من عائشة حسن مالك إلى أبيها

المُمْتحنِ في اللهْ

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

بمناسبة مرور العيد وأبوها مغيب هو وصفوة من أطهار مصر في سجون الحكم الاستبدادي الظالم ، تنفيذا لحكم محكمة عسكرية غاشمة . نظمها على لسانها :

قد مرَّ عيدٌ يا أبي ...

قد مرَّ عيدْ

وأنت عنا غائبٌ .. بعيد 

فغاب عن حياتِنا الضياءْ

والعيدُ ـ يا أبي ـ قد زار كل بيت

لكنه ما زارنا في بيتنا

وكل من في الحي من بناتِهِ

قد ارتدين ـ يا أبي ـ الجديدْ

قد غبت عنا يا أبي

فلم يعدْ يطيبُ في حياتِنا...

 المنامُ ... والطعامُ... والشرابْ

وبيتُنا.... 

ما عاد بـيْـتْ

من غير طلعتك

من غيرِ نظرتِكْ

وغيرِ بَسمتِكْ

وغيرِحكمتِكْ

فالعيدُ ـ يا أبي ـ قد زار كل بيتْ

لكنه ما زارنا في بيتنا

                ****

سألتُ عنك أين أَنْتْ؟

لكنني ما جاءني

من أمِّـنـا

أوإخـوتي جَـوابْ

لكنْ سمعتُ جـارَنا يقولْ:

"أبوكِ ـ يا بُنيَّـتي ـ سجينْ

لأنه أمينْ

وقلبُهُ يـقـيـنْ"

ـ "واللـصُّ ـ يا عـمَّـاهُ ـ

مـا مصيرُهُ ...؟

ـ " اللص يا بنيتي ـ يا عائشهْ

يعيش مُطلـقَ السَّـراحْ

يعيشُ في انشراحْ

نهارُهُ نعيمْ

وليلُهُ أفراحْ

وناهبا... وقاتلا يعيشْ

ويُهدرُ الأموال كيف شاءْ

ويستبيح أيَّ حرمةٍ يريدْ

ويلعق الدماءْ

ويطلب المزيدَ والمزيدْ

 ـ لكن أهلنا ـ عماهُ ـ أبرياءْ

ـ بنيتي ... ياعائشةْ

لا تعجبي ...

فدمُّهم في شرعِهِ المنكودِ .. ماءْ

وحوله بطانة النفاق والرياءْ

فباسمه يسبحونَ ..

يركعون .. يسجدون

-        سألتُهُ...

وأين – يا عمَّاهُ –

قانونُ البلدْ ؟

أجابني بدمعِه ونبرهِ الجريحْ :

"يا بِنْـتنا يا عائشهْ ...

لا تسألي عن أمرهِ...

 لا تقلقيهِ – يا ابْنتِي- في قبرهِ "

عائشة هي ابنة الأخ المجاهد حسن مالك الذي اتهم ظلما " بغسل الأموال " .

وحوكم هو وعشرات من الإخوان في محكمة عسكرية . وحكم عليه بالسجن

سبع سنين . ورفض اسئنافهم للحكم الغاشم . وعائشة هي صغرى العائلة ( آخر العنقود ) .