مُنَمْنَماتٌ عَلى جُدْرانِ الْمَجالِسِ الْعَربيَّةِ 17
مُنَمْنَماتٌ عَلى جُدْرانِ الْمَجالِسِ الْعَربيَّةِ 17
د. محمد جمال صقر
تَلْبِيَتانِ شِعْريَّتانِ قَديمَةٌ وَحَديثَةٌ
1 التَّلْبِيَةُ الْقَديمَةُ :
لاميَّةُ أَبي نُواسٍ الْحَسَنِ بْنِ هانِئٍ الْحَكَميِّ
إِلهَنا ما أَعْدَلَكْ
مَليكَ كُلِّ مَنْ مَلَكْ
لَبَّيْكَ قَدْ لَبَّيْتُ لَكْ
لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ لَكْ
وَالْمُلْكَ لا شَريكَ لَكْ
ما خابَ عَبْدٌ سَأَلَكْ
أَنْتَ لَه حَيْثُ سَلَكْ
لَوْلاكَ يا رَبُّ هَلَكْ
لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ لَكْ
وَالْمُلْكَ لا شَريكَ لَكْ
كُلُّ نَبيٍّ وَمَلَكْ
وَكُلُّ مَنْ أَهَلَّ لَكْ
وَكُلُّ عَبْدٍ سَأَلَكْ
سَبَّحَ أَوْ لَبّى فَلَكْ
لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ لَكْ
وَالْمُلْكَ لا شَريكَ لَكْ
وَاللَّيْلَ لَمّا أَنْ حَلَكْ
وَالسّابِحاتِ فِي الْفَلَكْ
عَلى مَجارِي الْمُنْسَلَكْ
لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ لَكْ
وَالْمُلْكَ لا شَريكَ لَكْ
اِعْمَلْ وَبادِرْ أَجَلَكْ
وَاخْتِمْ بِخَيْرٍ عَمَلَكْ
لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ لَكْ
وَالْمُلْكَ لا شَريكَ لَكْ
2 التّلْبِيَةُ الْحَديثَةُ :
بائيَّةُ أَبي هَمّامٍ عَبْدِ اللَّطيفْ عَبْدِ الْحَليمْ الشّوبَريِّ (أُمُّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)
أَشْـعِـلْ بِـنا يا دَليلُ أَجْنِحَةَ الْبَرْقِ وَطِرْ بِالرُّعودِ فِي أَوْقِـدْ صَـهـيـلَ الـرِّياحِ جائِشَةَ الْمَوْجِ وَأَسْرِجْ خُيولَها وَثِب أَنْشِبْ عَصيرَ الْغُصونِ فِي الطَّلَلِ الْيابِسِ هُزَّ الْخَبيءَ فِي الْعُشُب أَوْرِقْ حُـلـوقَ الرِّمالِ عانَدَهَا الصَّخْرُ فَقَدْ تَرْتَوي مِنَ السَّغَب سـالَـتْ بِـأَعْـنـاقِهَا الْأَباطِحُ وَالْأُفْقُ لَهيبٌ مِنْ غَيْرِ ما لَهَب فَـطِـرْ بِـنـا يـا دَليلُ فَالشَّجَرُ الْمورِقُ فينا كَالشَّمْسِ لَمْ تَغِب فَـهـذِه نـارُهُـمْ وَقَـدْ عَـسْـعَسَ اللَّيْلُ فَشِمْ يا دَليلُ وَاقْتَرِب اِقْـبِـسْ لَـنـا مِـنْ شُـعاعِها وَهَج الْأُفْقِ وَمُدَّ الْخِيامَ لِلشُّهُب أَسْـرِجْ لَـنـا زَيْـتَـها يُضيءُ فَقَدْ تُسْفِرُ في حُجْبِها بِلا حُجُب تَـبَـرْقَـعَـتْ بِـالضِّياءِ وَانْكَشَفَتْ بِالْغَيْبِ عَنْ سائِلٍ وَمُرْتَقِب ذاكَ مَـقـامُ الْـجَـلالِ يَـخْتَرِقُ النّورُ الثَّرى هامِيًا بِلا سُحُب مُـنْـسَـكِـبًـا فَـالسَّماءُ جاذِبَةُ الْأَرْضِ فَمِنْ جاذِبٍ وَمُنْجَذِب كَـأَنَّـمَـا الْأَرْضُ تَـذْرَعُ الْـمَلَأَ الْأَعْلى بِغَيْرِ الضِّياءِ لَمْ تَطِب فَـهـذِه نـارُهُـمْ تُـغـازِلُـها فَراشَةُ الرّوحِ في هَوًى عَجَب هـذِي الْـمَـطـايـا هَوادِجُ النَّغَمِ الْهامِرِ بَيْنَ الْبِطاحِ وَالشُّعَب اُحْـدُ بِـنـا يـا دَلـيلُ ساجِعَةَ الْوُرْقِ تُناجي بِالشَّوْقِ وَالطَّرَب نَـوازِعُ الْـقَـلْـبِ فـي حَـواصِلِها وَفِي الْمَناقيرِ تَوْبَةٌ لِنَبي ذاكَ الْـحِـمـى يـا حَـمامُ فَاسْتَبِقِ النّورَ وَشُدَّ النُّجومَ وَانْتَهِب وَانْـسُجْ خُيوطَ الْأَضْواءِ أَرْدِيَةَ الْإِحْرامِ وَاسْجُدْ بِالرّوحِ وَاقْتَرِب وَذَوِّبِ الـطَّـلَّ فِـي الْـهَـواجِـرِ رَقْرِقْهُ كُؤوسًا نَديَّةَ الْحَبَب لَـبِّـثْ بِـنـا يا دَليلُ ها هِيَ ذي أُمُّ الْقُرى في مَعارِجِ الشُّهُب هَـلَّـلَ فـيـهَـا الـرَّجـاءُ صـاعِدَةً أَسْبابُه لِلسَّنا بِلا سَبَب حَـنـاجِـرٌ مِـنْ رِمـالِـها هَتَفَتْ يَنْسَكِبُ الْوَجْدُ أَيَّ مُنْسَكَب مـا أُحْـصِرَتْ هَلْ يَذودُها حَصَرٌ عَنْ لَثْمِ طيبِ النَّسيمِ وَالتُّرُب أَجْـنِـحَـةُ الْـبَـرْقِ زادُ رِحْـلَتِها لا تَتَشَكّى مَجامِرَ النَّصَب يَـنْـسَـكِـبُ الْأُفْـقُ فـي قَوادِمِها وَقَدْ طَواهُ الْأَصيلُ بِالذَّهَب تَـنْـعَـتِقُ الْأَرْضُ وَالْجُسومُ مِنَ الطّينِ وَتَهْمِي السَّماءُ بِالسُّحُب بُـسْـتانُها ضَوْعَةُ الزُّهورِ نَدَى الْفَجْرِ يَصُبُّ الرَّبيعَ فِي الْعُشُب فَـابْـلُـغْ بِـنـا يـا دَليلُ ما بَلَغَ الْوَجْدُ بِنا لا شَكاةَ مِنْ تَعَب نَـحْـنُ ذَهَـلْـنا عَنِ الذُّهولِ وَما كَلَّتْ خُطانا وَالسَّعْيُ لَمْ يُشَب نَـحْـنُ سَـكِرْنا بِصَحْوِنا وَصَحَا السُّكْرُ بِنا صُبَّ خَمْرَنا وَطِب وَشَـعْـشِـعِ الْـخَـمْـرَ في جَوانِحِنا مَمْزوجَةً بِالْأَمْواهِ وَاللَّهَب وَاطْـوِ لَـنـا صَفْحَةَ الزَّمانِ نَعِشْ قَبْلَ انْبِثاقِ الْوُجودِ وَالْحِقَب ذاكَ وَإِلّا فَـالـرّوحُ شـارِدَةٌ لا تَـهْـتَـدي بِـالدَّليلِ وَالْكُتُب ذَوِّبْ لَـنَـا الْـخَـمْرَ في مَحاجِرِنا فَقَدْ شَهِدْنَا السَّماءَ عَنْ كَثَب | السُّحُب