ذكرى الشهيد أكرم زهيري
ذكرى الشهيد أكرم زهيري
أ.د/
جابر قميحةالمهندس أكرم زهيري أحد ناشطي الإخوان المسلمين بمدينة الإسكندرية، وهو يبلغ من العمر قرابة 40 سنة. قبض عليه –ظلما وعدوانا- ضمن 58 من الإخوان يوم 15/5/2004. وبسبب التعذيب، وتركه بلا دواء ولا علاج قرابة عشرة أيام وهو المريض بالسكر الشديد، لقي ربه شهيدا يوم الأربعاء: 9/6/2004. وترك وراءه زوجة، وثلاثة أبناء: (دعاء) في المرحلة الإعدادية، و(محمد) في المرحلة الابتدائية، و(هدى) في الرابعة من عمرها . وبعد ذلك استشهدت بنته الكبرى " دعاء" في حادث أليم . وهذه القصيدة بمناسبة مرور أربع سنوات على استشهاده . .
بـدمـاء الـشـهـيـد يـعلو أربـع قـد مـضت وما زلت ذكرى -مِـثْـلُـهُ فـي مُـقَامِهِ ليس يُبكَى - أيـهـا الـراحـلُ الـجليلُ سلاما - عَـالَـمٌ طـاهِـرٌ زكـيٌ نـقـيٌ فـيـه أَمـنٌ مُـعَـطَّـرٌ لـم تَشبْهُ * * * - وَيحَ قلبي – يامصرُ- والظلم يعوي - كُـنـتِ -يـامصرُ- دُرَّةً كَمْ تَغَنَّى كـنـت –يامصر- مَوْئِلا للحيارى وأمــانــا لــمـن فـقـد الأم و"حـقـوق الإنـسـان" أصل أصيلٌ وَتَـولَّـى نُـهُـوضَـكِ الـحْكماءُ * * * ثـم هـبَّـتْ عـلـى عُـلاك ذِئابٌ فـاقـت الـصـخـرَ قسوةً وجمودا * * * ويـح ويح قلبي يامصر والظلم يعوي صـرت ويـحي "أَبُوغريبٍ" ، وفيه وعــلـى أمـرِهِ يـقـوم طـغـاةٌ مـمـتـعٌ عـنـدهم عذابُ الضحايا وصـراخُ الـجـراح هز رُؤَى الفج * * * قـتـلـوا "أكـرَمَ الزُّهيَرِي"، وقالوا قـلـتُ "سُـحْـقًـا لكم أيها الأدعياء إنَّ مـن يـتـرك الـمريضَ يعاني لا طـبـيـبٌ يُـطـبِّـهُ وَيُـواسي هُـوَ بـالـغـدر قـاتـل وغـويٌّ * * * أيـهـا الـقـاتِـلـوه، لـمَ ْتـقتلوه إن دربَ "الإخـوان" كـنـز غـني كــلـهـم أكـرمٌ كـريـمٌ وفـي عـزمـةٌ حـرةٌ، وقـلـبٌ نـقـيٌ فـاخْـسـئُـوا أيـهـا الـبغاةُ، فإنَّا وَالـعـنـيـهـم يامصرُ لَعنا كبيرا واسـألـيـهـم إن استطاعوا جوابا "أيَّ ذَنـبٍ جـنـى فَـرُمِّـلَتِ الزَّو ذنـبُـه أنـه قضَى العمرَ في الحق ولـقـد عـاش شـامـخـا وأبـيَا زاهـدا فـي الـمـتـاعِ، لم تَسْتَمِلْهُ مـؤمـنـا بـالـجـهاد خيرَ سبيلٍ وبِـأَنَّ الـقـرآنَ دسـتـورُ عـدلٍ وبــأنَّ الإسـلامَ ديـنٌ وسـيـفٌ وبــأن الـرسـولَ قُـدوةُ خـيـرٍ تـلـك مِـشـكَاةُ دعوةِ الحقِّ والنو عَـاشـهـا "أكـرمُ الـزهيرِي" وَفيًا * * * فـاخـسـئـوا – أيـها الطغاةُ- فإنَّا والـعـنـيـهمْ –يامصرُ-لعنا كبيرا واسـألـيـهـم إن استطاعوا جوابا " هـل أعـدْتـم بـقـتل أَكْرَمَ مجْدا هـل