أفق بلا آفاق
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
رحـلَ الـنـهارَ وعافَ ليلي فرقدُ
وتـنـاسـلـت كتل الظلام مدائنا
وتـشـابـكت زمر الرماح نواهلا
فـنأى زماني وانكسارات الضحى
أنـا لست يغرقني ضباب تشاؤمي
لـكـنـه سـهـم الـزمان يُريشُه
قـدرٌ نـعى يغتال بوح خواطري
ودمـي عـيـونُ تـرقُّـبٍ شفّافةٌ
هربت من الصمت المقيت خطوطنا
مـكـتـظة بالحزن أنفاس الربى
عـصر من الأوجاع سامر أضلعي
وعـيـونـنا رضع السهاد جفونها
سـاعـاتـنـا مـقـتولة كحياتنا
والـحـزن صـار هـوية فكأنما
حـزن عـلـى حزن توالد عندنا
حـنـق تـآكـلـنا زمان تخومه
كـنـا سـراة جامحين إلى المدى
مـاذا جـرى صـرنا المتاهة قادنا
وئـدت أمـانـيـنا نثارا أسفرت
وتـسـلـقت جدراننا شهب الشجا
فـالـي مـتـى نحن الضياع مالنا
والـى .م تـذبـحنا عمائم غدرهم
والـى مـتـى حال التشرذم حالنا
والـى . م نـحيا بالشعارات التي
والـى . م حـالات نسافر نحوها
رحـل الـنـهار وكنت منه شظية
مـطـر جـراحاتي رعود نزيفها
آتٍ هـو الـطـوفان ضاق ترقب
آتٍ خـيولي الجامحات إلى الوغى
فـالـي مـتـى في كل يوم بيننا
وتـقـودنـا نـحو المتاهة صبية
ورجـالـنـا لـدمـارنـا مأجورة
وإذا اسـتـفـاق من التغابي عقلنا
وإذا عـلـت فـوق الـسها راياتنا
أصـواتـنـا انكسرت وزمّ شفاهنا
إنـا بـنـيـنـا الأمس زاهية بنا
مـن لـيس يبني حاضرا من أمسه
والـى مـتـى إنْ قام فينا مصلحٌ
وبـكـل يـوم يـنـطفي من أفقنا
والـى . م تـقـطننا الجراح ،مآتم
ومـصـيـرنا ذاك المصير مؤجر
حـتـى .م تـقـرعنا سياط غبائنا
ومـؤجـل مـوت العراق لساعة
حـكـمـوا ولمِّا يفعلوا غير الأذى
كـم سـاهـد نـبت السهاد بجفنه
والـى .م حـراس البلاد عصائب
والـى مـتـى بعضا يكذب بعضنا
تـنـعـى الـمدائن أهلها وجيجها
وبـنـا أقـامـوا للغريب سرادقا
شـلـوا عـقولا قرّبوا من خرَّبوا
وتـكـسـرت أصواتنا وتحجمت
شـلـلٌ تـعـاورنـا أقام طقوسَه
حـتـامَ يـسـترنا بثوب جنوحه
ويـجـيء من عتم الزمان بمخلب
وحـرابـنـا شحذت لطعن حرابنا
حـتـى ذريرات الرمال تخاصمت
والـحزن سجل في البلاد حضوره
أفـكـلـما احتدمت براكين الجوى
وإذا تـدلّـى مـن سـمـاء بهائه
وإذا بـدت فـيـنـا بوادر نهضة
سـنـعود ميلاد الضحى أرجوحة
لا لـيـس يغمض عن جرائمهم فم
والـحـزن مـهـما طال فينا ليله
بـدم الـضـحايا نبتني وطن الأِبا
بـجـمـاجـم ثـقب ونثر لحمها
بـطـفـولـة محروقة في أرضنا
مـن هـولاء ومـن دمـار ناشنا
مـن رحـم عاصفة نجيء طوارقا
مـن أفـق خارطة تحال خيوطها
عـمـدوا لـتجزيء البلاد فجزأت
وطـنـي مدار الله محراب الهدى
وطـنـي مـلاذ الله درب مـلاحم
هـو ثـورة الـقـدر العنيد مكافح
والـظـالمون إلى الغزاة تطوعوا
والـبـائـعـون ظـمائرا بدارهم
وطـني هو السر الذي قد أحكمت
والـثـائـرون الـحالمون بسؤدد
أبـطـال فـرسـان الجهاد تألبوا
سـنـعـود من عدم وتصعق ثورة
مـهـلا سـماسرة الغزاة ففي غد
فـالأرض أجـمـعها تصيح بقافه
وأنـا الـعـراق عـراقه تاريخنا
فـهـنا هنا الخلفاء فرسان الوغى
وهـنـا هنا الصديق يقتحم المدى
وبـنـا هـنـا الفاروق شاد عدالة
وهـنـا هـنا عثمان أطلق صيحة
وهـنا الصحابة في محاريب الهدى
سـتـظـل عاصمة الرشيد عصية
سـنـعـود نـمـلأها سنا وأسنةوبـكـى عـلى أمسي ويومي عُوَّدُ
