المعجزة الستون
المعجزة الستون
د. سعيد عبيد
المقلاع
... و تساقطت كل القبائل
في الطريق
لما رأت جالوت يقدُم قومه
و له زعيق من بعيد
و له مقامع من حديد
لكن عين القوم لم تفتأ تراقب غزة
تحصي المواليد الجدد
و تتابع الأيدي الصغيرة بارتياب
إذ أطلق الأحبار رؤيا كالضباب:
" إنا نرى مقلاع طفل
في الصباح و في المساء
و في الذهاب و في الإياب
إنا نراه – و لا تواخذنا – يقوض هيكل القصر المَشيد
برمية
فيحيل مملكة الحصون
إلى يباب.
النخلة
... و بقيتَ وحدك
نخلةً
في وجه إعصار العَدم
هم راهنوا أن الرياح ستخلعك
أن الرمال ستبلعك
أن انتظار الغيث في الجدب الطويل
سيقتلك
هم راهنوا أيضا على صمَم الأمم
و على العَمى
و على البَكَم
لكنهم لما رأوك بقيت وحدك
نخلة شماء
في وجه العدم
حملوا رهانهمُ
و باتوا يرحلون على مضض
" النخل باق فارحلوا "
قال العجوز لهم
وصدقه من العلياء
برق إذ ومض.
الحياة
شعب تحاصره الغرابين
التي سرقت حبوب الزرع
من رحم الحياه
هصرت جيوب الضرع
حتى جففت كل الحليب
يأتي إلى الدنيا
و مِن كفٍ له
يجري اللبن
و بكفه الأخرى شتائل لفها
وسط الكفن
يأتي ليعطي للحياه
معنى الحياه.
الخلود
قالت كبُرتَ
و حدبتك سنون قهر
لا تزال ثقيلة
من عهد عاد
أو تزيد
فأجبتها : أجل
و لكني عنيد
فتذكرتْ أنْ قد ألان الله لي
زُبَر الحديد
فتبسمتْ:
" عيناك عينا كاسر
الآن أفهم كيف يعمل في الوجود
سر الخلود ".

