كطلعة شمس على ساقيه
طالب همّاش
أزرقاً ينعس ُالبدرُ فوق الغديرِ ...
مذهّبة َ اللونِ تشرقُ شمس ُالصبيحةِ
مع زقزقاتِ العصافيرِ بين الغصون ِ ...
وتبزغ ُكالمزهريّة ِشفّافة ًمن قداستها الصافيهْ .
وكطلعةِ شمسٍ على ساقيهْ ...
لاحَ لي وجهُ تلكَ الصبيّةِ
وهو يطلُّ كزفّةِ سرب ٍصغيرِ البلابلِ
مع جهجهاتِ الأهلّة ِفي ناظريَّ
وغفوةِ نهدِ السماءِ المدوّرِ في الظلمةِ الصاحيهْ .
لاحَ أجمل َمن زهرة ٍتتشرّبُ ماءَ الشروق ِالمذهّبَ
تحتَ سماءٍ حماميَّةِ الغيم ِ،
أصفى من الخمرِ في الآنيهْ !
لاحَ لي النورُ مثل الإوزّةِ ذات الجناحينِ
وهي تحلّقُ مائيّة َاللونِ فوق البساتينِ
لاحت عرائسُ لوزٍ مكلّلة ُ بزهورٍ من النورِ ،
والأرضُ بيضاءَ ، مطويّة ٌ كقماط ِ الطفولةِ
فوقَ السفوحِ
مشارقُها العاطره .
فاستحالَ الهواءُ إلى هدهداتِ ضفائرَ مضفورةِ الخصلاتِ
استحالَ السحابُ إلى مطرٍ ( أبيض ٍ) للرضاعةِ
ما بينَ قلبينِ طفلينِ ..
والثلجُ فوق رؤوسِ الصنوبرِ ( أكوازُ ) من شهوةٍ مسكرهْ !
واستحلتُ إلى بلبلٍ سابحٍ في نسيم ِالأنوثةِ كاللحنِ
روحي تحلّقُ مثلَ الفراشة ِنشوانة ًبالحفيفِ
وقلبي الصغيرُ استحالَ إلى قبّرهْ .
لا النسائمُ بعدُ استفاقتْ رياحينُها في الشبابيكِ
كي تتنفّس َ أرواحُنا كالقطاةِ
ولا صوتُ فيروزَ صلّى الصبيحةَ
مع شقشقاتِ التباشيرِ
لكن سمعتُ صدى صوتها البلبليّ البعيد
استماعَ الغصونِ إلى صوتِ عصفورةٍ في السهولِ
فراحتْ ترفرفُ في شهواتي الفراشاتُ
والآسُ يلسعني بدبابيسهِ الخدره .
رشفةً رشفةً
تنهلُ القبّراتُ لبانَ الزهورِ
وترفعُ نحو السماءِ مناقيرها
لتغنّي إلى اللهِ
والريحُ مفعمةٌ بالرحيقِ
تهزُّ الغراسَ فترقص ُأجراسها
فوقَ صلبانِ أجسادها العاطرهْ .
باكراً يتلألأُ مرآى الغصونِ التي يتدلّى سفرجلُها ناضجاً كالنهودِ
ورفُّ الطيورِ التي سكنتْ كالثمارِ صدورَ الدوالي
يزقزقُ مثنى .. ثلاثاً .. وأعشارَ
تملأ ُ أصواتها بالأغاني سماءَ الأملْ .
باكراً تتراءى ليَ الشمسُ عيناً مقدَّسةَ الحزنِ ،
حمراءَ سكرى كقرصِ العسلْ !
باكراً تستهلّ الطبيعةُ أوقاتها بالوقوفِ دقائقَ حبٍّ
على النهر ِكالمصطفاةِ
وتأتي الصبايا الصغيراتُ
كي يقتطفنَ زنابقَ من شهوةٍ وحليبٍ
ويودعنها صدرهنَّ الرضيعَ ..
وتأتي النساءُ الصبيّاتُ كي يغتسلنَ على مشهدٍ مشمس ٍفي الريبعِ
ويمنحنَ أجسادهنَّ بياضَ السحاب ِالشهيّ
ومن منبعِ النبعِ يُرضعنَ أثداءهنَّ مياهَ الأسى الصاديهْ
والعرائسُ كي يسترحنَ على حجرِ البئرِ مثلَ القطيّاتِ
أو يستحلنَ إلى سوسناتٍ على شفةِ النبعِ ...
كي ينغمسنَ بماءِ الغيومِ
ويفرغنَ جوف َالخوابي من الحزنِ ،
يملأنها بالمياهِ التي يُشربُ الدمع ُمنها
وتأتي فتاةٌ لتبصرَ صورتها المشتهاةَ
يذوّبها الدمعُ في نبعِ ماء ٍصبيّ
فترجعُ ضاحكةً ، باكيهْ !
وتغنّي بصوتٍ صديٍّ على مسمعِ النهرِ
أغنيةً عن أنوثتها المشتهاةِ
فتشرعُ بالزقزقاتِ سنونوّةٌ من صلاةٍ
وتغدو الحروفُ عنادلَ غرّيدةً
في فراديسها الباكره .
وتذوقُ بعينينِ مغمضتينِ
عذوبةَ صبح تعزُّ على الوصفِ
حيث السطوحُ التي تتلامعُ خضراءَ عندَ الشروقِ
وراهبةُ الكستناءِ ترشُّ النبيذَ المقدّسَ
فوق غراس ِ الضحى الغافيهْ .
كانَ فجراً جميلَ الطفولةِ
أزهارهُ باقةٌ من شموسٍ
تفتّحُ زهريّةَ اللونِ كالجلنارِ
دواليهِ يانعةٌ تتدانى عناقيدُها بتشهٍّ
ومن كلِّ برعمِ وردٍ
تشعُّ قطيرة ُضوءٍ
وتسقطُ في الماءِ كالدمعةِ الباكيه !
كنتُ أشربُ نسغ َالثمارِ التي
انعقدتْ كالثريّاتِ في أضلعِ البرتقالِ
و أجلسُ تحت َنهودِ الدوالي
لألمسَ أثداءها بالكؤوسِ
فتدمعُ في الكأسِ قطراتها الصافيهْ .
هذه الأرضُ رائقةً تتألقُ
سكرى برائحةِ العشب ِ
ترشفُ مثل الوليدةِ من رعشاتِ الغيومِ منيَّ المطرْ ..
والسماءُ التي تتراءى لباصرتي كالبحيراتِ
سجّادةً من مروجٍ مطعّمةً بالشقائقِ ،
والطرقاتُ جداولَ مملوءةً بالحليبِ ،
وظلُّ السحابةِ مسترسلاً في أديمِ السواقي
يرفرفُ مثل طيورِ القطا في خيالِ النهرْ .
طائرَ البحرِ يا قلبيَ العاشقَ الشمسَ
ذابتْ شموعُ المغيبِ
فَضُمَّ بجنحيكَ وجهكَ واغفُ
ستصعدُ شمس ُالصبيحةِ كالبرتقالةِ من بئرها بعدَ حينٍ
وتملأُ أسماعنا سقسقاتُ الحساسينِ
ممزوجةً بحليبِ المطرْ !
لكأنَّ سماءَ الأنوثةِ سكّرةٌ لا تذوبُ سوى
في سواقي الصبابةِ أو تستحمْ .
وكأنَّ الطبيعةَ أمّْ
تبذلُ اللوزَ من صدرها العذبِ للعندليبِ الرضيعِ
وتلقمُ أثداءها للبراعمِ
كيما تفوحَ بتفّاحها الحلوِ في كلِّ فمْ