هُزِّي صَمْتَ النَّخْل

صقر أبو عيدة

[email protected]

مِنَ الْمَيدَانِ تَنْطِقُ نَشْوَةُ الأُمِّ الّتي غَرَسَتْ شُمُوعَ بَرِيقْ

عَلَى كَفِّ الصَّبَاحِ لِتَحْكِيَ الْقَبَسَ الْمُوَشَّحَ بِالْتَرَاتِيلِ الّتي تُتْلَى

وَيَلْقَفُهَا فُؤَادُ صَدِيقْ

وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ تَفْتَحُ الأَبْوَابَ..

وَالْعُصْفُورُ يَنْتَظِرُ النَّسِيمَ عَلى رَمَادِ حَرِيقْ

فَجَاشَتْ مَوجَةُ الْبَحْرِ الّذِي رَفَضَ التِّلالَ..

وَحَلَّقَتْ أَنْفَاسُهُ لِتُصَلِّيَ الْفَجْرَ الْمُحَلَّى بِالْجَمَاعَةِ وَافْتِرَاشِ طَرِيقْ

فَقُومِي يَابْنَةَ الْقُرْآنِ نَنْهَلُ آيةً فَالْكَرْبُ جَدُّ لَصِيقْ

وَهُزِّي نَخْلَةَ الْظَمْآنِ فَالْعِذْقُ اسْتَوَى وَدَنَا

فَحِيكِي وَاجْمَعِي الأَكْفَانَ مَا تَهْفُو لَهُ الشُّهَدَا

فَلازَالَتْ صُنُوجُ الشَّعْبِ تَمْلأُ صَمْتَهَا غَضَبَا

وَيَافَا تَجْمَعُ الأَخْبَارَ مِنْ فَرِحِ الطُّيُورِ وَتُشْهِرُ الْفَرَحَا

وَتَبْحَثُ عَنْ عَبَاءَةِ دِفْئِهَا في مِصْرَ عُنْوَانَا

أَلا تَهْدِينَهَا دَرْباً لِقُدْسٍ أَرْدَفَتْ في عَينِهَا الْعَتَبَا

تُنَادِي حُبَّهَا وَالْبُعْدُ جَفَّفَ رِيقَهَا وَالصَّوتُ كَادَ يَضِيقْ

فَقَدْ يَئِسَتْ مِنَ الصُّحُفِ الّتي رَسَمَتْ رِيَاضَ سَرَابْ

وَتَشْقَى مِنْ عَنَاوِينِ الْجَرَائِدِ مَا تَثُورُ بِها قُرُوحُ عَذَابْ

وَلَمْ يَعْبَأْ بِها مَنْ أَدْمَنَ الْكُرْسِيَّ وَانْبَهَرَتْ جَوَانِحُهُ فَهَامَ غَرِيقْ

وقُسْوَةُ عَارِهِ الْتَصَقَتْ عَلَى خَدَّيهِ فَارْتَجَفُوا لَهُ طَرَبَا

وَقَدْ غَصَبَ الْحَرَائِرَ تَشْتَكِي وَجَعَ الْبُعُولِ تَلُوكُ في أَحْشَائِهَا الْغَضَبَا

فَلا تَهِنِي وَلا تَأْسَي وَهُزِّي نَخْلَ صَمْتِكِ رُبَّمَا سَمَقَا

فَإِنَّ الْوَقْتَ يَقْتُلُهُمْ لِمَا نَقَشُوا عَلى تَارِيخِهِمْ كَذِبَا

وَظَنُّوا عَرْشَهَمْ يَطْفُو عَلى بَحْرٍ وَكَنْزَ اللهِ مَكْتُوباً لَهُمْ أَبَدَا

أَمِ اطَّلَعُوا عَلى الْغَيبِ الْبَعِيدِ فَحَرَّفُوا الْكُتُبَا

وَمَرَّغَ بَعْضُهُمْ ظَهْرَاً عَلَى الصُّلْبَانِ وَانْجَرَفُوا  

هِيَ الْفَوضَى تُدَاوِلُهُا وُحُوشُ الأَرْضِ َتَنْهَشُهَا

وَكَرْمَلُنَا يَطُلُّ عَلى شَوَاطِئِهِ يَهِيجُ جَوَى

فَهَلاّ تَبْسُطِينَ يَدَا

لِمَنْ قَضَمَ الصُّخُورَ إلى سَبِيلِ الْحَقِّ يَقْطَعُ مِنْ سَنَامِ النَّومِ فَرْشَاً لِلْحَيَارَى..

يَجْتَبِي مِنْ عَظْمِهِ سُرَرَا

وَيَصْرُخُ بَحْرُهُ شَرَرَا

أَلَمْ يَدْرُوا

بِأَنَّ اللهَ لَمْ يُخْلِفْ لَهُ وَعْدَا

فَهَلاّ تَبْسُطِينَ يَدَا

فَقَدْ رَفَضَ الْحِصَانُ لِجَامَهُ الْمَشْبُوكَ في خُشُبٍ مُسَنَّدَةٍ

وَهَمَّ بِمَنْ يَعُومُ عَلى دِمَاءٍ يُسْرِجُ الْهَمَلا

تَقُولِينَ اكْتُمُوا صَوتَ الرِّيَاحِ وَعَانِقُوا أَلَمَ الْعَوَاصِمِ تَأْتِكُمْ ذُلّلا

فَإِنَّ الشَّمْسَ لا تَأْتِي عَلى عَجَلٍ

إِذَا مَا نَجْمُ غُرْبَتِنَا يَجُبُّ اللَّيلَ مُشْتَعِلا