في العقد السابع

في العقد السابع

علي الزهيري

في العقد السّابع من هذا العجز

يضيقُ الصّدرُ وتتّسع الرّؤيا .

خدرٌ في القلب ، وقلبٌ لا يَخدرُ

تؤلمني ركلة قلبي حين يُحرِّكُ رغبته بين ضلوعي

كجنينٍ في الشهر السابع

أسمعُ صوت الحُبّ يفرقع عقل أصابعه بين الركلة والأخرى .

والحِمل ثقيلٌ يا ولدي

الشمس المطفأة على ظهري المحنيّ ازدادت ثقلاً

خذها عني ، خذ هذي الأشياء جميعاً :

خذ دالية البيت ، وخذ حجر التنور ،

وإصاً مشقوقاً في زاوية "الحوش "

وجرواً مربوطاً عند الباب ،

وقفلاً مكسوراً صدأت لحيته من أثر الأسرار ،

ودلواً قرب البئر تأخّر عنه رعاةُ الليل ، فخذه ،

وخذ فحم الموقد ، وبقايا السّمر الصيفيّ

تعبتُ ، فخذ عمري عني ، خذني عني

خذ هذا الوطن بكامله .. قد ثقلت جثته .

ماذا يفعلُ رجلٌ في العقد السّابع !؟ لا شيء ..

ستكبر يوماً يا ولدي

وستعرفُ ما معنى أن يطأ العقد السّابع عتبة بيتكَ

وستخجل حين يرى أنّك لا تملك بيتاً

لا تملك إلا العتبة

عندئذٍ سيصير الحمل ثقيلاً

سيمرُّ الماضي بين ضلوعك مثل قطارٍ مجنونٍ خرج عن السكة

فالماضي يمضي نحو المستقبل

لا يعرفُ كيف يظلُّ وحيداً في الخلف

يُرتّبُ قطع أحاجيك

فحاول أن تسبق ماضيك

بخطواتٍ تكفيك لتبني وطناً تستقبل فيه الحزن الآتي

العمر ككأسٍ سقطت من كفك نحو الأسفل

وحياتك ما بين أصابعك وصوت تهشمها

تأخذ فرصتك لكي تتأملها تهوي

لا يعنيك تكسرها

لكن .. تعنيك الأرض الــ (ستضمُّ ) شظاياك

وحين تكون بلا أرضٍ

ستظلّ الكأس معلّقة .. كالحلم على الشّبّاك

في العقد السابع

يقف الحلم قبالة عينك

ويكاد يخزها كي تُدخله

لكن يفشل حلمك وتموت الرغبة بالحلم

تقضي العمر كحلمٍ غضٍّ .. وتموت بلا حلمٍ

مثل الزهر على ثوب النّوم

ومثل النّجم على كتف الجنديّ

فتلك نجومٌ لن يتأمّلها رجلٌ أو يحصيها

وهو يفكّرُ بامرأةٍ حين تفكّر فيه

ولا تقطفُ زهراً عن ثوب النّوم له !

هذي أشياءٌ تحملُ أسماءً للمتعة لا للمعنى

في العقد السابع أيضاً تصبح رجلاً للذكرى لا للمعنى

تحفظك زقاق الحيّ ولا تعرفُ كيف غدوت نحيلاً ، محنيّ الظّهر

تلقن أبناءك كيف يحرّك قلبك رغبته بين ضلوعك

كجنينٍ في العقد السابع من هذا العجز ...