كتاب الكون
كتاب الكون
رشيد سوسان/ المغرب
إلى الصديق فريد أمعضشو
1 - الـحــرف :
هذا نَبْعُ العِين يقولُ لكَ اشْرَبْ:
مِن نبْعي، ثمّ تمتَّعْ بصَفاءِ شَراييني.
وانْظُرْ مِن خَلْفكَ، سوْفَ ترى بحْراً:
تَتراقصُ أمْواجُهُ قُدَّامَكْ!!
فلْتصْنَعْ لكَ فُلْكاً يطْفُو،
فوْقَ عُبابِ شُجوني!؟
وَارْكَبْ في الفُلْكِ، ولا تتْرُكْ:
فوْق البَرِّ الْمُرِّ رِفاقَكْ.
واحْذَرْ أن تنْسى أشْعارَكْ؟؟
أوْ أن يُنْتَكَس الْيَوْمَ شِعارُكْ؟؟
وبيُمْناكَ تشبَّثْ بِشِراعِكْ...
وابْحرْ بين فِجاج الأمْواجِ:
ورَتِّلْ آياتِ كتابِكْ...
فكتابُكَ فيه ذُرى السُّلطانْ.
وشِراعُكَ فيه مقاليدُ العِرْفانْ.
2 - اللــيــــل :
هُوَ ذا لامُ اللَّيلِ يقولُ لكَ اصْنَعْ:
مِنِّي عُكَّازَكْ...
ثمّ عليهِ تَوكَّأْ،
وبِهِ فَاقْطَعْ لُجِّيَّ ظَلامي.
وابْحرْ في لُجَّة أشْعاري.
وبِعُكّازكَ هُشَّ على: قُطْعان نُجومي!؟
وعلى آلافِ مَجرّاتِ هُمومي!؟
واجْعَلْ مِن نفْسِكَ نابِغَةً:
يرْعى بالأسْحارِ كَواكِبَ أَحْلامي!؟
عُكّازُكَ فيه مَآرِبُ أُخْرى لكْ...
لا تَغْفلْ أن تَسْتلْهِمَ منها مِشْكاتكْ:
كيْ تُوقِدَ نارَكَ... أوْ يَسْطعَ نورُكْ.
فالنّورُ جلاءُ ظلامِ سبيلِكْ.
وبهِ تَخْبو كلُّ تجاعيدِ لياليكْ.
وبِثاقِبِ نارِكَ تُبْهِتُ ظُلَّامكْ.
وبها ستُحَطِّمُ أَغْلالَ هُمومِكْ.
3 - الحـبــر :
والحِبرُ يسيلُ جِراحاً ودماءً!؟
ترْسُم ميماً في قاعِ الْيَمْ...
وتُنادي عَلَناً: هذا بطْنُ الْحوتْ!
هلْ مِن يونُسَ يا فُرْسانُ:
يُضحِّي بالنَّفْس وبِالأَيْمَانْ...
وتُنادي الأَقْلامُ جِهاراً:
أَفَلا يُوجدُ فيكُمْ يونُسُ يا أقْوامْ؟؟
لِيعيشَ بِعِزٍّ وسْطَ ظَلامْ.
ويُسطِّرَ مُبْتَهِجا حِكَمَ الأَكْوانْ!؟
ثمّ يصيرُ بِبَطْنِ الْحُوتِ،
جَواهِرَ أوْ ياقُوتْ!!
فَلْيَلْبَثْ حِيناً مِن دَهْرٍ...
حتَّى يَلْفَظَ هذا الحُوتُ جواهِرَهُ:
بالسَّاحِل والياقُوتْ...
فإِذا يونسُ يَحْيا غيْرَ مَلُومْ .
تَحْت ظِلالِ جِنانٍ ونَعِيمْ...
والسّاحلُ تَمتَدُّ حدائِقُهُ:
خَضْراء بها أشْجارٌ وعُيُونْ.
وكِتابُ الكَوْنِ صحائِفُهُ:
بَيْضاء بِها،
أشْجارُ نخيلٍ وعُيونْ.