ثورة الزيتون

د. عثمان مصباح

[email protected]

يا شعبَ تونسَ خبِّروا عن ثورةٍ  بعْدَ الكمونِ

عمَّنْ توَقَّدَ يائسا  فأضاءَ  في كلِّ العيونِ

عن رَفْعةٍ  . .  عن خَفْضةٍ رَجَفتْ بممْلكة السُّكونِ

عن  هِزّةٍ سجدتْ  لها أركانُ طغيانٍ مكينِ

عَنْ  غَضْبَةٍ  مُضَرِيَّةٍ  جاءتْ خِلافا  للظُّنونِ

بَهَتَتْ فَرنْسا وَيْلَها ، والغَرْبُ فوجِئَ  بِالكَمينِ

الغربُ صُنّاعُ  الطُّغاةِ  النّاقمينَ عَليَّ ديني

يا أهلَ تونسَ أفْصحوا عن سرِّكم لا تكتُموني

عن  زَأْرَةِ الجلادِ تَثْغُو  بَيْنَ أمْواجِ  الأَنينِ

عنْ وَثبةِ المُستضعفينَ أتتْ على حِصنِ الحُصونِ

عن جُمْعةٍ ميمونةٍ  أَوْدَتْ بطاغيةٍ  لَعينِ

هي جمْعةٌ من روحِكم نفَخَ  الإلهُ وقالَ : كوني

هي جمْعةُ الجُمَعِ الحزينةِ .. جمْعةُ الفَتحِ المُبينِ

يا ثورةً قدْ حوَّلتْ طَوْقَ الحديدِ  إلى عَجينِ

يا غضبةَ الباقينَ مِنْ بَعدِ المنافي والسُّجونِ

يا ثورةً  مِقْدامةً  عزلاءَ  في  وجْهِ  المَنونِ

يا ثورةً شهداؤها كفُّوا النَّزيفَ بلا  مِئينِ

صانوا المحارمَ و المكارمَ مُشْفِقينَ على السَّفينِ

قد بُوركتْ عَزماتُهم . . بَرئتْ  من الغَرضِ الدَّفينِ

شاهَتْ وُجوهُ اللائذينَ  بِجاهِ أمريكا اللعينِ

فَسَلِ العِراقَ عن الخرابِ  وكمْ سَقاها مِن  وَتينِ

أَقَدِ اسْتَبانَتْ  فجْرَها مِنْ بَعدِ لَيْلاتِ الفُتونِ

أمْ صَيَّرَتْها كالمَسالخِ حِكمةُ الغَرْبِ الخَؤونِ

غَرْبِ الدَّسائِسِ والوَساوسِ والبَقاءِ الدَّارِويني

وهَلِ التَّحرّرُ بالوكالةِ والتَّسوُّقِ كَالزَّبونِ

مِنْ عِنْدِ (إيزا)  أو (إليزي)  أو بِروسٍ  أو بِصينِ

إنَّ التحررَ يَقظة ٌ تَأوي إلى رُكْنٍ رَكينِ

هُوَ عَزْمَةُ الشّعبِ الأبِيِّ المُفْتَدي لا المُسْتَكينِ

شعبٍ كذاكَ التّونُسِيِّ  المَاجِدِ الحُرِّ  الأمينِ

قالَ الذين تعالموا : " هيَ ثورةٌ للياسمينِ "

بل ثورةُ الزيتونِ ليستْ  ثورةً  للياسمينِ

الياسمينُ ذبولُه آتٍ  ولوْ مِن بَعدِ حينِ

لكنَّما الزيتونُ باقٍ .. عُمرُه لا بالسِّنينِ

مُخْضَوْضِرٌ .. مُتجذرٌ في أرضكم عَبْرَ القُرونِ

ذاكَ المُباركُ غَرْسُهُ . . قَسَمُ الإلهِ  بذاتِ تِينِ

ضَرَبَ الإلهُ  بِهِ المِثالَ  لِوَحْيِهِ نورِ اليقينِ

بالقَيروانِ  سِراجُهُ  لا  زالَ  وضّاءَ  الجَبينِ

رَمزُ السَّلامِ .. وتاجُ نَصرٍ . .  نِعْمَ زادُ المُسْتَعينِ

فَلْتَهْنئي يا تونسُ الخضراءُ بالمجدِ الثّمينِ

أصبحتِ فخرًا للعروبةِ . . صِرتِ ذُخرًا  بَعد هُونِ

بُشْرى العُروبةِ قدْ أتاها أوَّلُ الغَيْثِ  الهَتونِ