تل أبيب
تل أبيب 1
د. محمد علي الرباوي
تَلُّ أَبيبْ
تَتَسَكَّعُ في طُرُقاتِ دِمَشْقْ
وَتَدُوسُ حَوافِرُها كُلَّ شَوارِعِ بَيْروتْ
وَالْقُدْسُ الأَشْرَفُ
مَسْجِدُهُ الْمَيْمونُ بِناياتٌ مِنْ وَرَقٍ
أَذِنَ الليلُُ لها أن تُرْفَعَ
في سَاحَةِ وَجْدَةَ
أَوْ سَاحَةِ طَنْجَةَ
أَوْ سَاحَاتِ الدَارِ البَيْضاءْ [2]
****
تَلُّ أَبِيبْ
دَخَلَتْ في هَذِي السَّنَةِ الشَّهْبَاءِ
إِلَى قَلْبِ الْمُدُنِ العَرَبِيَّه
دَخَلَتْ تَمْلأُ بِالرِّيحِ الصِّرِّ فَمِي وَفَمَكْ
دَخَلَتْ تَزْرَعُ في كَبِدَيْنَا لُعَباً
حينَ لَمَسْناها كانَتْ مِنْ جَمْرٍ قارِسْ
فَرَمَيْنا عَيْنَيْهَا بِرَصَاصٍ
اِنْسَلَّ قَوِيّا مِنْ فُوَّهةِ الوَرْدِ النّاعِمْ
****
أَبْواقُ الأُمَمِ الْمُتَّحِدَه
مِنْ بَغْدَادَ مِنَ القَاهِرَةِ الْمَقْهُورَةِ مِنْ جُدّهْ
تَتَفَجَّرُ قَانُوناً مَجْنُوناً
يَفْرِضُ تَوْأَمَةً فَاجِرَةً
بَيْنَ دِمَشْقَ وَ تَلِّ أَبِيبَ
هُمَا الآنَ يَدٌ وَاحِدَةٌ كَافِرَةٌ
تَقْلَعُ أَغْصَانَ الزَّيْتُونِ الْمَيْمُونِ الطَّلْعَةِ
مِنْ كُلِّ بَسَاتِينِ حَمَاهْ
رَبَّاهْ..
كُلُّ الْمُدُنِ العَرَبِيَّه
تَبْسُطُ أذْرُعَها لِجَواري الغَرْبِ الْمَلْعُونِ
تُصَلِّي لِجَوَاري الشَّرْقِ الْمَسْنونِ
بِكُلِّ خُشوعٍ
فَاخْرُجْ مِنْ جَوْفِ جُنُونِكَ يَا قَلْبِي الضّارِبَ
في ظُلْمَةِ عَالَمِكَ الْمَحْزُونِ
وَلا تَسْأَلْ عَنْ سِرِّ سُجُودِ الْمُدُنِ العَرَبِيّه
****
تَلَّ أَبِيبْ
اَليَوْمَ عَوَاصِمُنَا تَزْحَفُ نَحْوَكِ كَالْمَوْجِ الْهَائِجِ
تَحْمِلُ أَغْصَانَ الزَّيْتُونِ إِلَيْكِ
عَوَاصِمُنَا كُلُّ عَوَاصِمِنَا رَحَلَتْ مُنْكَسِرَهْ
لَكِن ما رَحَلَتْ قَطُّ
وَما انْهَزَمَتْ قَطُّ مآذنُنا...
تَنْبُضُ في كُلِّ الأَوْقَاتِ أَذَاناً
يَمْلأُ أَرْجاءَ الأَرْضِ رَصَاصاً يُحْيِي وَيُميت
[1] ـ ـ البيعة المشتعلة
[2] ـ في زمن كتابة هذا النص ، كانت تُقام ببعض الساحات مجسمات للمسجد الأقصى ، وذلك منذ أن عُيِّن الحسن الثاني رئيسا للجنة القدس