راهب الطرقات
راهب الطرقات
حسن المطروشي /عُمان
أُفوِّضُ حزني إلى الدربِ ،
ثم أفوِّضُ دربي إلى الريحِ ،
أجْمَعُكم منْ بطونِ القفارِ ،
وأنْصبُ خيمتنا أسفل الجسرِ ،
في هذيانِ المدينةِ للعابرينَ ،
وظِلِّي ضريحٌ تهيمُ به إبلٌ شاردةْ .
سأخرُجُ في الليلة الباردةْ .
أمرُّ ...
النوافذُ لاهيةٌ ،
هلْ سأحرجُها لو سقيتُ القوافلَ من ضوءِ نافورةٍ ،
أو تدثرتُ قبل الظلامِ بأغنيةٍ بائدةْ ؟.
سأسألُ :
كيف تشقُّ الجنازةُ خطوَتَها في الزحامِ ،
وتضْبطُ إيقاعَها حسْبَ أنظمةِ السيرِ واللافتاتِ ؟
وكيف سينجبُ هذا الصدى نجمةً .. نجمةً واحدةْ ؟.
تركتُ شبيهي قديماً لدى مسجدِ الحيِّ ،
لكنه لمْ يزلْ كلما نبَّهتْني الحوافرُ
ماضيةً في السديمِ
أطلَّ يقاسمني يُتْمَه والدروبَ ،
وأنتِ هنالك حيث العواصفُ ،
يا لهفي
تحْملين الحريقَ برمَّته للحكايةِ ،
أيتها المستحيلةُ ،
أيتها الباعدةْ .
هنا نسِيَتْني الحمامةُ ،
لا قمراً ،
يا سماء دعيني على ضفتيك قليلا ،
دعيني لأهطلَ فوق هضابِ الزمانِ الأخيرِ
أنا راهبُ الطرقاتِ العجوزِ
مضى باكراً يتَتَبَّع أسرابَه العائدةْ .
وضعتُ جبيني هنا
وتمددتُ ملء السكونِ ،
كأعمى ،
لأنصتَ في هدأةِ الكائناتِ
لما قاله القبرُ للشاهدةْ