إليكَ 4

إليكَ... (4)

الشاعرة الراحلة: لمياء الرفاعي*

بعد عمر كامل شاركته فيه الحلو والمرّ.. رحل الزّوج الذي جاوز الثمانين.. وظلّت شريكة الحياة تبكي ذكراه قصائد ترسلها "إليه" تَتْرَى.. حتى غادرت الدنيا بعد ثلاثة أعوام.. لم يَرْقَأ خلالها الدّمع ولا فَتَرَت الأشواق!

قالَ أنسى! هلْ شقيقُ الرُّوحِ يُنسى

كيفَ أنسى! هلْ ربيعُ العُمرِ يُنسى؟!

ودروبـي وأناشـيدي ولحـني

وسنا عمري ويومي.. صارَ أَمسا

في ثَوانٍ ودَّعَـتْ روحي هَناهَـا

واسـتحالَتْ بهجَـةُ الأيّامِ بُؤْسـا

أسـدلَ الموتُ سـتاراً من ظلامٍ

دون قلبي.. فاستحالَ القلبُ رَمسا

فيهِ قد أودعتُ آمالي وفَـرْحـي

وغرستُ الحزنَ في الأيّام غَرسا

وتناسَـيتُ وجودي وحـيـاتـي

وشَـربتُ الدَّمـعَ والآلامَ كأسـا

أعبرُ الدَّربَ وحـيـداً والليـالي

لا أرى في غُربةِ الأيّامِ شَـمسـا

حسبُ قلبي من شذى الماضي أنيناً

يتوارى في حنايـا القلبِ همسـا

كلّما هَدهَـدتُ في نجواه جُـرحاً

أرتجي في الدّمعِ صبراً.. زادَ نُكْسا

فيـهِ من نـارٍ وأطيـافٍ دُخـانٌ

فيهِ صَمْتٌ من جراح الموتِ أقسى

فيـهِ من فـرحٍ.. وآلامٍ ويـأسٍ

فيـهِ طيفٌ كان في الأيّـامِ أُنسا

فيـهِ آمَـالٌ تغنَّـت بالأمـاني

وليالٍ قـدْ بكتْ جَـوْراً ويأسـا

كلّمـا قد أورقَـت فيها غُصونٌ

ألبَسَـتها قَسـوةُ الأيّـام تَعسـا

فاسْكبي يا عينُ دمعي واستزيدي

واجعلي من لوعةِ الآهات عُرسا

حسبُ قلبي ذكرياتٍ قد تـوارت

واستكانت في حنايا الصّدر حِسّا

وأنيناً بـاتَ يُشـجيني فأغـدو

أعشـقُ الآهاتِ ألحاناً وجَرْسـا

وخيالاً باتَ في الأضـلاعِ روحاً

وسَـنا طيفٍ له أحيـا.. ونَفسـا

أبو ظبي ـ الجمعة: 1 شعبان 1427 هـ.

                     25 آب 2006 م. 

                

* لمياء عمر بسيم الرفاعي: شاعرة من مواليد سورية عام 1936 م. أقامت مع الأسرة في "أبوظبي" منذ مطلع الثمانينات. صدر لها ديوان بعنوان "قالت المرآة". رحلت يوم 30 كانون الثاني/يناير 2009 م.