رسالة إلى المجاهد محمود الزهار

والد الشهيدين

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

سيدي المجاهد المحتسب الدكتور محمود الزهار: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تأخرتُ عليك - يا سيدي - في أن أعزيك في ابننا الشهيد حسام، ولم يكن ذلك مني، فإني أقسمُ بالله أن نفسي فاضت بما فاضت، وأنا أراك تمعن النظر الآسي في وجه حسام الشهيد، وتحيط وجهه بكفيك، أمسكت بالقلم لأخط قصيدة، ولكن خانتني يدي فلم تستطع أن تمسك بالقلم، ولم يستطع القلم أن يقوم بها , ليفرغ ما في نفسي نحوك ونحو الشهيد، ونحو الشعب الفلسطيني البطل، وحاولت عدة مرات فعجزت . إلى أن جاد القلم بكلمات هي دون مستوى ما تستحق وما يستحق ابننا الشهيد، وشهداء فلسطين السابقين إلى الجنة.

 وأشهد أن صورتك ذكرتني برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قبض الله ابنه الوحيد إبراهيم، وعمره ستة عشر شهرا في العام العاشر من الهجرة , والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحمله على ذراعيه إلى مثواه الأخير، والدموع تغطي وجهه، ويقول " ادفنوه في البقيع، فإن له مرضعا في الجنة تتم رضاعه." وقال عليه الصلاة والسلام: "والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول ما يسخط الرب، ولولا أنه وعد حقّ , وموعود جامع , وأن الآخرة للأول تابع، لوجدنا (حزنا) عليك يا إبراهيم أفضل مما وجدناه , وإنا بك لمحزنون".

 وذكرتني يا سيدي بمعنى ما جاء في الأثر من أن الله سبحانه وتعالى سأل عزرائيل أقبضت روح ابن فلان، فيقول: نعم يا ربنا. فيقول جل وعلا: فماذا قال عبدي بعد أن قبضتم ابنه، فيأتيه الجواب: حمدك يا الله واسترجعك، فيقول رب العزة: ابنوا له قصرًا في الجنة، وسموه قصر الحمد. "

 فتقبل يا سيدي الدكتور محمود الزهار، هذه الرسالة المتواضعة سقتها من قلبي ومهجتي:

عـزيـزٌ  على النفس أن iiتشهدا
ولـسـنـا نـشـيِّـع جـثمانَهُ
فـقـد عاش عمرًا يسر الصديقَ
ومـا كـان مـوتًـا ولكن iiحياة
فـمـن بعد "خالدِ" يمضي iiحسام
كـأنـي  بـخـالـدِ قـد iiشاقَهُ
سـويًّـا بـظـل نـعـيمٍ iiكريمٍ
فـلـبـى  "حـسامُ" نداء الخلود
من المسكِ أزكى، من النورِ أبهى
وقـد  سـمـع الـكونُ iiأصداءه
"جـعـلـنـا  الإلـهَ لـنا غاية
ودسـتـورنـا هـو iiقـرآنُـنا
وأمـا  الـسـبيلُ فدربُ iiالجهادِ
وأسـمـى الأمـانـي لقاءُ iiالإله
فـطـوبـى  لمن رام iiرضوانَه
هـمـا اثـنان لكن كحشدٍ iiحشيدٍ
وفـي  عـلـمه أن يكون القليل
يُـعـز الـقـليلَ ويُرْدِي iiالكثيرَ
ومـهـمـا رمـيـت iiفراميهمُو
"أبـا  خـالـدٍ" يـا نبيلَ iiالأسَى
كـأن دمـوعـك مـن iiقـلـبنا
ولـسـت  ألـوم؛ فـإن iiالفراقَ
فـقـد ذكّـرَتْـنا دموعَ iiالحبيبِ
وقـد  فـاض بـالحزن iiوجدانُهُ
إلـى صـدره ضـمـه iiساعداه
ولـو  يـستطيع لكان الفؤادُ iiالزْ
وبـالـدمع  والحزن كان iiالوداعُ
ولـم  يُـغـضِب الربَّ في iiقالَةٍ
أحـكـامـنـا  يـا كبار iiالمقام
كـبـارٌ ولـكـن صغار العقولِ
لـكم  صَخَبٌ لا تقلْ لي iiالطبولَ
أراكـم تـجـاه الأمـور iiالكبار
ومـا شـغـلتكم قضايا iiالشعوبِ
وسـلـمـتمو  باسم " سلم" iiذليلٍ
فـهـتـك  مـنـا نياط iiالقلوب
ومـا فـيـكـمـو راشدٌ iiيَفتدِي
يـعـربـد "بـوش" بـكم iiعابثًا
يـسـوقـكمُو  كالقطيعِ iiالمطيعِ
أسـود  عـلى الشعب لكن iiنعامٌ
وعـشـتـم تـودون منه iiالودادَ
وأصـبـح  إرضـاؤه iiغـايـةً
أحـكـامـنـا  يـا كبار iiالمقام
ألـم تـشهدوا غزةً في iiالحصارِ
وأبـنـاؤهـا في العراءِ iiالوبيلِ
جـيـاعًا  عطاشًى iiومرضاهمو
هـو الـلـيـلُ يغمرهم iiبالسهادِ
يـنـادونـكم  في أسًى iiمستجيرٍ
فـكـيـف  تـنـامون يا ويلكم
وكـيـف  يـطـيبُ لكم iiمطعمٌ
وهـذي  حـياةَ نرى عن iiقريبٍ
سـنـتـركـكم لانتقامِ iiالشعوبِ
"أبـا خـالـدٍ" فاض مني اليراعُ
سـنـاهـا "حسامُ" الزكيُّ iiالأبيُّ
هـو الـنـصـرُ، هذي أماراتُهُ
فـطـوبى لكم موعدٌ في iiالجنان






















































