إلى أين المسير
إلى أين المسير
من ديوان شظايا النفثات الجزء الأول
رزاق عزيز مسلم الحسيني - السويد
[email protected]
إلامَ بـكَ الـنّـوى تبقى تهيبُ
إلـى أيـن الـمسيرُ فقد تلظّى
إلـى أيـن الـمسيرُ أرحْ ركابا
ألا تُـلـقي عصا الترحالِ يوما
أَمِـنْ بـيـداء مُـجـدبةٍ لقفرٍ
بـهـذا الـعـالمِ المنحطِّ ترجو
تـقـلّـبُ طـرفك الطمّاحَ فيه
فـيـقـذفُـكَ الزمانُ بها مغيظا
فـتـشـربُ ظامئا بردَ السرابِ
يـظـلُّ شـبـابُكَ الظامي ينزُّ
وتـنـكـأُ قـلبك الدامي جراحٌ
وما لك من هوى الأحبابِ إلاّ
إلـى أيـن المسير فحيثُ تهفو
ولا ألـقٌ يـنـيـرُ لك الدّياجي
فـمـا لـك غيرُ هاتيك الفيافي
تـحـوطـك مـن كآبتها بسورٍ
ويـطـفـي وقـدةَ الآمال يأسٌ
لـيـالـيـهـا طوالٌ موحشاتٌ
ونـفـحـتـها اذا هبّتْ سَمومٌ
تـهـشُّ بـوجهك الباكي رياءا
ولـن تـلـقـى بـها خلّا وفيا
تـفـيـأْ في ظلالِ البيدِ واندبْ
قـضـى فـينا الزمانُ بشرِّحكمٍ
فـحـلوُ الروضِ للجهالِ مرعىً
كـأنَّ الـدهـرَ حـربٌ للمعالي
فـيـا وطني المفدّى ذاب شوقا
يـنـاجـيـك الفؤادُ وقد تشظّى
فـقـد لجَّ البعادُ وغاضَ صبري
فـكـلُّ مـسـافرٍ سيؤوبُ يوما
ولـي أمـلٌ أُعـلّـل فيه نفسي
ويـكـفـيني افتخارا ما أُلاقي
فـيـا وطـنَ الجمالِ بلا مضاهٍ
أرى الـطـغيانَ فوقكَ مسبطرّا
وتـنـهـشـك الذئابُ بلا كلالٍ
ألا لـعـنَ الإلـهُ جـنـاةَ قومٍ
اذا الاشـرارُ بـالحكمِ استبدّتْ
وطـالَ سـكوتُها جُبنا وحرصا
تـلـمُّ بـها المصائبُ كلَّ حينٍ
وصُـبّـتْ فـوقـها الالامُ وبلا
فـلـولا الـليلُ ما دجتِ السماءُتـجـشّمُكَ الصعابَ وتستجيبُ
فـؤادٌ مـن تَـمـلمُلِهِ غضوبُ
لـقد طالَ السُّرى وشكا اللغوبُ
فـقـد شَـقِـيَتْ بمنآكَ القلوبُ
فـلا ظـلٌّ ولا مرعىً خصيبُ
وتـنـشـدُ حـالما عيشا يطيبُ
فـتـبـدو مـن مجاهلهِ ثقوبُ
وتـلـقـفُـكَ المهامِهُ والسهوبُ
ويُـطـفـي كبدَكَ الحرّى لهيبُ
سـنـينا يشتكي منها الشحوبُ
ويـشربُ روحَكَ القفرُ الجديبُ
لـهيبُ الشوقِ والذكرى نصيبُ
يـصـدُّك عن ثراه الطهر ذيبُ
فـقـد حـجبَ السنا ليلٌ رهيبُ
فـقـد ضاقتْ بسالكها الدروبُ
وتـحرسُكَ المخاوفُ والكروبُ
لـه فـي قـلـبك الآسي دبيبُ
يـضـيقُ بأُفقها الكونُ الرحيبُ
يـجفُّ بلفحها الغصنُ الرطيبُ
وإنْ تـبـسـمْ فبسمتُها قطوبُ
تـظـنُّ الـخيرَ فيه ولا يروبُ
فـؤادا مـن تـحـرّقـه يذوبُ
يـلـذُّ الـوغدُ إنْ حُرِمَ النجيبُ
وقـحـطُ الـقفرِ يرعاهُ اللبيبُ
فـلا يـشـقـى به إلاّ الأديبُ
وحـنَّ إلـى شـواطئك الغريبُ
ورقَّـتْ مـن تـهـرّئهِ الندوبُ
مـتـى يـلقى أحبَّتَهُ الحبيبُ؟
وروحـي مـن تـخوّفها تلوبُ
بـأنَّ غـدا لـنـاظـره قريبُ
وأنّـي مـن مـحـبّـتِهِ أذوبُ
ويـا نـبـع الثراء ولا نضوبُ
وأنـفُ الشعب مجتدعٌ خضيبُ
وأنـت مـصـفّـدٌ دامٍ سـليبُ
بما اجترحوا وما جنتِ الحروبُ
وهـابـتْ من جنايتها الشعوبُ
ويـغـريـهـا بـه أملٌ قريبُ
وتـصـرخُ تستغيثُ ولا مجيبُ
وعمَّ الخطبُ...فالجاني الشعوبُ
ولولا الصمتُ ما طمتِ الخطوبُ