دَمْعَةُ حُبٍّ

صقر أبو عيدة

[email protected]

أَحْبَبْتُكُمْ

يا مَنْ عَلى وَجْهِ الْبَسِيطَةِ كُلِّها

لَمْ ُأخْفِ ضَوءَ مَحَبَّةٍ تَسْمُو بِكُمْ

لا حُبَّ في قَلْبِي أُوَارِي لَونَهُ عَنْ عَينِكُمْ

أَحْبَبْتُكُمْ

حُبَّ الْغُصُونِ لِمَنْ يُرَطِّبُ فَرْعَها

شَوقَ الْعَجائِزِ لِلسَّمَرْ

حُبَّ الْفِراخِ لِمَنْ يُظَلِّلُ عُشَّها

وَالْحَرُّ يَغْرِفُ مِنْ شَرَرْ

أَحْبَبْتُكُمْ

كَالْحَقْلِ حِينَ يُراقِبُ الْغَيماتِ تَعْصِرُ ضَرْعَها

كَاليَاسَمينِ إذا نَما في كُمّهِ رَسْمُ الْوَدُودْ

كَالْكُحْلِ تَحْتَ نِقابِهِ يُذْكِي الْقَصِيدْ

أَحْبَبْتُكُمْ

كَبَرَاءَةٍ في بالِ بِكْرٍ تَسْتَكِينْ

كَالشَّمْسِ حِينَ تُعِدُّ دِفْءَ الْعالَمِينْ

وَتُمِدُّ لِلْفُقَراءِ لَحْنَ الْحالِمينْ

عِنْدَ الْغُرُوبِ تَخِرُّ حُبّاً سَاجِدَهْ

وَتُكَحّلُ الأَيّامَ، وَالدُّنْيَا مِنَ الأَيدِي نَرَاها شَارِدَهْ

أَحْبَبْتُكُمْ

كَالنَّخْلِ يُلْقِي حِمْلَهُ حُبّاً لِمَنْ غَرَسَ الْفَسِيلْ

وَالصّبْرِ حِينَ يَهِيجُ نَاراً في قُلُوبِ الْوَاجِفينْ

وَالْمَوْجِ حِينَ يُقَبّلُ الشُّطْآنَ لا يَخْشَى الْعُيُونْ

أَحْبَبْتُكُمْ

حُبَّ التّلاقِي في شِفاهِ الْعاشِقينْ

عِنْدَ الْخُطُوبَةِ تَسْتَحِي مِنْهُ الصّبايَا بِالدّمُوعْ

كَالضَّوءِ يَنْهَلُ مِنْ مَضاحَكَةِ الشّمُوعْ

أَحْبَبْتُكُمْ

كَالصّمْتِ في صَلَوَاتِ لِيلِ الآيِبِينْ

لا تَبْخَلُوا حُبّاً عَلى بَرْجِ الْحَمامْ

كَيْ يَهْدِلَ الْكَلِماتِ مِنْ نَغَمِ السّلامْ

أَحْبَبْتُكُمْ

كَغَزالَةٍ تَلْهُو مَعَ السّرْبِ الّذِي أَمِنَ الْخِباءْ

والْعُشْبِ إِذْ يَرْجُو السّقَايَةَ تَحْتَ أَنْغَامِ السّماءْ

فَتَقاسَمُوا الْحُبَّ الّذِي لا يَخْتَفِي بَعْدَ اللّقاءْ

أَحْبَبْتُكُمْ

هِيَ كِلْمَةٌ تَجْري على شَفَةِ الْوَسيمْ

وَيَقُولُها عِطْراً تَجَلَّى مِنْ فُؤَادٍ لا يَلُومْ

ما أَجْمَلَ النّفْسَ الّتي تُلْقَى مَفارِشَ لِلنّسِيمْ

أَحْبَبْتُ فِيكُمْ غُرْبَتي

فَاسْتَمْتِعُوا وَتَعانَقُوا قَبْلَ التّخَلّي وَالْجَفاءْ

مِنْ هَذِهِ الدّنْيا الّتي أَخْلَيتُها مِنْ جُعْبَتِي

لا تَتْرُكُوا نَفَساً يُحِبُّ وَلَوْ زَحَفْتُمْ في الّدماءْ

كُلٌّ لَهُ دَرْبٌ يَشيبُ وَيَنْتَهي

فَالْعُمْرُ لا يُغْرِيهِ شَيءٌ كَي يَعُودَ إلى الْوَراءْ

أَحْبَبْتُ فِيكُمْ دَمْعَتِي

هَلاّ نَزَعْتُمْ شَوكَةَ الأَشْجَانِ مِنْ عَينٍ تَسِيلْ

وَتَقُولُ لِلْخَصْمِ الّذِي يَهْوَى تَعارِيجَ السّبِيلْ

:

أَحْبَبْتُكُمْ

كَمَنَازِلِ الشّوقِ الّتي لا تَرْتَوِي مِنْ صَحْبِها

لا تَتَرْكُوهَا خَاوِيَهْ

وَدَعُوا فُؤَادِيَ يَنْتَشِي في حُبّكُمْ

وَعَسَى الْقُلُوبُ تَبِيتُ فِيكُمْ رَاضِيَهْ

لا خَوفَ بَعْدَ الْيَومِ مِنْ حُبّي لَكُمْ

أَحْبَبْتُكُمْ

يا مَنْ تَرَونَ قَصيدَتي

هَلاّ سَمِعْتُمْ في الْقُلُوبِ وَجِيبَها

مَنْ غَيرُ نَفْسِكَ تَسْمَعُ الْحُبَّ الّذِي غَنَّى لَها

إِنْ لَمْ تُجِبْ لِنِدائِها

لا تَرْمِ خَيطَ مَوَدَّةٍ يُعْطَى لَكا

وَاسْكُبْ حَلاوَةَ عِشْرَةٍ لِمَنِ اصْطَفاكَ وَدَلَّكا

الْحُبُّ طَالَ سَبِيلُهُ وَتَشَوَّكا

أَحْبَبْتُكُمْ

دَعْني أَرَى وَجْهاً بَهِيّاً بَاسِما

حَتّى أَرَاني فِيكَ وَجْهاً وَدَّ أَنْ يَتَبَسّمَا

وَلْتَرْسُموا الأَنْباءَ حُبّاً بَلْسَما

أَحْبَبْتُكُمْ

لَسْتُ الْوَحِيدَ عَلى الْبَسِيطَةِ كَيْ أَمُوتَ مُشَرّدا

أَبْكِي لَكُمْ حَتّى أَنالَ دُمُوعَكُمْ

لا تَجْعَلُوني أَمْتَطِي ظَهْرَ الشّقاءِ مُهَدَّدا

وَأَخافُ مِنْ طَرَفِ النّهَايَةِ وَالرّدَى

أَحْبَبْتُكُمْ

حُبَّ الدّيَارِ إِذا تَرَامَتْ لِلْعُيُونِ الْعَائِدَهْ

وَالشّاعِرِ الْمَصْدُورِ شِعْراً لَمْ يَخُطَّ قَصائِدَهْ

فَتَرَنَّمُوا حُبّاً عَلى دَرْبِ الْحَيَاةِ الْبَائِدَهْ