شكوى فلاّح

 شعر : سليم شاكر

كان لي قصة حبّ ِ

مع أرضي و ربوعيِ

منحتني قلبها الثر العميدا

ومنحتُ الجهد موفورا رغيدا

مسقط الرأس و مهوى كل قلب ِ

ومهبُّ الريح في فصل الربيع ِ

*    *    *

طال ملقانا زمانا ..

تحت أمطار الشتاء ِ

وعلى  صفحة ماء ِ

من جليد وصقيع ِ

*    *    *

طاب مسعانا مكانا ..

طلة التل على الوادي الأغنّ ِ

ورنوّ ُ  القاع ِ للسفح وللذروة  .. عيناً بعد عَيْن ِ 

والحمام الناشط المسعد يبني

عشه عند الينابيع بأمن ِ

وجنى الصيفِ على الغصن البديع ِ

*    *    *

عندما كان هوانا

نَهَراً يدفق.. حباً وحنانا

قمرا يسرح .. نورا وأمانا

وضلوعاً خافقات لضلوع ِ

كنت في أرضي سعيدا

ورياح الوصل بالوصل تُمَنّي

فإذا ما غبتُ عنها واعدتني

طلعةَ الفجر وأعقاب َ الهجوع ِ

وإذا ما جئتها يوماً  تلاقينا دموعاً بدموع ِ

وتبادلنا ورودا

بورود ٍ  ،  ورغيفاً برغيف ِ

إنها .. حقلي وريفي  ..

*  *  *

ذات يوم صفرت ريح الخريف ِ

خرجت باسْمي الجماهير تغنّي

كنت في الحفل الشريف ِ 

أمتطي صهوة المجد المنيف ِ

منحوني من قصيد الشعراء ِ  ..

أجمل الشعر نشيدا

غير أني ..

لم أكن ادري بما عُدّ ..  وشِيدا

سلبوني الحقل مخضراً وأعطوني قصيدا

لم أجد نفسي َ إلا ..

شاهداً للزور .. فجّاً .. وشهيدا

أتلقى من سياط الأصدقاء ِ

سوط غدر وجفاء ِ

مثلما تلقى على أيدي عدو ... ومزيدا

لم أكن ادري بما عُدّ ..  وشيدا

ثوبُ ذل وخنوع ِ ..

وقلاع ٌ من رياء ِ

وجرت  باسمي دموع ٌ من إباء ِ

صرت في الحفل وحيدا

سرت عن حقلي بعيدا

وجرى نهر نجيع ِ

*    *    *

لم أزل أشكو عذاباتي وحزني

واجترار الدم للوادي المَريع ِ

الذين اجترحوا اسمي للتجني

لم يكونوا أبدا من طينتي .. أو من فروعي

خيبوا كل أمانيَّ وظني

أطفأوا كل شموعي