يا وردةً سُحِقَتْ على شِقِّ الرَّحَى

يا وردةً سُحِقَتْ على شِقِّ الرَّحَى

ثريا نبوي

لا لن تكوني "لِنْجِرادَ" الثانيةْ*

كوني لهم "فيتنامَ" ثانيةً وفي طرُقاتِها يَلقَى الذئابُ القاضيةْ

مِن حقلِ ألغامٍ وسُنْبُلةٍ ومِن حبَّاتِها نَبَتَتْ مَغاويرُ الجهادِ الصَّادِيةْ

***

هذي ثغورُ الأرضِ تنطِقُ بالهلاكِ وبالحروفِ الذابِحةْ

فلتزرعي الأرضَ ابتساماتِ انتصارٍ جامِحةْ

وإذا استبدَّتْ صارتِ الأجداثَ بعد الجارِحةْ

***

لا تُوقفي البَثَّ المُضمَّخَ بالإرادَةْ

ولتُطعِمي الأجيالَ عُنقودَ الشَّهادَةْ

حتى تنامَ جراحُنا والأمنُ يحضِنُها ضِمادَةْ

***

في موسمِ القتلِ استباحَ الغدرُ أسماءَ البنينْ

وَيْ! حينَ أجْهَدْتِ القواميسَ التي في مَتْنِها اشتدَّ الرَّنينْ

صهرَتْ جِمارُ الحربِ أسماءًا دِمَاءًا؛ ضمَّهم رقمٌ على رَجْعِ الحنينْ

***

مُسْتَهْدَفٌ قلْبُ البراءةِ بالقنابلِ والرَّصاصاتِ الخسيسَةْ

شَرَفُ الخصومةِ في مَرامي النارِ يَلْقَى العنتريَّاتِ البئيسَةْ

قَنَصُوا الرَّضيعَ فسالَ مِن فَمِهِ الحليبُ مُدَمَّمًا ومُعانِقًا آهًا حبيسَةْ

***

مَرَقَتْ سِهامُ الغَدْرِ مِنْ قَوسٍ تَحَدَّبَ خلفَ أشجارِ الخميلةْ

نَزَفَتْ قلوبٌ في أراجيحِ العصافيرِ الجميلةْ

فَتناثَرَ الدَّمُ والرَّغامُ على مرايا الصَّمْتِ تُشْرِعُها القبيلةْ

***

مَنْ ذا سيُشهِرُ قلبَهُ عطفًا ووُدَّا؟

مَن ذا سيزرعُ في الفَلا فُلاًّ ووَردَا؟

والإخوةُ الأعداءُ أيْدٍ في الخَفا مُدَّتْ إلى الأعداءِ مَدَّا

***

لِمَ يُبْغِضونَكِ غادتي وَيَسُرُّهم مَرأى الذَّبيحةْ؟

لِمَ يجرحونَ الياسَمينَ ويَركَنونَ إلى مَرايانا القبيحةْ؟

ألأنَّ غزلَكِ للجهادِ اشتدَّ في نسجِ الفضيحةْ؟

***

(أَثْلِثْ فإنَّا أيها الطَّلَلُ.. نبكي وتَرْزِمُ تحتنا الإبِلُ)**

أَثْلِثْ فإنَّ الجُرحَ في قلبي رَنا لِخرائطي قد مَسَّها الخَبَلُ

أَثْلِثْ فإنَّ لنا جيوشًا -إذْ تُنَضِّدُنا نُعوشًا- مِن نِزالٍ سَيفُها وَجِلُ

***

يا غزَّتي يا وردةً  سُحِقتْ على شِقِّ الرَّحى فْتضوَّعتْ: عِطرًا، عِنادْ

يا بيْدَرًا تشدو على أرجائِهِ قُمْرُ الحصادْ

هيَّا ازرعي للقادمينَ سنابلاً في كلِّ وادْ

***

يا أيها الوطنُ الخُرافيُّ المُسافِرُ في دِمائي يُبحِرُ

لا لنْ تهونَ ولنْ تُرَكَّعَ والخُطى تتعَثَّرُ

مِن كل سُنْبُلةٍ تموتُ سَتُنْبِتُ الأيامُ حقلاً مِن لُيوثٍ تَزأرُ

*******

هوامش:

*هي لينينجراد الروسية التي حاصرتها القواتُ الألمانية الخاصة سنة1941 بأمر هتلر

حِصارًا دام عامين ونصف العام؛ فقَتَل الجوعُ والبردُ فيها مليونًا ونصفَ المليون

ولا عزاءَ للإنسانيةِ في عالمِ الغابْ.

** للمُتَنبّي