عبير من جوهرة الصحراء
ابن الفرات العراقي
[email protected]
ألـقُ الـجـمالِ على ربوعكِ يورقُ
والـكـونُ يـشهدُ كم حويتِ عوالماً
فـكـأنـهـا قـطـعُ الجنانِ تنزّلت
لـلـهِ مـا نـسـجَ ألنهى محبوكة ٌ
سـيـظـلُّ يـطرُقُ للحضارة بابها
وعـجـائـبٌ دقت بصحراء العلى
فـبـكـلّ حـيـنٍـتـرتدي لكَ حلةً
ومـضٌ من السحر العجيب تشابكت
يـعـيـا الـبـيـانُ بما يقول منمقا
أثـرٌ خـرافـيُّ الـمـلامح موغل
لـونٌ مـن الـعـبـقِ الغمير مُنثراً
ويـدٌ بـه صـاغـت بـدائعَ حسنهِ
فـتـشـوّفـت مـبـهورة من هيبةٍ
وبـهـا تراقصت الدهورُ مع العلى
وعـلـيـه قـد خـلع الزمان ببردهِ
أنـا مـا رأيـت كـمثل حبكِ فنونه
فـي كـل آنٍ تـرتـدي ثوبَ ألبها
وبـكـل حـوْلٍ مـهـرجانُ نفائسٍ
ألـقـى الـجمالَ على مدارج فلكها
سـحـريـة ٌ أنـفـاسها ما حُجبت
ولـكـل ضـيـفٍ تفتدي لسماطها
هـي روضـةُ اللهِ الـتي وشى بها
عـظـة ٌمـآثـرُهـا سـتبقى للملا
تـروى بروعات الحروف سطورُها
صـفـحـاتـهـا عهدا ستبقى ذروةً
سـتـظـلُّ عـنوان التراب مقدسا
وتـظـل تـحـتفل الدهور بطهرها
فـيـهـا هـنا التاريخ يرعى مُترفاً
وبـهـا حـبـا ونـما على غيطانها
صـاغـتـه كـف لـلـمقدر قدرةً
فـغـدت بـمـرآة الـخـلود مآثرا
وبـهـا اكـتسى وجه النقاء نضارة
حـلـلٌ شـآبـيبُ الرعود تناثرت
وتـمـدّ أعـمـدة الـرخام فضاءها
شـمـخت بنا طولا تصارع عريها
فـانـظـر هنا التاريخ يكتب حرفه
وانـظـر إلـى الإبداع حاك خيوطه
أصـداء عـصـر لم يزل يعطي لنا
وجـواب كـل مـسـائل طلل نعى
يـا ألـفَ أهـلا يـا مدينة أضلعي
أنـا لـم أزرك وإنـمـا قلبي سعى
وهـفـت لـه روحـي فشد رواحلا
وهـوَت إلـى أفـيـاءِ تربك رغبةً
يـجـتـاحـني شوق يجيشُ مبرّحٌ
وحـجـجت دارك والطيوفُ جوائلٌ
فـعـدا فـؤادي قبل شخصي سابحا
ودّعـتُ فـي بـغـداد ألـف حكايةٍ
ضـاعـت حـضاراتي. أديم ترابنا
حـيـث الـقبور ملت درابينَ الفضا
ضـاقـت بـهـم عرصاتنا بفلاتها
كـتـفٌ هـنـا .عـينٌ بها أحلامها
أشـلاءُ مـحـتـرقٍ .بـقـايا جثة
وعـواصـف عـصفت بكل خرافة
ساد اللصوص على الكراسي واستوى
ماذا سأحكي ،نشرة الأخبار ارتضت
هـل تـذكـرون .ولا أظـن نسيتم
سـتٌّ .تـعـدت والكوارث لم تزل
سـتٌّ مـشـيـناها على لهب الدما
سـتٌّ عـبـرنـاهـا نـزيف مآتم
سـتٌّ مـهـبـاتُ الردى مسعورة ٌ
وتـواصِـلُ الأوجـاعَ فيَّ مسيرها
فـالأرض هاجرها الربيع على الظما
أنـا حـاضرٌ في القلب فيضُ روائعٍ
والـروح مـن شغف ترامى شطرُها
أنـا إن شكوتُ أتيتُ جرحي ماسحا
صـحـراءُ وجهي يا دروبُ مفازة ٌ
أغـدو على صهوات جرحي. وارف
وإذا أتـيـتُ أتـيـتُ روحي راثياً
قـد جـئتكم أسعى .هواي قصائدي
(عـش الـغراب) وليس مثلي متعبٌ
يـا مـهرجان الروح غاب مواجعي
هـذي هـيـاكـلهم ينوء بها الثرى
شـيـدت عـوالمها . بروجا عانقت
فـكـأنـهـا جـدُدٌ تـطاولُ باذخاً
شـمـخـت بـنا طولا تجالدُ للبلى
جـيـلٌ فـجـيلٌ ، والمشيدُ قد غدا
بـاقٍ وتـبـقـى لـلـملوك دعائمٌ
فـيـها هنا السررُ الوضاحُ تشابكت
حـفـظـت لـها الأيامُ سحرَ بهائها
خـلـعـت أيـاد لـلـمُـدبّر لونها
لـكِـمن دمي صغتُ الحروفَ مُنظما
أمـلاه حـب فـي الـجوانحِ شالني
جـاءت مـرصـعةً هنا دررا. سما
هـذا كـتـابـي فـاحـفظيه وديعةً
وأرى لـسـانـي مـلتوٍ في مدحها
