دَعِ المُنى

د. مصطفى المسعودي

[email protected]

(عُذرا أبالعلاء المعري ..عذرا أبا العتاهية إذ أقتبسُ من شجرتيكما شيئا من نار..)

دَعِ الأمَانِي.. وَالوُعُودَ الكاذِبَاتْ

دَعِ الهَوَى..وَمَا مَضَى..ومَا أتى ..

وَمَنْ شدَا ..وَمَنْ بَكى ..

دَعْ كلّ شيْءٍ عَابرٍ..

 وَانظرْ إلى عُمْق الحَياة ْ.

يَـ ـــ ـــ ــا مُصطفى..

كمْ قدْ بَنيْتَ مِنْ أمَانٍ خادِعَاتْ

قلْ هَلْ ترَى مِنْ بَعْدِهَا غيْرَ الرّفاتْ

كمْ قدْ شدَوْتَ الأغنيَاتْ:

"وَيَا حَبيباً قدْ أتى..

وَيَا حَبيباً قدْ مَضى .."

قلْ هَلْ ترَى سِوَى بَقايَا الذكرَيَاتْ

وَالذكرَياتْ..والذكرَياتْ..

يَأتِي الزمانْ ..يَمْضِي الزمَانْ..

 فِي سُرعَةٍ خاطِفةٍ وَمُذهِلة ْ..

كلُّ الوُجُودْ....

كلّ الوُعُودْ..

حَتى الورودْ..

حَتى العُيونُ السُّودْ

تقولُ لكْ

يـَـ ـــ ــ ــا مُصطفى....

حَدائِقُ الدُّنيَا ظلالٌ زائِلة ْ

أيْنَ الأحِبّاءْ..أيْن الأخِلاءْ..؟

أيْنَ رجَالٌ قدْ ألِفتهُمْ هُنا فِي العَائِلة ْ ..؟

قدْ رَحَلوا مِثلَ الصّبَاح

وَاحِداً ..فوَاحِداً

بَلْ رَحَلوا فِي قافِلة ْ

 يـَـ ـــ ـــ ــامصطفى...

دَعِ المُنى فهَذِهِ الحَيَاة ُ زائِلة ْ

بالأمْس حِينمَا مَرَرْتُ جَنبَ أسْوَار الدّيارْ

ارْتجَفتْ فرَائِصِي

إذ ْ هَالنِي صَمْتُ حِمَاهَا..

آلمَنِي زهْرُ نبَاتٍ يَابسٍ

مُبَعْثرٍ فوْق ثرَاهَا..

يَاعَجباً أيْنَ مَضتْ

جَدَاولُ الفرْحَةِ كانتْ

تكتسِي كلّ رُبَاهَا...؟

وَالطيْرُ كانَ هَاهُنا كالضّوءِ لامِعاً

تـُرَى تِلكَ الطيُورمَا الذِي مَحَى خطاهَا..؟

آهٍ ..فهمْتُ ..قدْ فهِمْتُ..

قدْ مَضَتْ ..

مَضَتْ لأنَّ هَذِهِ الحَيَاة َ

حَتماً زائِلة ْ

دَعِ المُنـَى..

دَعِ الأمَانِي الكاذِبَاتْ..

كمْ مِنْ مُلوكٍ عَبَرُوا مِنْ هَاهُنا

تطاوَلوا..وَصَاوَلوا..

كانوا طغَاة ْ

لكنـّهُمْ ..

حِينَ أتى حُكمُ القدَرْ

ألقوا عَلى جَنبِ الرّصِيفْ

 مِثلَ الحَجَرْ

مَاتـُوا عُرَاة ْ..

يـَ ـــ ــــ ــامُصْطفى..

لوْ أنكَ...

 نَظرْتَ نظرَة ًعَمِيقة إلى كأسِ الحَيَاة ْ

كنتَ رَأيْتَ أنهَا مَحْضُ سَرَاب

مَحْضُ فـُتاتْ..

مَا قدْ مَضَى..مَضَى

وَلكِنْ سَوْفَ يَمْضِي كلُّ آتْ

يَالضَلالةِ البَشرْ

أبْصَرْتهُمْ ..يَسْحَقهُمْ وَهْمُ الحَيَاة ْ

أبْصَرتهُمْ ..يَجْرُونَ..يَجْرُونَ..وَرَاءَ

رَوْنقِ السّرَابِ؛

 قدْ تخيّلوهُ مَاءَ نهْر ٍ سَائِغٍ

عَذبٍ فـُرَاتْ..

يَاقلبيَ التائِهَ فِي بَحْرِ الحَيَاة ْ

إليْكَ عَنـّي ..

لاتحَدّثنِي عَنِ الحَيَاة ْ..

فهَذِهِ الحَيَاة ْ..

إنسَانـُهَا ..حَيّاً يُرَى ..

بَيْنَ الوَرَى..

لكنـّهُ.. فِي الأصْلِ ..مَاتْ..

فِي الأصْلِ ..مَاتْ.