هُدْهُدٌ يَهْفُو لِبَيَاضِ الرِّيَاضِ
سعيد ساجد الكرواني
فِي سَمَا الْخَلْجَةِ الْخَافِيَةْ
وَبَهَا الْمَوْجَةِ الزَّاهِيَةْ
وَسَنَا الْوَقْدَةِ الْبَاهِيَةْ
قَدْ رَنَا نَبْضُ هَاتِيكُمُ الْكَوْكَبَةْ
لِرَقِيقِ النِّدَاءِ الشَّفِيفْ
مِنْ عَلَى الْمِصْطَبَةْ
بِبَهَاءِ الطُّيُورِ تَطُوفْ
فِي فَضَاءَاتِهَا الْعَامِرَةْ
سَبْحُهَا فِي الثَّبَجْ
رَفْرَفَتْ كَالطُّيُوفْ
مَا اعْتَرَتْهَا سُقُوفْ
سِرُّهَا مِنْ شُفُوفْ
هِيَ فِي رِحْلَةٍ دَائِمَةْ
.. لِلذُّرَا
أَوَّبَ الطُّورُ وَالْطَّيْرُ مِنْ شَهْقَةٍ فِي الْحَرَمْ
نَفْحُهُ الشَّوْقُ وَالْعِشْقُ لِلْجَوْلَةِ السَّانِيَةْ
فِي السُّرَى
لَيْلُهَا كَالْبَيَاضْ
فِي وُرُودِ الرِّيَاضْ
عَرْفُهَا مَرْكَبَةْ
كَالْعَلَمْ
إِذْ بِبَكَّةَ سِرٌّ لِزِينَتِهَا الْآسِرَةْ
تَتَدَلَّى الْقُطُوفْ
قَدْ دَنَتْ، هَامَتِ الْحَائِمَةْ
حَوْلَ جِيدِ الْأَرَجْ
تَسْلُكُ الْوَعْرَ تَعْلُو الثَّبَجْ
عَلَّ بُوْصَلَةَ الْيُمْنِ تَهْدِي إِلَى الْوَصْلَةِ الدَّائِمَةْ
تَقْطِفُ الْعِشْقَ مِنْ نَخْلَةٍ دَانِيَةْ
سَالَ عُمْقُ الْوَجِيبْ
لَيْتَنِي هُدْهُدٌ مِنْ بَيَاضْ
يَسْكُنُ الْقَلْبَ مِنْ دَوْحَةٍ فِي الْحَرَمْ
مَنْ يَشِمْ مَا إِذَا الْوِرْدُ عَادْ
مَنْ يَشُمَّ إِذَا الْوَرْدُ زَادْ؟
هُدْهُدٌ فِي بَهَاءِ الْبَهَاءْ
يَصْدَحُ النَّبْضُ مِنْهُ بِعُمْقِ الْفَضَاءْ
رَفَّتِي غَشَّتِ الْأُفْقَ مِلْءَ السَّنَاءْ
فَاسْتَوَتْ سُبْحَةُ الْعِشْقِ بِالْعَتْمَةِ السَّارِيَةْ
فِي بِحَارِ الْبِحَارْ
لَيْلُهَا كَالنَّهَارْ
زَادَهُ الْفَجْرُ حُسْناً بِقَلْبِ الرِّيَاضْ
سَرَّهُ مَنْطِقُ الْوَرْدَةِ اللُّؤْلُؤَةْ
نَبْعُهُ شَجَرٌ مِنْ بَيَاضِ الْبَيَاضْ
نَبْضُهُ مِنْ عَتِيقِ الْعِمَارْ
قَدْ هَوَتْ أَفْئِدَةْ
لِنَدَى الرَّوْضَةِ الْمُجْتَبَاةْ
سَاعَةٌ وَاحِدَةْ
كَالْفِدَاءِ الَّذِي يَجْتَبِيهِ النِّدَاءُ مِنَ الْجَوْلَةِ الثَّالِثَةْ
عِنْدَهَا قَالَ لِي الْبَحْرُ فِي خَفْقَةِ الْيَاسَمِينْ:
قُوَّتِي وَجَمَالُ الْجَمَالْ
ضُمَّهَا لِلصُّخُورِ كَصَخْرْ
فَسَمَا الْمَوْجُ يَعْلُو الْخَيَالْ
قَطْرَةٌ فِي بَهَاءِ الْفَلَكْ
رَفَّةٌ مِنْ جَنَاحِ الْمَلَكْ
لاَ تُقَاسُ بِدَهْرْ
مِنْ سُمُوِّ الْجَلاَلْ
