على أعتاب ابن عباد في اشبيلية
أندلسيات (3)
د. عبد الجبار دية
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
استشاري الأمراض الباطنة والصدرية
في صيف هذا العام 2008م قدر لي أن أزور بعض الحواضر الأندلسية ( ملقا ، قرطبة ، غرناطة ، أشبيلية ) بصحبة الأهل فكانت هذه القصيدة في قصر المعتمد ابن عباد في اشبيلية
يا ابن عباد : يا سليل الجحاجح الغُرّ من بني عبّاد
يا ابن عباد : يا نجم جهادٍ يشعّ في كلّ نادي
أين ذاك النّعيم والشرف الباذخ !؟
أين القلاع ! .. أين الحصونُ !
أين بطولات " زلاّقةٍ " ! وأين النوادي !؟
أين سور من الأجنادِ .. !
تولوا وأسلموك أسيرا !!
تُرى كيف أمسى بعدها العيش بؤساً مريرا !؟
* * *
يا ابن عباد : أين الحدائق الغناء ؟ أين الساحاتُ ؟
أين القصور شامخاتٌ يزينها الزّخرف والآياتُ !؟
أين الملكُ ؟ أين الدّهاء ؟ أين الذكاء !؟
ذهبت كلها ولم يبق إلاّ الله ..
الرافع ... الخافض ... يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء .. مالك الملك
قد تبدل العزُّ ذلا !
وصفاء العيش كدرا !
والسنا بسواد !!
* * *
ياابن عباد : دبّ الشّقاقُ !
واستحكم الخُلفُ !
بين الإخوان والأقرباءِ !
عُرف الوهنُ فيكم!
واستعلن الأمر !
للأصدقاء والأعداء !
* * *
يا ابن عباد : تناديها هل تذكر الطين ... يوم الطّينِ !!
اذ تخوضُ المصونُ في الكافور والمسكِ والزعفرانْ !
وقد تاقت للعيشِ ..
عيش الفلاح والقهرمان !
هل تذكريها ..
وقد طوى الدّهر حديثٌ
مضى به الحدثان !
كيف تنسين ذاك اليومَ ! كيف يُسلى !
وقد سارت بذكره الرّكبان !!
يومٌ كأن على أعطافه ألقٌ يُذكّر الناس بالجنات والحورِ
* * *
يا ابن عباد والليال حبالى مثقلاتٍ يلدن مالا يروقُ !
طفح الكيل واستفاضت بالغيظ قلوبٌ وغُصّ بالماء ريقُ !
يا ابن تاشفين : يا ابن الأماجد الزّهر أهل التقى والجلادِ
يا ابن تاشفين : يا قائد الميامين للفدا والجهادِ
يا من عبرت الزّقاق مرّة بعد أخرى
تدفع العدوان ..
تجمع الشّمل ..
تُطفئ الخُلف ..
بُورك السعيُ والفدا يا أسوة العُبّاد !!
* * *
يا ابن عباد : يا سليل الكرام من بني عباد
أيها الملك الشّاعرُ ..
يا رمز كلّ مليكٍ
في نعمة العيش غادي !
كيف آلت بهيمةُ العيشِ
بعد الفدا والجهاد !؟
وكيف أيامك النحس .. بأغماتَ
والقيد يأكل رجليك !
والجسمُ يذوي ذويّا !
والزوج والبنات يدخلن عليك حفايا .. عُرّيا !
عليهن الأطمار .. والبؤس بادٍ !
مطرقاتٌ .. يغزلن للناس بالأجر .. ..
لا يمتلكن من نعمة الأمس شيئا !
* * *
قضي الأمرُ ..
واستعلن السرُ ..
ذهبت نضارة الأشياءْ !
سنن الله في الخلائق تمضي
هل يعي النّاسُ تلكم الأنباءْ !!
| أصحيح قول ابن رندة يوماً دولٌ يـنقضي الزّمان تِباعاً أصـحـيحٌ أن الهزائمَ حتمٌ لـيس ما قيل يا أخيّ يقيناً تـرفٌ يـشغل العباد ولهوٌ هـكـذا تسقط البلاد سريعاً | كم من الشعر حكمة غراء ! يـوم سـعدٍ يتلوه يومُ شقاء قـدرٌ نـافـذٌ وحكمٌ قضاء يصنعُ المجدَ جهدُنا والدّهاء ونـزاعٌ وقـيـنـةٌ وغِناء هكذا يدرك العبادَ البلاء !! |
