المقامة الثّوريّة

صالح أحمد

[email protected]

كـاذبٌ  يـا طقسُ iiكاذِبْ
صاحبي في الدّهر جرحي
كـلّـمـا عانَقتث iiحُزني
وإذا تـاهَـت iiخُـطـايا
واسـتـبدّت  بي iiظنوني




لـيـس للأشباحِ iiصاحِبْ
نـزفـه  يُخلِصُ iiنُصحي
كـانَ  لون الصّمت لَوني
لـيـسَ  يـهديني iiسِوايا
شَـدّنـي لـلصَّبرِ iiطيني

***

كلّما مرّ يومٌ؛ لم نكن ندري أطوانا أم طوَيناه.. ونحن نَمضي، أبوابٌ تسلِمُنا لأبواب.. وعذابٌ يُهدينا لعذاب..

كاذِبٌ يومُنا! لم نَكُنهُ، ولم يَكُنّا.. غادَرناهُ كما غادَرَنا.. خبَرًا صارَ، خبَرًا ما زِلنا.. نأوي؛ تملِكُنا الحاجات... نصحو؛ تحكُمُنا الأقوات.. أخبارٌ.. كنا... ما زلنا... نطويها... تَبلَعُنا الطُّرُقات!

من عيون الشّمسْ
يا  استعارَ iiالحِسْ
من  لِهاث iiالنّفسْ
سِرُّ روح iiالغَرسْ



تـسقُطُ iiالسّاعاتْ
عُـمـرُنا iiلَهَفاتْ
تـورِقُ  iiالغاياتْ
في  شموخ iiالذّاتْ

***

حين يَغربُ يومك؛ لا تخلع عنكَ ثوب العرق؛ لتلبسَ ثوبَ الحلم المزعوم... من لون الحلم المحموم تولَدُ خيبَتُنا الكُبرى.. لنشعرَ أنّ الوقت يموتُ... يصيرُ الموتُ حكايَتَنا..

الظّلمة... تسكُنُنا الظّلمة؛

إن كنّا اختَرنا لغةَ الصّمت،

وعشِقنا أبوابَ العُزلَة...

نتمنّى نومَ عيونِ الشّمسْ

لنعيشَ عبيدًا للأشباحْ

تُخجِلُنا نظرَتُنا للشّمسْ

ندفِنُ أعيُنَنا بالوَهمْ

نسقُطُ في ظُلمَةِ غُربَتِنا..

تبلَعُنا الغربَةُ... تُلغينا!

تجعَلُنا نعجَزُ أن نختارْ..

نخجَلُ أن نَعشَقَ عَينَ الشَّمسِ

نسكُنُ أنّاتِ مفاصِلِنا نقتاتُ الرّعَشات المُرَّة...

نستسلمُ لوجودٍ أقسى من خيبَتِنا..

نتوسَّلُ أبوابَ الظُّلمَةْ

نحملُها فوقَ عواتِقنا...

تسكُننا الغربَةُ... نسكُنُها..

نتوِسَّدُها!

***

كلّما هاجمنا النّوم؛ لا يعودُ يشغَلُنا: أستَسلَمْنا لهُ؟ أم تركناه يتَسَلَّمُنا؟

نغَمغِمُ، وليسَ في المَكان سوى غمامات دخان، وبقايا تبغٍ، وحشرجَةٍ بائسةٍ، وصوتِ خُطانا... نصعَدُ، نصعَدُ... آخر ما نبلُغُهُ العتبة! العتبات تصير منابر، والكلّ خطيب في العتمة.. والخطبة تبلعها، تبلعنا، نبلعها.. وليس لكل منا عتبة...

نبِّئني  يا صوتَ iiالأعماق
نـبِّـئني يا لوني iiالغارِق
نبِّئني يا جرحي iiالصّامت


مَـن أنساني أنّي iiإنسان؟
بجنوني.. ما سرّ الألوان؟
كـيف نسينا أنّا iiالعنوان؟

***

ويمرُّ يومٌ ويوم، وليل.. الأيام تدعوني، فأطاوِعُها، الأشباح تدعوني، فأتابِعُها.. والآلام؛ وحدَها الآلام لا تَدعو، ولا تُدعى! وحدها الآلام لا تَغيب عن عالم الظّلمة... وحينما تَغدو العَتَباتُ آفاقا لأحلامنا، وتَتَسَمَّرُ الظُّلمة فوقَ مَناكِبِنا، والكلمات وشاحًا للعَتَمات... وحدَها الآلام تنتَصِبُ في دواخِلِنا، تعصِرُنا، تجعَلُنا نَدور... تحمِلُنا خارِجَ خيبَتنا... لا نخجلُ من عين الشّمس، نلبِسُ ثوبَ العرَقِ الصّاخب، نعشَقُ ألوانًا وحُروفًا، تجعَلُنا نسجُدُ تحتَ الشَّمسِ؛ لإله يخلِقُنا أحرارا.