عَجَب .. وعَتَب
عَجَب .. وعَتَب !
عبد الله عيسى السلامة
عَـجِـبـتُ لـلـقَـومِ، بينَ الماءِ والماءِ لـيـسـوا همُ القَومَ؟! أم دارَ الزمانُ بهمْ؟! أدري، ويَـدرونَ، أنّـي مـنـهـمُ، ولَهُمْ هّـمْ كُـلّ مـا فِـيّ مِن وَجْدِ، تَغلغلَ في أهـلـيْ وإن عَـنُـفوا، قَوميْ وإن جَنَفوا هـمُ حـروفُ هِـجاءِ اسميْ، ونَبضُ دميْ إذا دعَـتْـنـيْ إلـى الأوراسِ، آصِرَتيْ مَـوزَّعٌ أنـا، فـيـهـمْ، مَـطمَحاً وهَوىً مُـجَـزّأٌ أنـا، فـيـهـمْ، أعـظُماً ودَماً لـيْ، فـي عـكـاظَ، كـنوزٌ من بدائعهمْ الـعَـبـقـريـةُ تُـجـلَـى في مَرابعِها * * * فـي عَـزّ ذي قـارَ، قَـبلَ العِزّ، أسعَدَهُمْ يَـومَ انـتَـخَـتْ، لِـبَـنيْ شَيْبانَ، ألويَةٌ أهـدتْ بـنـيـهـا لِحَربٍ، لا ابتِغاءَ لَها * * * مـا بَـيـنَ مُـنـقـلَـبيْ فيهمْ، ومُنقلَبيْ مَـحـيـايَ لـلـهِ، فـيهمْ .. والمَماتُ لَهُ أَمـسـيْ هـمُ، وهـمُ يَوميْ، وفَجْرُ غَديْ هـمُ أنـا؛ فَـهُـمُ فـي كُـلّ جـارحـةٍ وفـي الـشـرايـينِ، مِن أنساغِ حِكمتِهمْ الـحُـبّ أُغـنِـيَـتـيْ، فيهمْ، وفلسَفَتيْ الـشـمـسُ تُـدفِـئُ كَوناً، فَوقَ أضلُعِنا * * * لـو كـنـتُ صِـفراً، لديهمْ، كان ليْ بِهمُ لـو كـنـتُ خـافـيـةً، فـي ظِلّ قادمةٍ إن شُـقّ صـدريْ فِـداءً، فـالـفِداءُ لهمْ * * * إن كـان مِـن عَـجَبٍ في اللُّبِّ، أو عَتَبٍ هـذي خـريطتُهُمْ، في الصَّدرِ، قد نُقِشَتْ أمـشـاجُـهـا بـعضُ أمشاجي، وأحرفُها يَـهـفـو الـمُـحيطُ إلى ضَمِّ الخليجِ، بها الـضـادُ، مِـفـتـاحُـها السِّحريّ، آيَتُها في البَرِّ، في البحرِ، فوق الشمسِ، قد خَفقَتْ أنـوارُ (حِـطّـيـنَ)، مِـن (بَدْرٍ) منَابِعُها * * * مِـنْ طـاءِ طَـنجَةَ، حتّى دالِ دِجلةَ، ليْ تُـزهـو رمـوزُ الـمـعَاليْ، فوقَهُ، شُهُباً * * * بَـيـتٌ نَـوافِـذُهُ لـلـمَـجـدِ مُشْرَعَةٌ يَـضُـمُّ أبـنـاءَه، الأحـرارَ، في شَغَفٍ هـيـهـاتَ يَـرهَبُ ظُلماً، أو يَخافُ أذىً * * * لا كَـفَّ تَـجـفـو كَـبـيراً مِن أصابِعِها وكُـلّ حَـرفٍ تَـخـلّـتْ عـنـه جُملتُه الـفَـردُ جَـيـشٌ، إذا مـا الجَيشُ آزرَهُ والـمـاءُ – مـتّـحِدَ الذّرَّاتِ، مُنسَكِباً – وحُـزمـةُ الـضَـوءِ، إن ضَمّتْ أشِعّتَها * * * صَـقـرٌ، أُهِـيـبُ بأضلاعيْ، وأجنِحَتي سـامٍ .. ورَجْـعُ صَدَى التاريخِ في كَبِديْ ألـسـتُ مـنـهـمْ، وقد عَزَّ الزمانُ بهمْ ألـيـسَ مـاضِـيًّ حَـيّاً، في يديْ، لِغَديْ ألـيـسَ مَن قالَ: (كُنْ)، مَدَّ المَدَى، وهَدَى ألا تَـصُـونُ الـرمـاحُ، المَشْرَعاتُ معاً * * * فـأيُّ بَـأسٍ لِـعَـبْـسٍ، حِـيـنَ يَخذُلُها