مدن النعاس
مدن النعاس
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
كُـونـي بـبيدِ الذكرياتِ جَداولي
وإذا عـطـشْـتُ فأيقظي أنفاسَهُ
وإذا تـكـسّرتِ الخطوطُ وغادرت
كـونـي لـمـيلادي مرايا شهقةٍ
وتـحـمَّـلـيـني غابةً من لوعةٍ
غـرَقٌ غـدي ومـرافئي مَهْجورةٌ
كـونـي عـبيراً ترتديهِ أزاهري
كـونـي ليَ الأشياءَ في وجعِ الدّنا
وسـفـائـني كوني بموعدِ رحلتي
فـأنـا طـوافي قد بدا في غُربتي
وإلـيـكِ أيـامـي أناختْ ركبَها
مِـنْ أنْ تكوني لي مدارَ عواطفي
كـونـي هـوايَ وأنجمي ودليلتي
كـونـي بـغاباتي غُصينَ تلهُّفٍ
كـونـي ليَ الوطنَ الذي يحتلّني
وفـسـائـلي كوني وقامةَ نخلتي
جذري الذي ضاعتْ شراشِفُ حُلْمه
تـرنـو صـباحاتي لشهقةِ ومضةٍ
كـونـي على سفري رفيقةَ أدمعي
ودمـي إذاً كـوني وكوني أحرفي
وتـفجّرَ الإحساسُ في مُدنِِ النّوى
كـوني فراديسي ، سماءَ رواعدي
حُـلـمـي وفـانوسي يلوّن نزفُه
عُـمـري مآسٍ يفترشْنَ أضالعي
ومـقـاصـلٌ داسَتْ على شهقاتِنا
والـحـزنُ يعصرُ زيتَه بمحاجري
مـلآى شفاهي بل وذاكرتي شجىً
كـونـي بـذاكرتي سماءَ مجرّةٍ
كـونـي كهوفي لو تشظّى موئلي
بل واشْهدي مَوْتي وَسُوْسِي أمرَها
كـوني إلى قحْطي حبيباتِ الندى
ومـراوحـاً كـوني ودفءَ محبةٍ
لـتـعودَ من طُرُقِ الغيابِ حمائمي
وتـعـودَ لي زهرُ النجومِ وتقتفي
أنـا ربّـمـا أحْرقْتْ ثوبي ، ربّما
ولـربّـمـا نُـهبت حضاراتي أنا
كـونـي بـنفسجتي تفوحُ أطايباً
بـدمـي نـمَتْ وتحمَّلت أوجاعَنا
وعـلـى ظفائرِ ليلِكِ المُلقى على
كوني مدادي . في صحائف غربتي
مُذ غبْتِ غادرني الربيعُ وسافرَتْ
لـلآنَ مـنـذُ تركتِني أنا لم أزلْ
يُـتْمٌ دمي ومرارتي عطشٌ جَرى
يُـتْـمٌ وأبـحثُ عن مدائن موطنٍ
وطـنٌ يُـقـاسِـمنا مواجعَ عشْقِنا
جـدْ لـي بـديـلاً مـثـلَه بنقائهِ
مـاتَ الـعـبـيرُ وأينعَت زفراتُه
مُـذْ كـنْـتُ أطفأني رمادُ مآتمي
عـودي أنا وجهي انتظار مُسافرٍ وتـدفـقـي سـيْلاً لحُزنِ سنابُلي
نـهري .إلى إرواءِ روحي حاولي
شُـهُـبي مساحاتي فكوني ساحلي
تـفـتضُّ إحساسي وبوْنَ مَجاهلي
أحـيـا وتـنـثرُني شفاهُ مَعاولي
والطيرُ غادرَ عن غصونِ خمائلي
وقـميصَ شمسي واحتفاءَ مَناهلي
وإذا احـتـرقْتُ فأنتِ كوني قاتلي
وسـواحـلـي إمّا رجعْتُ لِداخلي
وإلـيـكِ دربي عادَ دونَ رواحلي
ولـكِ انتهى زمَنُ الطوافِ فحاولي
ونـشـيـدَ حُبٍِّ في شفاهِ عنادلي
لـو ظـلمتي حاقتْ فأنتِ مشاعلي
وإلـيـهِ تأنسُ في الهجيرِ زواجلي
وإذا دعـوْتُ إلـيَّ جـاءَ مُسائلي
لا تـنـحـنـي أبداً لخفقِ مناجلي
فـجـفتْهُ أمطاري وريحُ هواطلي
وإلـيـهِ حنّتْ في العيونِ ذوابلي
وبـراءةََ الأحـزانِ ، هزجَ قوافلِ
فـيـهـا سَبَتْ نارُ الحنينِ أناملي
وغـدا نـزيـفاً في زفافِ منازلي
وإلـيَّ تـاريـخـاً وبوحَ دواخلِِ
سودَ الدّروبِ وحزنَ روضٍ قاحلِ
ودمٍ أبـاحـتْـه سـهـامُ قـبائلي
وأسـافـلٌ عـاشـت بظلِّ أسافلِ
والـجـمرُ يقفزُ في عروقِ دماملي
وأنـا آحتوتْني في الضياع مداخلي
وتـمـعَّـنـي فـيها ولا تتماهلي
أرجـوكِ واحتملي غيابَ مَراحلي
روحي .وعيشي في احتراقِ الكاملِ
حـتّـى أُقـيمَ على الترابِ نوافلي
ويـداً تـلـمـلمني وموجَ مناهلِِ
ويـعـودَ طاووسي لخيمةِ (بابلِ)
مُـدنـي .وتقرأ للحضورِ رسائلي
فـيـه احترقْتُ فكنتُ نارَ هوائلِ
ولـربّـمـا بـيعَتْ تخومُ أوائلي
وبـهـا تـخـبِّؤني دموعُ قوابلي
ولـهـا أسلْتُ الروحَ دفقَ جداولِ
رمْلِ الجراحِ .وفي جفونِ مكاحلي
وحـكـايـة تـروى بثغر جدائلِ
زخّـاتُ فـجري فاستراحَ عواذلي
أرنـو لـوعـدك في متاهِ مداخلي
وتـقـاسـمَ الحزنُ المريرُ ثواكلي
أكـلـتْهُ نيراني وعصفُ زلازلي
ولـهُ حـلـفْـنا لنْ نخونَ مَشاتلي
لا لـنْ تـكونَ كما العراقِ بدائلي
جـمـراً .وعاشتْ بالحنينِ فسائلي
وتـقـاسَـمَت مُدنُ النعاسِ مَقاتلي
يـنـأى .وأطفأتِ السنينُ مشاعلي