المصطفاة
أنس إبراهيم الدّغيم
جرجناز/معرّة النعمان/سوريا
قال هاتِ _ الندى _ فقلتُ يطولُ
شرحُ ما بي فقالَ يُغني القليلُ
طرب الورد و الصباح تثنى
و تهادى على الروابي الأصيل
و تناهت غاياتُ عطر الأقاحي
فلها في حمى القلوبِ حصول
و شدا بلبل الغرام و غنى
" طلع البدر " فاسترقّ الخميلُ
أفتني يا شذا الورود لماذا
كلّ هذا ؟ فقال جاء الرسول
جاء طه ؟! إي جاء طه فقل لي
كيف أمستْ بثينةٌ يا جميلُ
سلْ نسيمَ الصّبا لماذا التّهادي
و غصونَ النّقا لماذا تميلُ ؟
و بني سعد كيف أمسى خصيباً
رَبعهم و استطال فيهِ النّخيلُ ؟
يا حبيب القلوب ماذا أغنّي
في هواكم و أيّ شيءٍ أقولُ
يا حبيب القلوب قلبي حراءٌ
هل لقلبي من نعل طه نزولُ ؟
طَأ ْ بنعليكَ أرضَ قلبي فإني
ثابتُ القلب و الغرامُ و كيلُ
و أنا الشّعبُ فانزلنْ بي فإنّي
بقريشٍ و ما أعدّتْ وكيلُ
مُرَّ بالقلب إنّه غارُ ثورٍ
لحمام الهدى عليه هديلُ
يا حبيبي و ما أحيلى زماناً
فيه غنّى النّدى و غنّى الأصيلُ
و نزلتم بيثربٍ فهواها
ما أحيلى و ماؤها سلسبيلُ
و تبدّتْ طلائعُ الحقّ تعدو
و الجبالُ ازدهتْ بها و السّهولُ
و بلالٌ يؤذّن الصّبحَ فينا
فتصلّي خلفَ الرّسولِ الحقولُ
و هنا أنجشُ القواريرِ يحدو
فلعيرِ الرسولِ منه قفولُ
و تراءتْ في أرضِ بدرٍ خيولٌ
و خيولٌ يقودها جبريلُ
و تميلُ الجبالُ لكنّ قلبَ الصّ
دّيق ثبتٌ عن دينه لا يميلُ
و هناك الفاروق لا لا تسلْني
هو للحقّ دولةٌ لا تدولُ
سلْ بني الأصفر الذين تمادَوا
أين منهم حصونُهم و القلولُ ؟
و سل الفرسَ أين إيوانُ كسرى ؟
فلسعدٍ في عارضَيْه نزولٌ
و لخيلِ الهدى إلى الله دربٌ
و إلى كلّ مستحيلٍ سبيلُ
فهنا خالدُ اليمامة شمسٌ
من جلالٍ لا يعتريها الأفولُ
تستوي تحت عزمه كلّ أرضٍ
فسواءٌ وديانُها و التّلولُ
و هناك العلاءُ في البحر بحرٌ
حضرميٌّ تأوي إليهِ السّيولُ
و عوالي بجيلةٍ مشرعاتٌ
و المثنّى في الرافدين يصولُ
و ينادي أبو عبيدة حيناً
فيلبّي نداءَه شرحبيلُ
و هتافُ القعقاعِ في الشّامِ يعلو
فله في ذرا العراقِ حُمولُ
و لنا في مياهِ ذاتِ الصّواري
ألفُ بحرٍ و يبحرُ الأسطولُ
كلّ شيءٍ بالمصطفى صارَ حلواً
فتغنّيْ بمدحهِ يا فصولُ
كُلِّفَ القلبُ أن يزوّرَ شعراً
فترفّقْ به فحملي ثقيلُ
آهِ يا مصطفى و قلبي جريحٌ
و فؤادي أحزانُه لا تزولُ
كلّ يومٍ يسوؤنا ألفُ أمرٍ
و المآسي في المسلمين تجولُ
كلّ شيءٍ بغيركم صار مرّاً
و كؤوسُ الرّدى علينا تميلُ
لكأنّي بالقدسِ تدعو صلاحاً
و تنادي خيلَ الهداةِ الخليلُ
و على الرّافدينِ نُسقى المآسي
فلبغدادَ رنّةٌ و عويلُ
فمتى تبرقُ السّيوفُ و يعلو
لظباها في العالمين الصّليلُ ؟
و متى يا أبا سليمان تأتي
و حواليكَ يا حبيبُ الخيولُ ؟
و متى يملأ العيونَ صباحٌ
يغسلُ اللّيلَ نورُه المأمولُ ؟
فيعودُ الضّحى بثوبِ نبيٍّ
وشْيُهُ بعد ذلك التّهليلُ
ثمّ يتلو بلالُ آخرَ ضوءٍ
فجميلٌ من ثغرهِ الترتيلُ
**********
يا نبيّ الهدى إذا كانَ يومٌ
فيهِ ينأى عن الخليلِ الخليلُ
و يُساقُ الورى حفاةً عُراةً
زادُهم ما اتّقوا و زادي قليلُ
و تراهم مثلَ السّكارى و ما هم
إنّما اليوم أمرُ ربّي جليلُ
و يُنادى لمن له الملكُ فينا
و إلى الله كلّ شيءٍ يؤولُ
كُنْ شفيعي فكلُّ صعبٍ إذا ما
كنتَ أنت الشّفيعَ فهو جميلُ