الـقـابِضونَ على أهدابِ (وَاعتَصِمُوا ..) والـمُـرْهِـبـونَ أخـاهـمْ، ما مُروءَتُهُمْ | تَـسـريْ الأحـاديثُ عنهمْ، خَبطَ أم أصـبـحـوا نَـهْـبَ أهواءٍ وآراءِ؟! جِـدّيْ وشَـدّي، وإبـحـاريْ وإرسـائي نـومـيْ وصَـحويْ، وإسراعيْ وإبطائي هُـمُ دوائـيْ، ولـو كـانـوا هُـمُ دائيْ قـد ذُبـتُ، مِـن ألِـفيْ، فيهمْ، إلى يائي ذكَـرتُ، بـيـنَ ريـاضِ الشامِ، فَيحائيْ فـمُـهـجَـتـي بـيـنَ تَهجيرٍ وإسراءِ مَـتـى يَـلُـمّـون أوصاليْ وأجزائي؟! مِـن كـلّ (نـابـغَـةٍ) مـنهمْ و(خَنْساءِ) ما لِ(الذينَ..)، بِها، فَخرٌ، على (اللائي..) * * * لَـمْـعُ الـصـوارمِ، يُـعشي ألفَ جَوزاءِ مِـنْ كُـلّ بـاذِخَـةِ الأمـجـادِ، شَـمّاءِ فـيـهـا، سـوى عِـزّةٍ لـلأهل، قَعساءِ * * * عَـنـهـمْ، كـمـا بـينَ إحيائيْ وإفنائي فـيـهـمْ .. وعَلياؤهمْ، في الكوَنِ، عليائي وهـمْ شُـمـوسـيْ، وأفـيـائيْ، وأندائي مِـنّـيْ .. وتَـشْـهَـدُ أقطاريْ وأسمائي مـا لـيـس يُـشـرَى بصفراءٍ وبيضاءِ وذكـريـاتـيْ، وغـايـاتـيْ، وأنـبائي والـقـلـبُ يُـدفِـئُـهُ قُـربُ الأحِـبّاءِ * * * شـأنٌ، إذا أشْـرقـوا فـي بَـحرِ ظَلمائي مِـن ريـشِ صَـقْرٍ .. وَقَتْنيْ شَرّ أعدائي مِـنـهـمْ، بِـهِـمْ .. عِـزُّ أَعـمامٍ وآباءِ * * * فـي الـقـلـبِ .. فالقومُ إخواني وأبنائِي مـخـضـوبـةً بـانتصاراتي، وأرزائي مِـنْ سـورةِ (الـفتحِ)، كنْزٌ في سُوَيدائي والـشـمـسُ تَـرقُـب أعـيـادَ الأشِقّاءِ فـي كُـلّ حـاضِـرةٍ، مِـنْـهـا، وبَيداءِ رايـاتُـهـا، بـيـنَ طوروسٍ، وصَنعاءِ فـاضَـتْ عـلـى كُلّ خَضراءٍ وجَرداءِ * * * جَـسْـرٌ، صَـفـائِـحُـهُ من سينِ سَيناءِ تَـهـدي الـسُّـراةَ، بـإيـحـاءٍ وإيماءِ * * * نَـشْـوَى بِـرَفّـاتِ أنـسـامٍ وأضـواءِ يَـحـنـو عـلـيـهـمْ، بسِرّاءٍ وضَرّاءِ مِــن عــاديَـاتٍ، وأهـوالٍ، وأنـواءِ * * * ولا صَـغـيـراً .. بـنَـعـماءٍ، وبأساءِ أو شَـذّ عـنـهـا .. تَلاشَى دونَ سِيماءِ والـجـيـشُ لا شَيءَ، في هَجْرٍ وشَحناءِ يُـرْبِـي خَـمـائـلَ، في أعماقِ صَحراءِ أودَت بِـداجـيَـةٍ، فـي الـكَونِ، سَوداءِ * * * لِـصَـونِ قَـلبيْ، وأحلاميْ .. وأشيائي! وهـلْ يُـرَجِّـعُ إلا بـعـضَ أصدائي؟! والـعِـزُّ مَـوعـودُهـمْ .. عند الألِبّاءِ؟! وفـي يَـديْ، لِـغَديْ، رَوْحِيْ ولأوائي؟! والـخَـلـقُ مـا بـينَ تَحديقٍ وإصغاءِ؟! عِـزَّ الـحَـرائـرِ، أو مَـجْدَ الأعِزّاءِ؟! * * * بـأسُ الـتَـمـيـميِّ والبَكْريِّ والطائي؟! هَــيْــهَـاتَ يَـقْـرَبُـهَـمْ ذُلُّ الأذلاّءِ إذا احـتَـمَـى، مِـنهمُ، بالشامِتِ النائي؟! | عَشواءِ!
