سرائرُ الحرير!
أ. د. عبد الله بن أحمد الفَيْفي
[email protected]كَـحُـلْـمٍ مَـشَـى في لُجَّةِ اليَمِّ راهبُهْ
وفـي عَـيْـنِ ذاتيْ سَافَرَ الشَّوقُ، شَاهِقًا
ولَـمَّـا تَـوَلَّـى مُـنْـتَهَى الشَّطِّ مُهْرُهُ
رَأَى فـي تَـلابـيـبِ الـمَوامِيْ غَزالةً
تُـقَـبِّـلُ مـا يَـنْداحُ مِنْ شَجوِ صَدْرِهِ
وفـي غِـرَّةٍ، هَـبَّـتْ عَـصُوْفًا بِوَجْهِهِ
فـلا الـبَـحْـرُ يُـنْجِيْهِ، ولا البَرُّ مُنْقِذٌ،
تَـقُـوْلُ، إذا مَـا جَاءَ، والعِطْرُ صوتُها،
أُعـانـيْ ، حَبيبيْ ، في حَرِيْرِيْ سَرائرًا
تَـوَغَّـلَ بِـيْ قَـحْـطٌ قديمٌ ، وغالَنيْ
أرانـيْ سَرابًا. لا أَرَى الوَقْتَ صاحِبي،
وَقَـفْـتُ عـلى كُلِّ الدُّرُوْبِ ، وأَدْبَرَتْ
وحَـطَّمْتُ شَوْقًا في الموانيْ - ولم أزلْ-
إلـى كَـمْ مَـواعِـيْدِيْ هَواءٌ ، ورُؤْيَتِيْ
أَقِـلْـنِـيْ ، فَتَى عُمْرِيْ ، تُنَاخِيْكَ طِفْلَةٌ
فـأصـغيتُ ، لا أدريْ أَبِيْ مَسُّ طارِقٍ
"أَقِلْنِيْ"؟!..أنا مِنْ عَثْرَتِيْ الأرضُ تَنْزَوِيْ
أنَـا بَـعْـضُ مـا أَبْـقَتْ لَيالٍ بمِخْلَبٍ
أنـا مَـنْ أنا؟ ما عُدْتُ أدريْ! ومَن هُنا؟
ومـا هـذه الـدُّنـيـا؟ وما في بطونِها؟
تَـرُوْغُ بِـنـا الأيامُ، شمطاءَ، ما غَوَتْ،
ومُـذْ (كُـنْفِشُوْسِ) الصِّيْنِ ما لاحَ بارقٌ
و"يُـوْتُـوْبِـيـانـا": غيمةٌ.. ثُمَّ أَجْدَبَتْ،
وكَـمْ مِـنْ نَـبِـيٍّ حاربَ الناسُ سِلْمَهُ
فـبـيـنـا عـتـا شَكِّي وثارتْ حمائمٌ
تـولَّـتْ. أكـانـتْ هـاهنا؟ أم تَلَبَّسَتْ
ذَوَى الصَّوْتُ في صَوْتِيْ، فأَمسيْتُ مُفْرَدًا،
فـيـا نَفْسُ ، بِيْ مِنْ واكِفِ الهَمِّ وارِفٌ،
رَمَـتْ بِـيْ تَـضارِيْسَ البِداياتِ بَغْتَةً،
وهَـلْ دُونَـمـا قَـدْ دَوَّنَتْ في صَحائفيْ
كـحُـلْـمٍ أَتَـتْ مِنِّيْ ، وغابَتْ بآخَرِيْ،
إذا مـاتَ هَـمْـسُ الـصادحاتِ بخافِقٍ،
ذَكَـرْتُ أبـا تَـمَّـامَ ، والسَّيفُ صادِقٌ،
"قِـفـا نَـبْكِ من ذِكْرَى حَبيبٍ وسَيْفِهِ"،
