طُيُوفٌ عَابِرَة
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]سَبَحْتُ بِوِجْدَانِي فهَامَتْ خَوَاطِرِي
كأَنَّ كَيَانِي غَائِبٌ عن حَيَاتِهِ
تَطيشُ به ريحُ الهَوَى وتَصُدُّهُ
أسيرُ وأحلامِي تَضيعُ وكُلَّمَا
حَيَاتِي طُيُوفٌ عَابِرَاتٌ، فما غَدِي
أَيَخْفِقُ مِنْ وَقْعِ الحياةِ وكلُّها
ولَمَّا بَكَى قلبي وكُلِّيَ لَوْعَةٌ
ومَنْ لم تُطَبِّبْهُ الأُسَاةُ فوَيْحَهُ!
ومَنْ لَبِسَ الدُّنْيَا مُحِبًّا تَعَقَّبَتْ
فإلاَّ يُغادِرْهَا بقلبٍ تَسَرَّبَــــــتْ
وَكَمْ دَائِبٍ أفنَى الحياةَ فلم يَجِدْ
رأيتُ الحياةَ اسْتَوْحَشَتْ وتَمَنَّعَتْ
ولمَّا يَبِنْ بَعْدُ السَّبيلُ لِتَائِهٍ
فَيَا قَلْبِ مَا الدُّنْيَا بِدَارِ سَعَادَةٍ
وَمَا فَازَ إِلاَّ مَنْ سَعَى بِحَيَاتِهِ
ولَمَّا أَرَ الأشياءَ حَقًّا وما دَرَى
وكلُّ مُرادٍ قَدْ تَبَدَّى بحُسْنِهِ
فإنْ أنتَ لم تُؤْثِرْ فؤادكَ والهُدَى
وإلاَّ يَكُنْ للقلبِ حَادٍ إلى العُلاَ
وهل تَهْتَدِي للشَّمْسِ عَيْنٌ سَقِيمَةٌ
إذا ما تَجَلَّى النورُ في الأفْقِ أعرَضَتْ
عَجِبْتُ لِرُوحِي لا يَبِينُ لها المَدَى
ولَوْ أَبْصَرَتْ مِنْ حَوْلِهَا لَتَبَيَّنَتْ
ولَكِنَّهَا الدنيا تُزَيِِّنُ حُسْـــنَهَا
رَأَيْتُ سبيلَ الرُّشْدِ حُبَّ مُحَمَّدٍ
فسِرْ في رِكَابِ النورِ يُشْرِقْ بنُورِهاوطَالَ غِيَابِي بَيْنَ مَاضٍ وحَاضِرِ
وَعَقْلِي شَرِيدٌ في مَهَبِّ المَخَاطِرِ
عَنِ الرُّشْدِ مِنْ ظَنٍّ فيَقْصُرُ نَاظِرِي
تَوَهَّمْتُ ظِلاًّ غَرَّنِي كُلُّ عَابِرِ
وما شأنُ قلبٍ لم يَزَلْ غَيْرَ قادِرِ؟
مِرَاءٌ وأحداثٌ وبَحْرُ تَآمُرِ!
ومَحْضُ سَقَامٍ لمْ أَجِدْ مِنْ مُشَاطِرِ
فلَيْسَ تُرَجِّي راحةً نَفْسُ حَائِرِ
سَعَادتَهُ حَتَّى تَضيعَ بخَاطِرِ!
إليــــــه بأشجانٍ وإلاَّ يُبَادِرِ
مُنَاهُ، وكـــم عَانٍ بها ومُثَابِرِ
عَلَيْنَا مَعَانِيهَا بِأَيِّ سَرائِـــرِ
ولمَّا يَبِنْ بَعْدُ الضِّيَاءُ لنَاظِرِ
لِعَبْدٍ، وما الإنسانُ غيرُ مُسَافِر
وَمَا حَمَلَتْ للهِ غيرَ مُكَابِرِ
فُؤَادِيَ مِنْهَا كُلَّ مُؤْذٍ وضَائِرِ
وَإِنْ كَانَ فيِ مَعْنَاهُ لَيْسَ بِطَاهِرِ!
على بعضِ ما تَهْوَى فلستَ بخَابِرِ
فدَأْبُكَ في نَيْلِ العُلاَ دَأْبُ صَاغِر
بها رَمَدٌ؟ أو تَرْتَقِي نَفْسُ خَائِرِ
مَخَافَتَهُ، واسْتَسْلَمَتْ لِدَيَاجِرِ
مُحَيَّرَةً ما بينَ نَـــــاهٍ وآمِرِ
هُدَاهَا قريبًا واضِحًا غيرَ غابِرِ
لِسَاهٍ ، و تُخْفِي النورَ عن عينِ نَاظِرِ
فما كحبيبِ اللهِ نورِ البَصَائِرِ
فُؤَادُكَ، وارْغَبْ عن ظلامِ الخَوَاطِرِ