دمـوعـك  تـحكي لنا iiالمشهدا
ولـكـن شـهـدنـا بـه iiمولدا
تـلاه  مـمـاتٌ يـغـيظ iiالعِدا
لأرض وشـعـب غَـدَا iiسـيدا
إلـى  جـنـة الله iiمـسـتشهدا
لـقـاءُ  حـسـامٍ لـكي iiيخلُدا:
مـقـيـمٍ ولـيـس لـه iiمُنتهَى
بـدمٍّ تـعـطـرَ مـنـه iiالمدَى
يـشـوقُ الـخلائقَ منه الصدى
كـصـوت الـمـلائكِ إذ رددا:
وقـدوتـنـا الـمصطفى iiأحمدا
وأَنْــعِـمُ بـآيـاتـهِ iiمـوردا
سـلـكـنـاه  بـالدمِّ كي نسعدا
إلـى  حـيـث أرزاقه iiوالندى"
وسـار  بـدرب الهدى iiواهتدى
فـقـد  رضعا من "حماسِ" iiالفدا
بـإيـمـانـه  قَـدَرًا iiمُـرصَدا
إذا  صـدَّ عـن ديـنه iiواعتدى
هــو اللهُ لا أنـتَ قـد iiسـددا
وصـبـرك فـي الله لـن iiينفدا
نـزيـفٌ  يفوق الشجَى iiوالردى
يـفـتـت  مـن حـرِّه iiالأكبدا
نـبـيِّ  الهدى المصطفى iiأحمدا
ي_ـودع واحِ_ـدَهُ iiالأوْح_ـدا
وفـي قـبـره طـاهـرًا iiوسدا
زَكـيَّ الـطـهـورُ لـه iiمرقدا
بـصـبـرٍيـدوم  هدًى iiسرْمدا
فـطـوبـى لـمن بالنبي iiاقتدى
خـسـئتم  وهنتم وصرتم iiسُدى
وعـاركـمـو  يُـخجلُ iiالفَرْقَدا
وفـيـضُ ضجيجٍ يُغطْى iiالمدى
ضـريـرًا وأعـورَ أو iiأرْمَـدا
وعِـرضٌ عـلـيه العدو اعتدى
وتــرتــعــدون إذا iiهـددا
ومـزق  مـن سـهـمِهِ iiالأكْبُدا
ومـا مـنـكـمـو عادِل يُفتدَى
فـهـنـتـم وصـرتم له iiأعبُدا
فـكـنـتـم  لـه ركّـعًا iiسجَّدا
إذا مـا عـدوكـمـو iiاسـتأسدا
وكـم  ذا مـددتـم إلـيـه اليدا
إذا  مــا تـوعـد أو iiأرْعـدا
خـسـئتم  وهنتم وصرتم iiسدى
وظـلـمُ الـظـلامِ بـها iiعربدا
يـهـيـمـون  في بردها iiشُرَّدا
ولا  رحـمـةً يـطعمون الردى
وفـجـرهـمـو  قد غدا iiأسودا
ولـم يـجـدوا فـيـكمو iiمُنجِدا
بـأحـضـانِ دفءٍ وحـلم iiشدا
كـذا  مـشربٌ من رحيق الندى
تـقـودكـمـو لـلردى iiالأنكدا
ومـا هـو إلا الـلـظى المُوقَدا
خـواطـرَ  عـشتُ بها المشهدا
وقـد راح لـلـه مـسـتـشهدا
سـنـشـهـده مـن قريبٍ iiغَدَا
وأنْـعِـمْ  بـه سـيـدي موعدا