فـأَيْـقَـنْـتُ أنَّ الـلَّيْلَ ما انفَكَّ مَرْكَبًاتَـجُـوْسُ انـتـفـاضَ الماءِ فِيهِ كَتائبُهْ
تَـخَـطَّـفُ ، أو شِـعْـبًـا تُغِذُّ غَياهِبُهْ
وأَلْـوَتْ بِـواديْ الـتِّـيْـهِ شُقْرًا ذَوائبُهْ
تُـغَـنِّـي، فـأَشْجَتْهُ ، وجَاشَتْ غَواربُهْ
بِـنَـبْـعٍٍ كَذَوْبِ الفِضَّةِ ، العَذْبِ ساكِبُهْ
فـغـابـتْ مـرائـيـهِ وغارتْ كَواكِبُهْ
وثـارتْ بِـهِ الأريـافُ صُـفْرًا تُواثِبُهْ
ومِـنْ كُـلِّ بـابٍ راحَ بـالـوَجْدِ آيِبُهْ:
مِـنَ الـوَرْدِ ، إذْ نَادَى على الوَرْدِ نادِبُهْ
مِـنَ الـمـاءِ تَـيَّـارٌ يُـجَارِيْهِ راكِبُهْ
وهـذا الـنَّدَى المُختالُ هل فيكَ صاحِبُهْ؟
قِـطـاراتُ مـا أَبْغِيْهِ ، والتَّوْقُ خاطِبُهْ
فـؤاديْ. وتَـبْـنِـيْ كُـلَّ رَكْبٍ تَجَارِبهْ
ضَـبـابٌ ، ووَجْهِيْ هاربٌ مِنْهُ طالِبُهْ؟
أَتَـتْ بـابَـكَ الـعَـاليْ تَدَهْدَى جَوَانِبُهْ
مِـنَ الـجِـنِّ ؟ أم جِـنُّ ابْنِ آدمَ كَاذِبُهُ
حِـذَارًا ، ورِجْـلِـيْ كُلّ خَطْوٍ تُجَانِبُهْ!
ومـا خَـلَّـفَ الإنـشـادُ مِنِّي وحَاطِبُهْ
ومـا أمسِ مِنْ يَوْمِيْ؟وما الصُّبْحُ كاسِبُهْ؟
لـكَـمْ دَبَّ فـي هـذا النسيمِ عقاربُهْ؟!
ولـكـنْ عَـدَتْ فـي الكَرْمِ أُسْدًا ثعالبُهْ
إلـى الـيومِ في صَحْرَاءَ شاختْ تُراقِبُهْ
وطـارتْ ب(تُـوْمَسْ مُوْرَ) عَنْها رَغائِبُهْ
وكَـمْ مِـنْ غَـبِـيٍّ حاربُوا مَنْ يُحارِبُهْ
مِـنَ الـقَـلْـبِ ما حَطَّتْ بقَلْبٍ تُجاوِبُهْ
بـكَـوْنِـيْ؟ وبَـذَّ الـبثُّ بابًا تُوارِبُهْ؟
وغـابَـتْ بذيْ غَابٍ مِنَ الوَحْشِ غالِبُهْ
رُزِئـتُ الأَنِـيْـسَ الـحامِلَ الهَمِّ غارِبُهْ
وأفـضـتْ ، فَمَنْ لِيْ بَعْدَها مَنْ أُعَاتِبُهْ؟
فَـتـاتـيْ قَـصِـيْدٌ يُشْعِلُ اللَّيلَ ثاقِبُهْ؟
ومـا بَـيْـنَ فِـعْـلَـيْـها وُجُوْدٌ أُناهِبُهْ
فـكُـلُّ عُـواءٍ- لا أبـا لَـكَ – جاذِبُهْ!
وَ"بَـاءً" يُـدَارِيْـهِ بِ"هَـاءٍ" تُـعـاقِبُهْ
يـقـولُ صَـدِيْـقِيْ ، إذ تَغَشَّاهُ واصِبُهْ
"وَأَخـشَـنُ مِـنـهُ في المُلِمَّاتِ راكِبُهْ"!
