي أنا .. ومعي أنا

- أي قبل فقدان الوعي والذاكرةْ –

سنحوّلُ الأشياءَ في أحشائنا لمظاهرةْ !!!!

وصحوتُ بعدَ سويعةٍ

كي " لا أقصّرَعن ندى

وكما علمتِ شمائلي وتكرّمي

هلّا سألتِ البغلَ يا ابنةَ مالكٍ

إن كنتِ جاهلةً بلبط الأدهم

يُخبركِ من شهدَ انبطاحي حينها

وتوجُعي من تحت نعلِ المجرمِ

ولقدْ ذكرتُكِ والكلابُ نواهلٌ

منّي وهذا البوطُ يقطرُ من دمي

قبّلتهُ وبكيتُ ليس لأنّه

كسوادِ شعرِكِ .. وهو يدخلُ في فمي "

وسمعتُ منهمْ من يقولُ لضابطٍ

: هل نقتحم يا سيّدي

فأجابَه متأنياً : لم تكتملْ قواتُنا

ولقدْ طلبنا من كبير الرّوسِ بحراً ..

شطُّه يمتدُّ من ( حلبانَ ) شرقاً ..

ينتهي في الغرب عندَ ( الطنجرةْ )

فلربّما نحتاج في هذا القتال زوارقاً حربيةً ومُدمّرة

هبَطتْ عليَّ من السّماء مخابرةْ

و نجوتُ من حتفي بقدرة مخبرٍ متَفقّهٍ بالشّيفرة !!

يستخدمُ الجوالَ " ريموتاً " ..

يحركهمْ به نحو الأمام .. وإن يشا نحو الورى

نفَرُوا ثقالاً فجأةً

وتقاطروا كالسّيل نحو المعصرةْ

وعلى التّكهُنِ داهموا حشْدَاً ..

يُدبّرُ للبلاد مؤامرةْ !!

وجرتْ هناكَ معاركٌ

والحسمُ في الحرب الضروسِ تأخرَّ

كان التفوقُ في البداية ..

للمظاهرة التي امتلكتْ سلاحاً قاهراً متطوّرا

وتقحَمَّ الجيشُ العتيد ..

مسَّعِرَاً للنصر نارَ المجزرةْ

فتفجّرّتْ دبابةٌ بقذيفةٍ من أختها !!!!!!

وتَضَعْضَعَتْ بالقرب منها الثانيةْ

وتعطّلتْ - بالخوف - ! من كانتْ تُقِلُّ القائدَ البطلَ العظيمَ الداهيةْ

وتحطّمتْ بالاصطدام ثمانيةْ !!!!

فتخلّصتْ من كلّ أنواع الذخائرِ والوقودِ .. القاطِرةْ

وتدَخّلَتْ للحسمِ من قلبِ الفضاء الطائراتُ الفاخرةْ

ألقتْ قنابلَ من طرازٍ فاخرٍ

 

قلَبتْ صخورَ الأرض شيئاً آخرا

وخرجتُ ألتمسُ الحقيقةَ ..

عدما الإعلامُ طبلَّ بانتصارات النظام وزمّرَا

و رأيتُ أشلاءَ الضحايا ..كان يحملُ بعضُها

أسماءَ أموات العصورِ الغابرةْ

ووجدتُ فيما بينها

أشلاءَ شاهدةٍ لتربةِ جدّتي

قبّلتُها مستغفراً .. وسألتها مستنكرا

: كيفَ استطاعتْ فرقةٌ

وبليلةٍ .. أن تستحلَّ المقبرةْ ؟!

كادتْ تقول : بفضلكمْ

لولا انشغالُ حُطامها

بالرعب من أهوال تلكَ المسخرة .

*حلبان وطنجرة : قريتان في محافظة إدلب