أُغْنِيَةٌ لِلْفَوضَى!

صقر أبو عيدة

[email protected]

الشَّمْسُ تَنُوءُ بِقَرْنَيهَا

وَالظُّلْمَةُ تَطْلِي فَحْمَتَهَا

وَمَفَاتِحُهَا تَدْعُو رُعْيَانَ اللَّيلِ وَعُصْبَتَهَا

عَصَرُوا حَلَمَاتِ الأَرْضِ وَلَمْ تَجْزَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

لَمْ يَسْطِعْ عُصْفُورٌ يَبْنِي عُشَّاً لِلسُّبْحَةِ..

أَو يَغْرِزْ خَيطَاً في السَّقْفِ..

وَقَيظُ الْبَلْدَةِ يَقْطُرُ غِرْبَانَا

وَالْعَينُ عَلَى قَرَصَاتِ اللَّيلِ تَحُومُ وَلَمْ تَهْجَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

غَنَّى الْحَسُّونُ بِلا وَتَرٍ خَلْفَ الأَسْلاكِ وَصَوتٍ يَشْرَقُ بَالأَدْمُعْ

هَجَرَ النَّغَمُ الْعَرَبِيُّ إلى مُوسِيقَى الْجَازِ..

يُقَادُ لِغَنْجِ الرَّقْصِ وِلَمْ يُرْدَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

وَالْخُبْزُ يَحِنُّ لِسُنْبُلِهِ وَمَخَاضٍ يَضْرِبُ في الْوَادِي

فَالْمَالُ يَهِيجُ عَلى الأَنْفَاسِ فَيَكْوِي الْغَرْقَى..

يَسْكُبُ نَكْبَتَهُ جَوفَ الْمُصْرَعْ

صَفَقَاتُ الْعَطْفِ تَخِرُّ تَبُلُّ الرِّيقَ وَيَنْشَفُ قَبْلَ وُصُولِ الدَّارِ..

تُنَادِي النَّخْوَةَ لَكِنْ لَمْ تَسْمَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

وَالْهَرْجُ يُنَاجِي غَابَاتِ الْقَلْبِ الْخَاوِي لِلَذِيذِ الْقِشْرِ الْغَارِقِ..

في وَهَجِ الْمُدِنِ الْمُتَعَسِّرِ في شَبَكِ الشَّرَكِ النَّسَوِيِّ..

وَنَارُ السَّكْرَةِ مَا زَالَتْ تَلْسَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

قَصَصُ الأُمَمِ الْمَكْلُومَةِ نَبْكِيهَا شِعْرَاً

وَالشِّعْرُ يَبُوءُ بِطَعْمِ هَزِيْمَتِنَا

فَالْخَطُّ يَضِيعُ مِنَ الصَّفَحَاتِ وَقَدْ يُرْفَعْ

وَالْفِكْرَةُ تُحْبَسُ خَلْفَ جِدَارٍ يَحْكُمُهُ الْبُرْقُعْ

فَالْعَقْلُ يَغِيبُ عَلى دَرْبِ التَّأْوِيلِ لِجَنَّةِ خُلْدٍ..

وَالأَهْوَاءُ تُحَاوِرُ كَهْفَ الْبِدْعَةِ تَسْرِقُ أَرْكَانَ الصَّلَوَاتِ مِنَ الأَجْسَادِ..

 وَعَينٍ لَمْ تَخْشَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

وَالدُّنْيَا تُخْفِي إربَتهَا الْمَحْبُوكَةِ لِلْجُمْهُورِ بَأَيدٍ فَاقِعَةِ الْحِقْدِ الْمَلْقُوحِ

بِرُوحِ الْعَسْكَرِ وَالْمدْفَعْ

أَعْيَادٌ نَنْظُرُهَا فَعَسَى أَنْ تُنْسِيَنَا لَونَ الطَّبَقَاتِ بِلا مَوجِعْ

وَالْيَومُ كَفَرْخٍ يَنْقُفُ بَيضَتَهُ بَحْثَاً عَنْ دُودَةِ عُشْبٍ لَمْ يَفْطُنْ لِفِخَاخِ اللّيلِ..

