الحائط والغراب
الحائط والغراب
بوعلام دخيسي /المغرب
عـلـى حائط النور ناح الغرابُ
تـهـادَتْ تـلـمـلم ذنبا و تدعو
تـمـزق تـمـلأ كـل الـثقوب
عـسى الصخر يحنو لصخر شبيه
فـتـشكو له فعل صخر الصبايا
وتـشـكـو له صخرة ً لا تبالي
وتـشـكـو لـه هيكلا لم يُجاوز
أيـا حـائـط النور هل لي مُقامٌ
أبـت تـربـة الـقدس تنبت بيتا
أبـت و الإبـاء عـلـيها تراءى
ألـم تـرضَ بـعدُ بضيفٍ شريك
فـسَـلْ خلفك البيتَ يَقري نزيلاً
غـريـبـا طـريداً يُريد استواء
ألـم تـرضَ عـنـه وتقبله جارا
أجَـلْ لـيس يرضى لبيبٌ و أنا
لـكُـمْ أن تـرَوْا لـلجوار سوانا
و أولـى لـكـم في البكاء عويلٌ
وخـيـر لـكم في الدعاء اعتذار
و أنـثـى ذبـحتم لذنب أصبتم
فـلا الـغاب ترضى بكم ساكنيها
فـأنـتـم على الخلق أعلنتموها
ظـنـنـتم إلهَ الوجودِ اصطفاكم
كـريح تهاوت على الأرض نارا
وهـذي فـلسطين بعضُ الضحايا
غـداً حـائـط النور يُخبر عنها
غـدا يَـلـفظ ُالثقبُ أوراق خِزي
غـدا يـا سـلالـة شـر القرود
غـدا يُـفـهـم اللغزُ لغزُ الدموع
فـنـدرك أن الـدمـوع الـغزار
لـوعـد تـبـارك فـوق السماء
لـنـصـر سـنعطى بقدر الدماء
فـخـذ مـن نفيس النفوس زكاة
إلـهي استوى الموت فينا وعيش
أيـسـبـي المقامَ وضيعُ المقام ِ
أيَـسْـكُـنُ فـيـنا شريدٌ طريدٌ
وجـسـمٌ يضيق بروح ٍ و روحٌ
ولـيـس يُـسَبّ ُ المهينُ بهَجْو ٍ
فـيـا قدس ثوري على الغاصبين
أريـهـم صـخـور المَقام التهابَا
لأنـت الـحـجارة و الناس نحن
ولـكـنـنـا لـلجنان اعتصمنا
ويـا قـدس إنـا نـذرنا فكوني
وخـيـطي لعرسك ثوبا و تاجا
شـراب مـن القلب يَجري دماء
مـضت عن دموعك ستون عاما
و مـنـك تـفوح الروائح نصراومـن نفخة الصور هُزَّت رقاب
وفـي راحـتـيها استدار الكتاب
عـسى يطفئ النورَ ذاك الحجاب
ويـبـكـي لمبكى التراب التراب
وكـيـف لـطـفل صغير يهاب
إذا مـا عـوت في رُباها الكلاب
زجـاجـا يـحـوم عليه الذباب
و هـل لي جدار و سقف و باب
لـقـومـي وشَحَّتْ عليهم سحاب
تـقـصـه بـين البيوت القِباب
وعـهـدي بـضيفك خيراً يُثاب
جـفـاه الـورى واعتلاه العذاب
ومـا إنْ رأى النورَ لاح الضباب
وقـد زاد نـوحَ العيون اغتراب
لـنـسـل الـقرود جوارٌ يُجاب
وأولـى لـكـم في المراتع غاب
وأبـرأ مـنـكـم لعَمْري الذئاب
لـعـجـل عـبدتم وطال الغياب
فـأنـتم على الخلق جمعا خراب
ولا صحب يُرجى وكيف الصحاب
عـلى الناس لا حِسْبة ٌ أو عتاب
و أنـا عـبـيـدٌ فـحَقّ َ العِقاب
و أنـا نـزلـتـم تصَلى الشهاب
ولـكـنـهـا غـصَّة ٌ وانقلاب
ويـحكي البراقُ و تصغي الشَّعاب
ويـجـري على الخاسئين اللعاب
يُـرى القردُ قردا ً و يَهْوي النقاب
عـلـى حـائط ليس فيه انتساب
لِـدَيْـن ٍ تـمادى فحان الحساب
و أنـزل بـشْـراً على من أنابوا
وقـد فـاق مـا يرتضيه النصاب
وطـهِّـرْ بـها كل شبر أصابوا
بـبَـيْـتٍ جريح و سور ٍ يُعاب
يـدوس حـمـانـا كـأنا سراب
تـضـيـق بـه لـلمُقام الثياب
تـضـيـق بـجسم فحَقَّ السِّباب
ولـكـن بـوَهْج ٍ وصخر يذاب
وهـل غيرَ نارِكِ يرجو اغتصاب
فـكـم مـن جروح كواها التهاب
وَقـودٌ أعِـدَّتْ و شُـهْبٌ غِضاب
و أرواحـنـا لـلـخلود اكتتاب
عـلـى مـوعد حان منه اقتراب
ومـنـك الـطـعام ومنا الشراب
و مـن طعْم ِ شوقك تمْلا الجراب
و لا زال فـي مـقـلتيك الشباب
و فـي عـورة الكفر راح التباب