مغترب بلا عودة(إلى عمر أبو ريشة)
مُغتَرِبٌ بلا عودة(إلى عمر أبي ريشة)
شعر : د. جعفر الكنج الدندشي
يُستَحسنُ قراءة هذه القصيدة بعد قراءة قصيدة عودة المُغتَرب، للشاعر الكبير عمر أبي ريشة المنشورة في (قطوف من الحديث) في هذا الموقع بتاريخ 25/10/2003
كـمْ راحَ يـنـتـظرُ اللقاءَ بِلا عـن بـعـضِ آلامِ الـغـرامِ تردّدَ فـانـهـلَّ في وجَلٍ يبدّد في الورى مـازالَ يـذكُـرُهـمْ، هـناكَ(بإربدٍ) يـا لـيـتَ سـاكِـنَة النجوم تَذَكَّرتْ وفّـى الهوى بعضَ القروضِ بهَجْرِهِم هَـجْـرُ الـقصائدِ مِنْ بُعَيضِ صِفاتِهِ * * * بـعـضُ الـسنينِ تصيغُ في أحشائنا وكـذا الـزمـانُ إذا تـهـافتَ ركْبُهُ ولإنْ رجـعـتَ عـنِ الـديارِ مثَخّناً كـي لا يُـقـالُ هَـجَـرْتَها مُتَعَمّداً * * * ألـفـيـتَ مَـنزلها بوَجهِكَ موصَدا؟ أمْ يـا تُـرى،خجِلَتْ لِقاءكَ وانزوتْ يـنْـتـابُـهـا ألـمٌ لِـغـربَةِ آخَرٍ يُـخـفـي جِـراحاتٍ، تَقَرَّحَ بَعضُها * * * مـا بـالُ مـنـزلها بوجهِكَ موصدا أم أنّ ذاكـرةَ الـزمـانِ تَـقَـهقَرَتْ أمـضـيـتَ أعـواماً تُحَدّقُ في اللقا وإذا الـغريبُ كما القريب تباعَدا(1) ذاك الـلـقـاء لـبـعض جيلٍ تائهٍ هـلاَّ أجـبـتَ؟ فأنتَ مَنْ فَهِمَ العُلى أنـتَ الـذي فَـهِـمَ الـزمانَ بِعمقهِ أنـتَ الـذي فَـهِـمَ الـزمانَ بِعنفِهِ فـي عصرِ أحفاد(بن جُندُبَ)لو ترى * * * مـا كـانَ مَـنـزِلُها بِوَجْهِكَ موصَدا صَـدّتْ ومـا صَـدّتْ فصارَتْ مَلعباً وطـنٌ تَـعَـثّـرَ أنْ يـجـنَّ ربيعُهُ مـا بـيـنَ خـسّيسٍ رضيع خَسيسَةٍ تـيـمـورُ مُـضّـجِعٌ، فخلّفَ بعدَه أضـفـى عـليها مِنْ هُمومٍ فاغتَدَتْ ذَرَفَـتْ مـآقـيـهـا نـحيباً صامتاً * * * صَـدّتْ رِتـاجُ الـشـامِ فارِسَ أمّةٍ يـلـوي عـلـى ، كلْ الطُغاتِ مِدادُهُ بـيـنَ الـقِـمـامـةِ أو أقلّ نجاسَةً لـن أتـركَ الـوتـر الـذي أسكَتّهُ ولـسـوفَ يـعـزِف بالأناملِ لحنَكُم حـتـى يـنـالَ الأبـريـاءُ براءَةً وسَـتَـمـسَـحـنَّ غبارَ لحنِكَ أدمُعًٌ * * * مـا لابـنِ مَـخـزومٍ بحمصَ يَلومُنا وأبـو فـراسٍ، كـمْ تـفـجّرَ أدمُعاً مـا عـاد يعصي الدمعُ هَولَ مَصابِها نَـعِـمَـت يَـهودٌ بانتصارِ مجوسِنا هَـذي خـفـايـا مِـهـنَةٍ مارَستَها حَـبْـلُ الـنِـفـاقِ يَلُفُّ حولَ رِقابِنا وهـلالُـنـا كَـصَـليبنا كم حُطّما! وزعــامـةٌ ورِئـاسـةٌ وريـاشَـةٌ ويـهـلُّ فـي أحـلامـها ما لا رأتْ تِـلـكُـمْ حـكـومـاتٌ بحِكمَةِ جُهّلٍ الـعـنـفُ مِـهـنَـتـهمْ بكلِّ فنونِه حـتـى لـو انَّ مُـرادهـم تـهدِمُها لـو كُـنـتَ تـدري عن مَذابِحِ غزّةٍ أسـلافُ أحـمـد أو أشـدّ تَـمَسّكاً لـو كُـنـتَ تَـشهَدُ ما جرى لعِراقنا أبـنـاءُ(آلِ الـنـفـط) خَرّوا جُملةً وبـنـو(بـن جُـندُب)أوسَعوا بِفِعالِهمْ أمّـا الـذي فـي مِـصرَ يُبكي نيلُنا هـذي بـلادُكَ مـثـل بَـعْرِ جِمالِنا * * * يـا ابـن (الموالي)إن تَجاهلَ بَعضُهم خـابـوا بـرؤيـاهُـم، ولو أشباهُهمْ هـيَ كـالـمُحيطِ، فإنْ تَلَوّثَ بَعضُهُ مـا زالَ بـالإيـمـانِ قـومٌ قد أبو مـازالَ لـلإسـلامِ خـيـر صِحافِهِ أنـا لا أخـالُ بـأنّ مَـصْرَعَها غداً يـأبـى بِـفَـضلِ رِسالةٍ إنْ شوِّهَتْ هـي فـي كِـتـابٍ مُنزَلٍ منْ رَحمَةٍ * * * طِـبْ حـيثُ أنتَ مع الخلودِ منادِماً واتـركْ بـنـودَكَ في العذابِ لِلاحِقٍ فـالـدّهـر حـالَفَنا وحالَفَ كلَّ مَنْ |
هُدى
|
بـلْ عـادَ يلتَمِسُ الزمانَ وما واحْـتـدَّ مـجـروحَ الـفؤادِ مُجَدّدا ألـحـانَ أغـنـيـةٍ تُـمَـزِّقُ أكْبُدا لًـثـمُ الـجِـراحِ لها الضّميرُ مهنّدا مَـنْ كـانَ عـلّـمـها الغرامَ تمرُّدا أو هـجْـرِنـا...ذُّقْـنا الأمرَّ تَباعُدا هَـجَـرَ الـجـمالَ معَ القصيدِ تعَمُّدا * * * مـا طـابَ مِـنْ قَحلٍ يُعَشعِشُ أرمدا كـم يَـسـتَـخِفُّ بِمَنْ يُخالفُ موعدا فـلـقَـد سَـلَـكتَ إلى السماءِ مُخلّدا نـاجَـتْـكَ صَـمْتاً فاسْتَجَبتَ مُناشَدا * * * فـارتـاحَ خـاطِرُهُمْ وضاقَتْ مَوعِدا تُـخـفـي الـجِـراحَ ولم تردَّ تَودُدا مـازالَ فـي الـدنـيا يعيشُ مُشَرّدا لـيَـظـلَّ مـرفـوعَ الـجبينِ تَجَلُّدا * * * لـو قُـدَّ مـن طـلـلٍ لردّ إلى النِدا مـثـل الـديـارِ ضميرها مُستنجِدا فـإذا الـلـقـاء مـع الوداعِ تَوحّدا وتـواعـدا أن يـعجُنا ريح الصدى يُـلـقـي عـلـيكَ سؤالَه مُسترشدا فَـهـمُ الـسـؤالِ بـفِـقههِ لن يُنجِدا هـذا الـزمـانُ عـنِ الزمانِ تمَرّدا وبـضـعـفهِ في ,,أُوغاريتَ’’ تبَلّدا كـيـف الـزمـانُ معَ المكانِ مُشرّدا * * * أُسُـسُ الـديـارِ تَموجُ في أيدي العِدا لـلـحُـزنِ مَـطروح الوِشاحِ مُسوَّدا فـاسـتوطَنَ الكبْتُ الثقيلُ مُجّدّدا (3) وأقـلّ مـنـه، زرافَـةٌ لِـيُخلّدا(4) أشـبـاهَ تَـيـمـورٍ وَ جُـلّقَ للعِدا رَكْـبَ الـغـمـومِ، لِذا تَعَثّرَ مَوعِدا وَزَوتْ عـلـى ألـمِ الـكآبةِ مُنتَدى * * * سـيـفُ الـيـراعِ سلاحُهُ ما أُغْمِدا فَـيَـردّهـمْ حـيـثُ استَحَقّوا مَرقَدا لُـعِـنـوا، وإبْـلـيسٌ يغارُ لِيَحسُدا يـشـكو بِصمتٍ،بلْ سيتلو