وِلَمْ يَقْنَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

غَوغَاءٌ تُذْهِبُ عَينَ الآبِقِ مِنْ عُرْفِ الْقَومِ الْمَأْثُورِ وَيَسْتَمْتِعْ

سُفُنُ الْبَطْشِ انْطَلَقَتْ..

وَالْكَيدُ يَعُومُ عُلى عِوَجِ الأَنْهَارِ لِتَسْلِبَ نَشْوَتَنَا مِنْ كُلِّ تُجَاهٍ..

وَالْمَخْمُورُ يُنَاجِي أَينَ خَلاصِي..

يَا وَطَنِي الْمُتْرَعْ

وَنَعِيقُ الْبُومِ يَهِيمُ عَلى أَفَيَاءِ حَدِيقَتِنَا..

وَيُقَلِّبُهَا في رِيحٍ لَمْ تَهْدَأْ مُنْذُ انْتَقَلَتْ

وَالْعِصْمَةُ لَمْ تَرْجِعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

تَتَمَتَّعُ طَائِرَةٌ دُسَّتْ في الْجَوِّ بِكُلِّ خَرَائِطِنَا

وَخُرُومُ الأُمَّةِ لَمْ تُرْقَعْ

وَاللّيلُ طَوِيلٌ يُغْرِقُ صَرْخَتَهَا في جُبِّ الدَاحِسِ وَالْغَبْرَاءِ..

وَصَوتُ اللَّطْمَةِ مَا زِلْنَا نَسْمَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

وَفَقَدْنَا مِلْحَ الْوَقْتِ..

نَئِنًُّ وَنَعْشَقُ رَفْعَ الصَّوتِ..

وَنَطْلُبُ دَفْعَ الْمَوتِ..

لِيَومٍ أَو يَومَينِ..

وَنَنْسَى كيَفَ جُبِلْنَا مِنْ صَلْصَالٍ يُكْسَرُ في عُمْرٍ لا نَمْلِكُهُ..

بَلْ لَمْ نَقْنَعْ

قَدْ نَسْمَعُ رَهْجَ الْحَانَاتِ الصَّوتِيَّةِ عِنْدَ قُنُوتِ الْفَجْرِ..

فَنَرْسُمُ في الَّشَفَتَينِ بِكُلِّ مَشُوبٍ مِنْ هَوَسِ اللّذَّاتِ..

وَلَمْ نُرْدَعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

ثُعْبَانٌ يَرْقُدُ تُحْتَ التِّبْنِ وَيَلْدَغُ قَبْضَتَنَا

وَالْعَينُ تَرَاهُ يَنَامُ عَلى سُرُرِ الزَّوجِيَّةِ وَالأَنْبَاءُ تَجُولُ بِحَارَتِنَا:

 يَا عِزَّتَنَا

وَنَحِيدُ نَلُومُ وَلَمْ نَرْجِعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

وَبَلَعْنَا قَائِمَةَ الصَّمْتِ الْمَنْقُوشَةِ في حَنَكِ الإعْلامِ..

فَلا زَبَدٌ يَرْغُو إلا الْمَكْتُوبِ لَهُ في أَرْوِقَةٍ شُرِعَتْ في نَادٍ رَبَّى

أَلْسِنَةً تَلْوِي عُنُقَ الآيَاتِ لِمَنْ يَرْقََعْ

فَنَصَبْنَا عِيدَاً لِلْفَوضَى

أُمَمٌ قَذَفَتْ مِجْدَافَ مَرَاكِبِهَا عِنْدَ الشَّطِّ الْمَرْهُونِ وَعَولَمَةٍ تَرْبَعْ

لَمَّا ذُهِلَتْ سَرَقُوا بَاقِي الْمِينَاءِ مِنَ الأَقْدَامِ..

إِذِ انْجَرَفَتْ في الْيَمِّ لِتَلْحَسَ بَرْدَ الْوَعْدِ..

وَبَهْرَجَةٌ تَنْصَعْ