أبا حسن

عدنان علي رضا النحوي

أبا حسن

(في رثاء الفقيد الأديب الناقد محمد حسن بريغش)

شعر الدكتور: عدنان علي رضا النحوي

أبـا حسن! لهـفي عليـك وحسرةٌ   وذكـرى وأحـلامٌ تمرُّ وتغرُبُ

رحلتَ! وما زال الصّدى يَتْبع الصّدى    يُرجِّع من ذكرى ويُحْيي ويُعْربُ

ومـا المـوتُ إلا رحـلةٌ دونها  المنى    لأهل التُّقى تُجْلى هناكَ وتقرُبُ

ومـا المـوتُ إلا يقـظةٌ تنـتهي بها    أمان  من الدنيا فتُطوى وتذهبُ

حنـانيك! والـدنيا مسارح  فـتنةٍ     ودار غـرورٍ وابـتلاءٍ وملعبُ

يـدورُ بـها لهـوٌ يـضجُّ ولـهفةٌ     تطَـلَّعُ! في آفاقها  البرقُ خُلّبُ

تـنافسَ  فيـها الناس أحلامَ  شهوةٍ    وزهـوةَ آمـالٍ تضلُّ وتكذبُ

يُمـحّص فيها الناسُ في كـلِّ خطوةٍ   تَـقيٌّ  يُنَجـَّى أو شقيٌّ  يُعذَّبُ

*      *      *

رحـلتَ! وقـد حَمّلت  قلبكَ  همّهُ   ينـوءُ بـه قلبٌ  وعزمٌ ويتعبُ

مَـضيتَ إلى حـق  مـسمّى وغاية   وليـس لإنسانٍ من الحقّ مَهربُ

عـسى أن تـرى عُـقبى أبرَّ ورحمةً   ومـغفرةً تحـنو عليك  وتحدبُ

رَحـلتَ إلى دار هـي الدارُ ! ظلُّها   ظـليلٌ ورزقٌ دائـمٌ  فيه طيّبُ

ظـلالٌ وأنداءٌ وروحٌ لـكلِّ  مـن   يبـرُّ بـعهد في الحيـاة ويرقبُ

*      *      *

رحلتَ عـن الـدنيا وما زال  بيننا   شـذىً من بيانٍ صغتَهُ لا يُكذَّبُ

وخـضتَ مياديـن الحياة  تشـقُّها   بعزم فـيزكو  في الميادين مطلبُ

وجُـلْتَ بـها في كـلّ ساح عزيمة   فتُطلق من  شوق عليها وتسكبُ

فـمنْ دعـوةٍ لله لم تـرضَ  عندها   مـراءً  ولا فـتنة  أنـتَ تَقربُ

ومـن أدبٍ حُـلوٍ تـطيبُ غِراسُه  ومـن قَصَصٍ يَجلوْ رؤاك ويعذبُ

ومـن جـولة بيـن النفوس ولفتةٍ   لتُـصلحَ مـن  نهجٍ  لها وتصوّبُ

بـناء  وإعـداداً وبـذلاً مـدَدتهُ   مـيادينَ  أغنى بالعَـطاء وأرحبُ

وفي"النصح"في الآداب خُضتَ سبيله  عـطاءَ زكا  فيه اجتهادٌ  ومَذهبُ

غرستَ وما أحلى الغِراس وقد نَمتْ  لتقطف في الأخرى جناها وتصحبُ

*      *      *

أبـا حسنٍ! عـانيتَ والصبرُ عزمةً   وفُـسحـةُ  إيـمانٍ أبرُّ وأرحبُ

بَـلوتَ من  الهَجر الذي زاد همّهُ    عليكَ بـهمٍّ في ضلوعـكَ يَغـلبُ

وما كنتَ تدري أنَّ في الناس فتنة    يضيع  بها صـدقُ  الوفاء ويـذهبُ

لعلك بالذكرى تعودُ لكي تـرى    فكم كنتُ أشكو ما شكوتَ وأعتبُ

بذلتَ! فـلمّا أن رأيتَ تـنافساً    يتـيه  وأهـواءً تـثـور وتـغلبُ

نأيـتَ! عسى أن  يـغفر الله إنه   غـفـور لمن  يرجو  الرّشاد ويرغبُ

*      *      *

أبا حسن ! هلاّ تلفّت كي تـرى    ديـاراً تهـاوتْ  أو مـآثر تنـهبُ

حـنانـيك! قـد غادرتنا ومعالمٌ     تُـدكّ ودنـيانـا ظـلامٌ  وغيهبُ

لتـلقى هنـاك البشرَ إشراقةَ المنى   وعـفواً مـن الرحمن يُرجى ويُطلبُ