فـغـدا إذا عـقـد الـزمانُ ركابهوفـمُ الـزمـانِ بـتيهِ حسنكِ ينطقُ
فـيـاضـةً، وحـياضُ وِردك دُفقُ
عـجـبـاً، وبـاهى لونها الإستبرقُ
آفـاقـهُ . ومـزركـشٌ ومـنـمقُ
وشـيٌ مـن الـصـناع فيه تفوقوا
وتـداً عـلـى وجـه الـثرى يتألقُ
كـسـيـت وصـاغ رباعها متأنقُ
أسـرارُه .سَـحـرَ العيون ويصعقُ
ديــبـاجـةً زيـافـةً تـتـألـقُ
قـدمـاً بـتـاريخ الحضارة يسمقُ
فـي كـل ركـنٍ بـالـفضاء يحلقُ
نـقـشـتْ بـرفات العيون الأطرقُ
سَـمَـقـتْ على دَرج البقاءِ وتسمقُ
صـرحٌ مـمـردُ فيه جاش الرونقُ
فـإذا بـهـا الأبـصـار فيه تحمْلقُ
يـرقـى ، ولا سـحرٌ لفارسَ يلحقُ
كـالـغـانـيـات بـدلـهـا تتأنقُ
تـلـقـى ، ويهزُجُ بالنفيس المشرقُ
ربـي ، وراح الـبرق عصفا يمرقُ
ولـكـل ضـيـقٍ بـالمهابةِ ترْشقُ
أغـلـى الـغوالي ، والمِهارُ السبقُ
صـدر الـبـسـيطةِ للبدائعِ يخرقُ
تـوحـي بـألـف حكايةٍ تتموسق َ
وتـشـعُّ فـي كـرم الوفاء وتغدقُ
لا لـيـس في ركب الزمان ستلْحقُ
وحـقـيـقـة فـيها العصور تحققُ
وحـوادث حـدثـت بـهـا تـتفتقُ
جـهـد الرجال وليس يخفر ما لقوا
عـصـرُ الـشـباب وللشباب ينمقُ
حـرفـي بـتـيجان الحضارة يبرقُ
تـروى مـسـطـرةً وفـاء تصدُقُ
أمـا سـواهـا بـالـتـأخر تغرقُ
عـقـدا .بـه جـيد الربى تتمنطقُ
كـتـلا وتـسْـرَجُ كالجمان فتشرقُ
جـلـدا . تـسـابق للزمان وتسبقُ
بـدم الـرجـال ، به الرجال تحدّقُ
جـهـد وأطّـرَ سـحـره المتحذلقُ
حـكـمـا بـها زمرُ الدهاة ستخفقُ
هـذي الـشـخوص بوشيها تتنسّق
أنـت الـجـمال على الجمال يعلقُ
حـبـا إلـى واديـك خـفَّ يشقشقُ
وجـدي ، لآلآء الـثـراء يـشـوَّقُ
نـفـسـي .وحـزني بالبدائع ينطقُ
يـا قـطـعة في القلب ليست تسرقُ
مـسـروجـة . وبي التوجّعُ يَغسَقُ
بـهـواكـم . وبـه تـنـوءُ الأينقُ
وحـكـايـةٍ.ودم يـسـيـلُ وينتقُ
وجـعٌ ولـيـلٌ وانـكـسارٌ مرْهقُ
سـاقٌ هـنـا .رأسٌ هـنـاك مفلقُ
وعـلـى روابـي الموت فيه تفرقوا
صـلـبت .على رهق المآسي تأرقُ
عـصـبت .بها السود الكلاب تمَزّقُ
وعـمـائـم نـكـثت وشاخََ ممَلقُ
قـردٌ . وتـاه بـمـا يـولـى بَيدقُ
مـوتـي .وصـرخة عاجل تتحرّقُ
بـلـدي .بـه ريـح العوادي تمرُقُ
مـوصـولـة بـكـوارث .وتمزُّقُ
والـسـوط يـجـلد والسلاسل توثقُ
عـشـنـا وحرب طوائف وتخندقُ
فـيـنـا تـلـوكُ وتستبيح وتغْرِقُ
وتـجـيء درب ضـفـافنا وترَنقُ
وغـدت مـهـجرة َ الرعودِ وتمْلقُ
جـيـاشـة ، ومـع الأثير ستبرَقُ
فـيـكـم ، وشـطرٌ باللواعج يدفقُ
بـتـرابـكـم، ولـكم يليقُ المنطقُ
عـمـري ، فـمنْ للجرح فيّ يرَتقُ
ألـمـي .وأحـمـل غصة تتشرنقُ
ودمـي مـدارات وحـزنـي أخرقُ
وقـصـائـدي روحـي بها تتزوّقُ
أحـدا . وأِنـي مـن جراحي أُخلقُ
بـي شـهقة . وبي المخالب تخرُقُ
وألـى الـثـريـا بـالـبهاء تنسّقُ
قـمـم الـسحاب . وللسحاب منطقُ
وحـيـالـهـا صُحفُ الأوائل تعتقُ
وعـلـى فـضاء آت السهى تتسلقُ
أثـرا وجـوهـرةُ الـعـقول توَثقُ
عـمـر الزمان ولن يشيخ َ المُعرَقُ
وتـقـابـلـت .تـحكي لمن يتذوّقُ
وحـلـيـهـا . والـحسنُ زاهٍ ريّقُ
وعـلا عـلـى رغـم التقادم رونقُ
كـلا ومـا شـاب الـشـعورَ تمَلقُ
فـانـسـاح مـحـترقا بها يترقرقُ
بـوحُ الـخيال به الصحائفِ تغرقُ
ولأنـت فـي شـرعِالوفاء الأصدقُ
وفـمُ الـبـلـيـغ عن الكلام معوّقُ
لـبـاتُ شـعـري عند بابك تورقُ