* "شاعر عكاظ"، شاعر وأديب سوري، فاز بجائزة شاعر عكاظ لعام (2009) عن قصيدته عن التضامن العربي، وكرّمه الأمير الشاعر خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في حفل أُقيم مع افتتاح سوق عكاظ السنوي في مدينة الطائف السعودية يوم الثلاثاء 14 تموز/ يوليو 2009.
**الشاعر عبد الله عيسى السلامة أديب وشاعر وحقوقي ومفكر .. أنشد أبو الجود وغيره من شعره قصائد كثيرة منها : "أيها البلبل إنا أخوان" و"هبي ياريح الإيمان" وغيرها وله روايات أدبية أشهرها "الثعابيني" و"الغيمة الباكية" والأخيرة تصلح لتكون مسلسلا تلفزيونيا جميلا .. رواياته فضلا عن قيمتها الأدبية العالية تعالج هموم الأمة وتضع يدها على مكمن الجرح ..همه الكبير أن تصطلح الأمة مع ذاتها. لذا نراه يغوص الأعماق ليخرج لنا من الدرر ما هو قمين لمراجعات تقوم بها الحركة الإسلامية مع ذاتها .. تكتشف مواقع القوة ومكامن الأخطاء ...ثم لتجد طريقا آمنا تسلكه من غير صدام مع الأنظمة القائمة ودون التخلي عن حمل أمانة الإصلاح .. وإذا كانت روايته "الثعابيني" تصف اللعبة السياسية الدولية وما يحيك الأعداء ضد أمتنا الاسلامية , وكيف تسلم أمانة الحكم لمن هم ليسوا أهلا لحملها بل لكل غادر ومتآمر , لكنه لا ينسى توجيهنا إلى عنصر الخير وبصيص الأمل حتى لا يقع الناس في متاهات الإحباط والقنوط والعياذ بالله ...فإنه في رواية "الغيمة الباكية" يحاول التمييز بين أصناف وطبيعة الأنظمة الحاكمة التي تقود الأمة فهم في نظره ليسوا سواء .. فمنهم الخسيس المتآمر مع الأجنبي على حساب قومه , ومنهم المضطر لذلك وبين هؤلاء وأولئك قوم آخرون تتنازعهم قوى الشر ونوازع الفضيلة . ثم إنه يسلط الضوء على الحركة الإسلامية التي أخذت على عاتقتها قيادة الأمة نحو الصحوة والتغيير لكنها تعثرت في بعض المواقع , بسبب تعجل البعض في حسم الأمور بحمل السلاح ومحاولة التغيير بالقوة , ثم بتسلم زمام قيادتها من ليسوا أهلا لذلك فحادوا بها يمنة ويسرة لكنها بتمسكها بحبل الله المتين قادرة دوما على نفث كيرها وطرح خبثها لتعود إلى جادة الصواب . وكاتبنا يبحث -من خلال روايته- عن علاقة أفضل بين الحركة الإسلامية , والأنظمة الحاكمة وضرورة تجنب الصدام ما أمكن لأنه لا طائل من وراءه ولا يأتي للأمة بخير ..
هذه بعض من ملاحظاتي على أعتاب كاتب كبير ومفكر مبدع له علي كبير الفضل في تعلم أدب السماع والحوار , فهو يسمع لك حتى تمل أنت , ويعطي قيمة لأفكارك مهما كانت بسيطة أو ساذجة ..يناقشها معك حتى ترضى .. لم أره يوما - وقد جالسته وسامرته طويلا - حريصا على فرض رأيه رغم ثقافته الواسعة وعلمه الجم .. أليست هذه سنة المصطفى -ص- ؟ ... وهل هذه إلا خصال الفحول الكرام ؟ .. يبقى في النفس حسرة :أن يبقى مثل هؤلاء الكبار مغمورين منسيين , ويتصدر المجالس والشاشات من حظهم من العلم قليل وبضاعتهم في سوق الأدب نافقة ..
محمود عثمان
استانبول