مـسـحـتـم بقتله دمعة الشا هـل قـتـلـتـم بقتله الجوعَ وَالفَقْ هـل فـتـحـتم بقتله القدس والأقْ هـل أعـدتـم بـقـتـلـه لِحِمَانَا بـل رأيـنـا الأصـفارَ تَهْمِي عليكم فـبـأيـدكـمُـو غدت مصرُ صِفْرا نـزع الله مـن قـلـوب الأعـادي وَشُـغِـلْـتُـمْ بـحـب دُنياكم العُمْ و"حـقـوقُ الإنـسـانِ" كِـذْبٌ وزرٌ * * * فـاشـكُ يـا "أكـرمُ الزهيري" لربٍّ وافـخـري أسـرة الـشـهـيدِ بفذٍّ عـاش لـلـحـق مُـخْـلِصًا وأمينا وهـنـيـئـا إذ أدركـتـه دعـاء وغـدا لـكـم جـمـيـعـا لـقاءُ | البناءثـابـتـا راسـخـا ويـزهو صـاغـهـا الـخلد والشذا والسناء فَـقـلـيـلٌ عـلـى الشهيد الرثاء فـعـن الأرضِ أكـبـرتـك السماءُ حَـلَّـه الـصـديـقـون والأنـبياء وَصْـمَـةُ الـظُّلمِ أَوْ هوَىً أَوْ عَمَاء * * * أَيـنَ فـيـك الـشَّذَا، وأين الضياء؟ فـي بـهـاهـا ومـجدها الشعراء وَمــلاذًا يــرومُـه الـطُّـرداء نَ، وفـيـك الـسـلامُ والـنـعْماء قـدْ حـمـتـه الـشـريـعةُ الغرَّاءُ وتَـسـامَـى بـعـلـمـكِ الفقاءُ * * * ضـاريـات، قـلـوبُـهـا عـمياءُ ومـن الـصـخـرِ قـد يفور الماء * * * أيـن فـيـك الـسَّنَا، وأين العلاءُ؟ أُلْـقِـيَ الأتـقـيـاءُ والـشـرفاءُ وَلإبـلـيـسَ حـبُّـهـم والـولاءُ ولـذيـذٌ دُمـوعُـهـم والـدمـاءُ رِ ، وَرِيـعَـتْ لِـوَقْـعِـهِ الظلْماء * * * "نَـحْـنُ مِـنْ قَـتْلهِ براءٌُ … براءُ" كَـذِبٌ مـا زعـمـتـمـو وافتراء تــحـتـويـه زِنْـزَانَـةٌ سـوداء لا عــلاجٌ يـرومُـه ودواء وَهْـوَ فـي الـغـدر حـيةٌ رَقطاء" * * * فـهـو حـيٌّ لا يـعـتـريه الفناء بـالـمـلايـيـن. كـلـهم "بنَّاء" طَـبـعـتْـهُ الـمـبادئُ السمْحاء وثـبـاتٌ، وعـزةٌ، وإبـاء لا نـبـالِـي بـمـا قضى السفهاء الـعـنـيـهـم، فـكـلـهـم لُؤَماء فـلـكـم ضـل سعيهم، وأساءوا: جَـةُ؛ ظُـلْـمًـا، وَيُـتـمَ الأبناءُ؟" قِ شـريـفًـا، لـم تُـغْرِهِ الأهواء لا نــفــاقٌ يـغُـرُّهُ، أو ريـاء مُـتْـعَـةٌ، لا وَلَـمْ يُـمِـلْـهُ ثراءُ ولــقــاءُ الإلـهِ فـيـه رجـاء خـالـدٍ شـامـلٍ، وفـيـه الـشفاء ونــظــامٌ ودولــةٌ ومَـضـاءُ وزعـيـمٌ، مـا غـيـرُهُ زُعـمـاء رِ، وفـيـهـا الـنـجـاةُ والإحياء فـلـهـا – لا لـغـيرها- الانتماء * * * لا نـبـالـي بـمـا قضى العملاء الـعـنـيـهـم، فـكـلـهـم لُؤَماء فَـلَـكَـمْ ضَـل سـعيُّهم، وأساءوا: لـبـلادي، فـحـلَّ فـيِـها العلاء؟ كـي فـولّـىَ الـضَّنَى وَفرَّ الشقاء؟ رَ، فَـقَـرَّ الـجـيـاعُ والـفقراء؟ صَـى-، فـعـزَّ الـلواءُ والإسراء؟ مـا أضـعـتم ، فعزَّت الضعفاء؟" ثـم هُـنـتـم كـمـا تهون الإماء فـازْدرانـا الأعـداء والأصـدقـاء أن يـهـابـوكـمـو، وأنـتمْ غُثَاءُ رَ ، وعـشـتـم قـلـوبُـكُم عمياء وادِّعـاءٌ ، وَهْـيَ مـنـكـم براء * * * عـادلٍ عـنـده يـجـابُ الـدعاء مـا انـحـنـتْ مـنـه جبهةٌ شَمَّاء يـبـذل الـنـفـسَ إِنْ دعاهُ الفداء فـغـدوت شـهـيـدة يـا "دعـاءُ" فـي جِـنِـانِ الـخـلـودِ نِعْمَ اللقاءُ | اللواء
ثم حدث ماكتبته في السطور الآتية . وإنا لله وإنا إلي راجعون :
دعاء أكرم زهيري شهيدة.. بنت شهيد
بالأسي الأليم أعتصرُ قلمي لينزف من روحي وقلبي ووجداني مدادا أسجل به هذه الكلمات, ففي مساء السبت (17/2/2006) اتصل بي هاتفيا من الإسكندرية أخي الأستاذ أحمد الشوربجي لينعي إليّ «دعاء أكرم زهيري» الذي استُشهد يوم 9/6/2004 تحت وطأة الاعتقال والتعذيب والحرمان من الدواء, استُشهدت «دعاء» بضربة من «ترام» غاشم, لم يرحم شبابها الغض, ولا أملك إلا أن أقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, ورحمك الله يا دعاء».
لقد أخبرني أخي أحمد أنك بعد استشهاد أبيك دعوت الله «اللهم اجعلني أول من يلحق به».. واستجاب الله دعاءك يا دعاء, فكنت أول من يلحق به.. في النبيين والصديقين والشهداء, وحسن أولئك رفيقا.
وأذكر يا دعاء أنه يوم استُشهد أبوك -وكنت أنت آنذاك في المرحلة الإعدادية- رثيتُهُ بقصيدة قلت في مطلعها:
كفكفي الدمعَ واصبري يا دعاءُ
ليس يغنيك عن أبيك البكاءُ
مثله في مقامه ليس يُبٍْكى
فقليل علي الشهيد الرثاء
........................
.......................
وهنيئا يا آل أكرم -بشري-
يا «هدي» يا «محمدُ» يا «دعاءُ»
بأبيكم غدا يكون اللقاءُ
في جنانً الخلود نعم اللقاءُ
وأخيرا استجاب الله لدعوتك يا بنتي دعاء, وها قد تم اللقاء, وأنعم به يا دعاء من لقاء, وأبوك الآن -بلا ريب- بك سعيد, وأنت الآن -ولا ريب- بأبيك سعيدة.. فكنتِ أول من يلقاه -يا حبيبتي- في عالم الرحمة والسماحة والصفاء.. عالمً الحب والخلود والنقاء.
لقد ذكّرْتني -يا ابنتي.. يا شهيدة.. يا بنت الشهيد- بما جاء في الأثر الطيب من أن النبي صلي الله عليه وسلم في مرض موته, أسرّ لفاطمة ابنته بكلام لا يسمعه غيرها فبكت, وبعدها أسرّ لها بكلام فضحكتٍ, وقالت فيما بعد : إنه أخبرني أول مرة بشعوره بأنه ميت في مرضه هذا فبكيت, ثم دعاني للمرة الثانية فقال: «أنت أسرع أهلي لحوقا بي» فضحكت.
وماتت السيدة فاطمة الزهراء بعد ذلك بستة أشهر, وكانت أسرع أهله لحوقا به.
يرحمك الله -يا دعاء- يا شهيدة يا بنت الشهيد.