أشواق إلى عرفات
خالد
البيطارأنـا راحـلٌ بـثياب إحرامي إلى
أمـشـي مع الحُجَّاج، أنّى يمَّموا
أنـا راحـلٌ، لكنْ بروحي وحدها
مُـتَـوَلِّـهٌ مُـتَـشـوِّقٌ وَلَوَ انه
لـيـنال فيضَ النور في ساحاتها
* * *
يـا موكب الحُجَّاج لَبُّوا واسْعَدوا
أعـطـاكـم المولى ففزتمْ بالمنى
لـكـنَّ أشـواقـي تهيجُ إذا رأت
فـألـوذُ بالصبر الجميل مُرَوِّضا
* * *
هـاهُـمْ أمـامي يلبَسون بياضهم
وإذا بِـفَـيْضِ الدمع يملأ أعيني
* * *
هاهم أمامي في الطواف، وَصَوْتُهم
وإلـى الصفا يمشون بعد طوافهم
مُـتَـرَدِّداً مـا بين مروةَ والصفا
وإلـى مِنَى أمضي وأسبقُ جمعهم
وأبِـيـتُ أنـتظرُ الصباح لعلّني
أمـشي إلى عرفات، أدخل ساحها
وأَظَـلُّ أدعـو خـاشـعا مُتَبتلاً
والشمسُ تمضي للأفول وينقضي
يـومٌ تَـحِـنُّ له القلوبُ وترتجي
عرفات، يا ساحَ اللقاء، وقد رأتْ
تِـيهِي على الدنيا وباهِي وارفَعِي
فـي كـل عام يلتقي أهلُ الهدى
يـتـعـارفـون ولا يُفَرِّقُ بينهمْ
فـي ساحك الميمونِ يكْمُلُ جمعُهُمْ
* * *
وأَعُـودُ لـلـنَّجوى وأَدْعو خالقي
أمْـشي كما يمشي الحجيجُ مُرَدِّداً
" لـبـيك ربي" أنت أرحم راحم
كُـلُّ الـحـجيج لهم هتاف واحد
أنـا واحـد منهمْ، وإنْ بَعُدَ المَدى
أنـا واحـد مـنهم، وهذا خافقي
أنـا واحـد مـنهم، ويعلمُ خالقي
فـإذا تـجـلَّـى وهو أكرمُ مُنْعِمٍعـرفـات سـاحِ العفوِ والغفرانِ
يـمّـمْـتُ دون تـلـكؤٍ وتَوَانِ
والـجـسـمُ بَيْن براثن الجدران
مـلَـكَ الـجـناحَ لكان أوّلَ دان
ولِـيـسـتـظلَّ برحمة الرحمن
* * *
بـالـرَّوْح والريْحان والرضوان
وأنـا رضـيتُ بِقِسْمتي ومكاني
وفـدَ الـحـجيجِ فَيَغْتَلي تحْناني
قـلـبـا يُعاني من لظى الحِرمان
* * *
فَـأُحِـسُّ قـلـبـي لَجَّ بالخفَقَان
وإذا بـه يـهْـمـي بلا استئذان
* * *
يـعـلـو، يُـسَبِّحُ خالقَ الأكوان
فـأسـيـر مـثل مسيرهم بأمان
والـحـمـدُ والتسبيحُ ملء لساني
لأفـوزَ مـثـلـهـمُ بِحَجْزِ مكان
أمـشـي مـع الحجاج باطمئنان
وأُحِـسُّ بـالـجَوِّ النَّدِيِّ الحاني
ومُـؤَمِّـلاً عـفـواً مـن المنَّان
يـومٌ جـلـيـلٌ مـا له من ثان
نَـيْلَ الرضى مع موكب الإيمان
عـيـناكِ هذا الموكبَ الروحاني
رأسَ الـفَـخَـار بجَمْعِكِ الربّاني
مِـنْ كـل نـائـيـةٍ ِمَن البُلْدان
لـوْنٌ لأنّ لـسـانَـهُـمْ قُـرْآني
ونـشـيـدُهمْ باقٍ على الأزمان
* * *
لِـيُـعـيـنَني في كل ما أعْياني
"لـبـيـك ربـي" يا عظيم الشان
"لـبـيك" هذا الصوتُ هَزَّ جَناني
وأنـا هـنـا مـعهمْ بكل كِياني
رُوحـي تَـخَـطَّتْ حاجزَ البُنْيان
مُـتَـعَـطِّـشٌ لـلعفوِ والإحسان
مـا في الفؤاد من الجَوَى ويَرَاني
- سـبـحانه - حاشاه أن ينساني