أَفْلَحَ الطَّيْرُ بَعْدَ التَّمَلِّي الْعَمِيقِ بِمَا قَدْ مَلَكْ
إِذْ إِلَى الرَّوْضَةِ الْمُصْطَفَاةِ سَلَكْ
يَنْهَلُ الصَّوْتَ مِنْ شَهْقَةِ الْيَاسَمِينْ
يَكْرَعُ الصَّمْتَ مِنْ شُحْنَةِ الْوَاصِلِينْ
لِنَدَى الْوَرْدَةِ الدَّائِمَةْ
وَصْلَةُ الطَّيْرِ فِي دَوْحِهَا
نَأْمَةٌ مِنْ مَعِينِ الْحَيَا السَّلْسَبِيلْ
وَالْمَهَا فِي ارْتِيَادِ الرِّيَاضْ
تَمْتَحُ الزَّنْجَبِيلْ
مِنْ عَقِيقِ الْبَيَاضْ
عَلَّهُ يَمْتَطِي صَهْوَةَ الْخَيْلِ
أَوْ
يَعْتَلِي ذِرْوَةَ الضَّامِرِ
فِي اشْتِعَالِ السَّنَامْ
بِالْحُدَاءِ الَّذِي اخْتَزَلَ السَّيْرَ لَمْ يَلْتَفِتْ
جَمْعُ هَذَا الْكَرَامْ
وَسُهَا وَقْدَةِ الْحَائِرِ
قَدْ هَفَا الْقَلْبُ أَنْ يَسْتَجِيبْ
مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبٌ بِبَيْتٍ حَرَامْ
لِنِدَاءِ الْحَبِيبِ الْحَبِيبْ
رُبَّمَا يَتَضَلَّعُ مِنْ بِئْرِ ذَاكِ الْمَقَامْ
بَيْنَ فَرْثٍ وَدَمْ
نَفْحَةً،
نَفْحَتَيْنْ
مِنْ بَهَاءٍ خَصِيبْ
سُؤْرُهُ مِنْ غُصَيْنٍ رَطِيبْ
كَالرَّحِيقِ السَّلَمْ
هَا هِيَ الْوَرَقَةْ
أَصْبَحَتْ يَرَقَةْ
مِنْ بِسَاطِ الصَّبَاحْ
نَادَتِ اللُّؤْلُؤَةْ
بَعْدَمَا أَسْكَنَتْ مِنْ سُلاَلاَتِهَا بِالْفَلاَةِ الْحَجَرْ
قَدْ أَجَاءَنِيَ اللُّطْفُ فِي الْحِقْبَةِ السَّابِعَةْ
لاِقْتِبَاسِ الْعَطَاءْ
عَذْبُهُ شِرْبُ بَرْءٍ هَمَى وَانْفَجَرْ
.. بِجِوَارِ الْمَقَامْ
مِنْ أَعَالِي الْعَمِيقِ انْهَمَرْ
لَبَناً سَائِغاً، لَذَّةً يَانِعَةْ
كُلَّمَا أَرْشَفَتْ بُورِكَتْ
وَرَبَتْ
فِي جَمِيلِ السَّحَرْ
يَنْهَلُ الطَّائِفُونْ
مِنْ طَهُورِ الْبَهَاءِ السَّنَاءِ الصَّفَاءْ
فِي الْمَسَاءِ الصَّبَاحْ
يَصْعَدُ الْعَاكِفُونْ
يَسْتَبِينُ السَّبِيلْ
خَطَّهُ الرَّاكِعُونْ
مِنْ قَرِيبِ السُّجُودْ
وَمْضَةٌ مِنْ نُضَارِ الْخُدُودْ
مِنْ بَسَاتِينِ سِلْمٍ لِزَهْرٍ وَطَيْرٍ يُنَسَّى الْحَمَامُ النُّوَاحْ
مِشْعَلُ الْعِشْقِ يَهْفُو لِسَبْقِ الرِّيَاحْ
يَمْتَطِي مِنْ ذَوَاتِ الْجَنَاحِ إِلَى كَوْكَبَاتِ الضِّيَاءْ
وَطُيُورٌ تُرَجِّعُ وِرْدَ الصَّبَاحِ الْمَسَاءْ
فِي صَعِيدٍ فَرِيدْ
سَبْحُهَا وَاحِدٌ
فِي سَمَا الْمِهْرَجَانِ السَّعِيدْ
مَنْطِقٌ يَقْرُبُ الْيَوْمَ مِنْ نَأْمَةِ النَّمْلَةِ الْحَانِيَةْ.