مُنْشِدا(5) يـجـلـي سِـتارَ الظُلمِ مهما عَربدا لِـتَـردَّ هـولاكو الجديدَ إلى الصدى وسَـيَـبـرُقَـنَّ كـأيِّ حـقٍّ أجردا * * * فـأبـو الـفِداء على العَراءِ استشهَدا ودمـاً عـلـى الخدّينِ يَبكي المَشهَدا فـغـدا كَئيبَ القلب حيثُ استعْبدا(6) ومَـضَـتْ فِرَنجَةُ في النفاقِ تَلَبُّدا(7) وَجَـهِـلـتَها، فهيَ السياسةُ في المدى والإعـتـصـامُ بِحَبْلِ رَبِّكَ جُعِّدا(8) وخِـداعُ حُـكّـامِ الـمَـذلّـةِ مُـجِّدا تَـنْـفُـرْنَ مِـنْ شَرَفٍ لِتَعْبُدَ عَسجَدا (صـيـدوم)رغـم عِتابِ لوطَ تجدّدا نـهَـجَـتْ خـبيثاً واعوِجاجاً مُرشِدا والـحـقـدُ مُـسـتَعِرُ الخيانَةِ موقِدا فـشـلـوا مُـراداً لـو حبوه مَقصَدا تـاجُ الـشـهـادةِ فـي الزمان تخلّدا بـعُـرا الـعـطاءِ مع الشهادةِ والفِدا حـكّـامُ أمّـتـنـا اسـتجابوا للعِدا لَـحـسُ الـحِـذاء(لآلِ بـوشَ)تَجّدّدَ دَربَ الـمـنـافـي لـلأعِـزّةِ عبِّدَ والـذلِّ يـطـلـي ظِـلّـه مُستَعْبِدا تـجـري إلـى خَلفِ الخِلافِ تَرَدّدا * * * أنّ الـعـروبَـةَ والـتُراثَ تَبَدَّدا(9) قـد شّـوّهـوا فـيها الجمالَ الأجرَدا سـيَـمـدُّ خَـيـراتٍ ويصفو مَشهَدا أن يَـقْـبـلـوا غير الشهادَةِ مَوعِدا مَـضـمـونُـهـا يوماً سيطفو أمردا يـأبـى المماتُ فناءَها الُمُستَبعدا(10) سَـتَـعـودُ صـافـيةَ السماءِ مُجّدّدا قضَتِ السماءُ لهُ البقاء إلى المدى(11) * * * أهـلَ الـخـلـودِ لكَ القصائدُ سُجّدا أفـلا اتـخَـذنـا عـندَ رَبّكَ موعِدا! بـالـصـبـرِ يَـبـني للحياةِ مُجّدّدا |
اهتدى
إزمير في 19 آب/أغسطس 2004
الهوامش:
(1) عُذراً لامرئ القيس حيث يقول: وكلّ غريبٍ للغريبِ نَسيبُ.
(2) إشارة إلى قصيدة أوغاريت، لأبي ريشة حيث يقول:أقبلتِ فالتفَتَ الزمانُ تَلَفُّتَ المتوهّمِ
(3)كناية عن ربيع دمشق الذي وأدوه في المهد
(4) قيل أن رئيس جمهورية في المشرق العربي بالوراثة، يشبه الزرافة، والله أعلم.
(5) كناية عن بيتٍ لأبي ريشه، صدره: ما أكرم الوتر الذي أسكته...
(6) كناية عن قصيده أبي فراس الحمداني: أراكَ عصيَّ الدمع شيمتك الصبرُ...
(7) مذاهب الغُلاة الباطنية في الإسلام، تنحدر تاريخياً وعلمياً من المجوسية.
(8) اقتباسٌ من الآية الكريمة: واعتصموا بحبل الله جميعاً...(صدق الله العظيم)
(9) ينتمي أبو ريشة إلى عشيرة الموالي.
(10) لخوف الشاعر حيثُ قال: إنّي أخافُ أرى مصارعها غدا.
(11) اقتباسٌ من القرآن الكريم: إنّا نحنُ نزلّنا الذِكر وإنا له لحافظون(صدق الله العظيم)