عـنـدي وحـطمت التراتيل اليدُ
غـضبى .وأورق في الضلوع مهندُ
وانـسلَّ من طرفي الربيع الأجردُ
ويـدي تـسـلسلها الطيوف الشَُّرّدُ
دجـلٌ عـلى عطش العروق يُسدَّدُ
والأمـنـيـات لـصيدها تترصَّدُ
مـنـهـا فـراغ الأِحتراق سيولدُ
بـزمـانـهـا سـاعـاتنا قد توأدُ
ونـفـوسـنـا بـوجـيبها تتنهَّدُ
غـبـش الـلـظى بين الدما يتوقّدُ
مـفـقـوءة فـيـها النزيف يعربدُ
بـدمـائـنـا كـلّ الـدروب تعبّدُ
الـحـزن طـبع في العراق يخلدُ
ووجـودنـا عـدم ودرب مـجهدُ
ابـد سـحـيـق والـجوانح سهَّدُ
نـحـن الـخيول بكل سبق نشهدُ
زمـن الـتـشتت واستطال معربدُ
فـيـنـا الـشظايا والماسي تجحدُ
والـمـوت فـي ليل الدروب يؤكَّدُ
ومـصـيـرنـا خـط يباع وموْقِدُ
ونـبـاع فـي سـوق الزناة ونبْعَدُ
وعـلـى فـراغ الـلايـقال نهدَّدُ
أطـفـت فـوانـيسي وجن تمرُّدُ
ولـهـا الـدروب على الدماء تعبَّدُ
وبـكـل لـحـن بـالجراح أغرّدُ
عـصـف لـميلاد الضحى سيخلَّدُ
وضـلـوعـنـا بـوجيبها تتوقَّدُ
بـشـرارهـا عـتـم الظلام تبدِّدُ
قـمـر يـغـور وألف طفل يُلْحَدُ
ومـصـيرنا ذاك المصير الأسودُ
ويـد تـشـد وتـلـك أخرى تعْقدُ
قـادتـه نـحو الموت والمنفى يدُ
ولّـى يـنـكِّـصُـها لذاك مسوِّدُ
بـاب وسـجن بالرصاص مصفَّدُ
خـيـل قـوائـمـها تَجِدُّ وتَجْهَدُ
ويـمـدُّ جـسرا ليس يحفظه الغدُ
أطـفـتـه مـوغـلة بذاك الحسَّدُ
نـجـم ويـغـرب عن سمانا فرقدُ
تـحـيـا بـنـا وبـنا يؤلَّهُ أنكدُ
لـعـمـائـم خـزيت يُناط ويجلدُ
والـحـاكـمـون على الغباء تقَوِّدُ
ويـدوس فـوق الـمـتعبين السيِّدُ
ومـضى يعيش على الجراح مشرَّدُ
يـشـقـى الحياة ويستطيلُ تنمْردُ
ولـهـا الـيد الطولى بنا والمِقْوَدُ
ويـغـيـب عن وجه العدالة هُدْهُدُ
ويـسـود مـحـتـل أتى ويُمجَّدُ
وتـعـاونـوا فـي ذبحنا وتعوَّدوا
وإذا الـدهـاةُ بـأرضـها تُسْتَعْبدُ
وتـحـجبت حجب وطُوِّقَ مُوْصَدُ
سـادٍ وقـامـر بـالـتأمرك مفسِدُ
ويـقـوم فـي أمـر الـبلاد مُسَيّدُ
وبـنـابـه حـقـدا طـغى يتقدَّدُ
فـتـطـاحـنـت ومـواجع تتأبّدُ
طـعـمـا وأشـبـاه الرجال تندِّدُ
والإثـم مـيـلاد الـنفوس ومورِدُ
أطـفـا سـنـاهـا بالتغابي مرشِدُ
بـدر تـدحـرجـه إلى المنفى يدُ
قـتـلـت نـهـارات التوهّج رُمَّدُ
ونـشـق أغـلال الـردى ونوطِّدُ
ودمـائـنـا اللهب الـذي يـتوعَّدُ
لابـد يـزهـر بـالإبـاء السؤدد
وسـيـاجـه الـروح التى تتحشد
فـوق الـطريق به الكلاب تفصد
بـالـنـار تـشوي للضرام توسد
مـن حـرة صـرخت سباها مفسد
وصـريـر فـولاذ وقصف يرعد
ولـهـا الـعـمـائم بالخفاء تمهد
غـايـاتـهـم ومع اليهود تهودوا
لا لـن يـكون لغيرنا لن يصمدوا
فـي كـل شـبـر منه يولد امجد
والـخـائـنون بهم يخون المقصد
لـلـثـار مـنا ويلهم لن يصمدوا
مـنـهـم سـينتقم الزمان ويحصد
أسـراره وهـو الـلـظى المتفرد
ثـاروا عـلى جور الطغاة ونددوا
بـدمـائـهـم شرف النضال يعبد
مـن سـار في ركب العدا وتجندوا
يـلـد الـنـهـار ولـلخلود نخلد
هـذي الـحـشـود وللعلى تتوحد
وأنـا الـحـضـارة للعروبة تنشد
جـابـوا ديـار الله حـيث تسيدوا
وهـنـا عـلـي والـحسين تؤكد
ولـعـرش كسرى منه صاح مهدد
وجـراحـه فـيـنا تصيح توحدوا
بـعـرائـس الرحمن فيها سجدوا
مـا دام في ركب الفتوح ( محمدُ )
فـلـنـا الجهاد لنا النضال لنا الغدُ