مجموعة قصائد
د. محمد عقل
حبي للغة العربية
خطافُ* نادى
والضبابُ الأسودُ الحالكُ
يكتنفُ المثلثَ والجليلْ
أُختاه عارا هل رأيت الأسمرَ اليافعَ ذاك العندليبْ
لم تحر عارا جوابا لا ولا حتى الأنينْ
سمعت عرعرا شكوى بثّها قلب حزينْ
فأجابت بحنينْ
هو عندي في الصميمْ
مولع بالضادْ
سحرته العربيةْ
أسكرته
فهو منها لا يُفيقْ.
* (خطاف هو جبل تقع على سفحه قرية عرعرا، وعارا قرية مجاورة)
الزيتونة عربية
في عرعرا عينٌ وزيتونةْ
جذورها في الأرض راسخةْ
فروعها تعانق السماء باسقةْ
لا غربيةْ
ولا شرقيةْ
بل عربيةْ
الجيران احتطبوها
ساقها ضعفتْ
أغصانها ذوتْ
عاتية هبت الريحْ
اقتلعتها
فسيلة منها
نمت، أينعت، أنتجتْ
عجماً تحمي به زيتها
حفاظاً على الكيانْ
دفاعاً عن الجذورْ
عتاب صديق
أنا ما أحدثت صرما
أنا ما أبديت هجرا
إنّ من يسفح عبرة التمساحْ
لا يضمر لكلينا إلا غدرا
عادة الحساد الحاقدين
قلب ما كان صحيحاً بسقيمْ
ما إلى ذاك سبيلْ
نحن صنوان على مرّ السنينْ
وادي عارا تاريخ عريق
لا بديلْ
من قطع شكٍ بيقينْ
بحقائقْ
حلوة كانت أم مُرّة!
هي جذوةْ
ربما تخبو
تضيعْ
ربما تصبو
تفورْ
فتُضيء
للوليدْ
عتمةَ الليل البهيمْ
خوفٌ ورجولةْ
قصةُ الإنسانْ
في هذا المكانْ
في ذاك الزمانْ
وفقَ ناموس الطبيعةْ
بالغريزةْ
مدّ غصناً للسلامْ
للوئامْ
خدعوه
صار سيفاً صارماً
ما أحبَّ الحربَ يوماً
أو تعطش لدماءْ
إنما الأقدار شاءت
أن يناضل ويُقاتلْ
ببطولة
علّه ينسى الجراحْ
شرب المرّ بلهفة
ليداوي ذلك الداء الذي
غيّب الأطفال في جوف الترابْ
باحثاً عن خبز ملّة
ودواءْ
لعق الجرحَ وراحْ
في ذُرى الخطافْ
ذاك العندليبْ
في الربوع الخضرْ
في الوادي الحبيبْ
صادحاً يشدو
لا بديلْ
من بقاءْ
أبعدوا عني الرحيلْ
إنّ فجراً باسماً
عما قريبْ
قادمٌ بالبلسم الشافي
لهاتيك الجراحْ
لا بديلْ لا بديلْ
بالمداد الأصفر الفاقعْ
سطّروا عنه صحائفْ
بالمداد الأزرق الكالحْ
قلبوا جُلّ الحقائقْ
مسخوه
قزّموه
جرّدوه حتى من عذابهْ
أصبح الوهمُ حقيقةْ
شاركتهم فيه خيلٌ وبهائمْ
ذاك وجه تاريخ عريقْ
لن يُشوّه
طالما في الفم ريقْ
يُطعمُ الريشةَ شهداً
من رحيقْ
ضد العنف
سأرحل عنك يا بلدي
بلا أسفٍ ولا ندمِِ
أوراقي سأمزقها
كتبي سأحرقها
سأكسر قلمي
فما لي بعد رغبة في كتابة تاريخ مُظلمْ
لا لا لا...
لن أرحل عنك يا بلدي
من أجلك أنت يا ولدي
لن أركعْ
بأوراقي سأُمزّق أقنعةَ العنفْ
بقلمي سأفقأ عينَ الظلمْ
بكلماتي سأُنير الدربْ
بيدي سأنثر وردَ الحبْ