يَوْمٌ طَوَى العُمر

محمد ياسين العشاب

محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب

[email protected]
أَقَـمـتُ  يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ iiأَحْيَاهَا
يَـوْمٌ  طَـوَى الْعُمْرَ في أَثْنَائِهِ iiفَبَدَتْ
إِنَّ الْـحَـيَـاةَ غِـمَـارٌ لا حُدُودَ iiلَهُ
فَـلَيْسَ  يَحْيَى على ذِكْرَى و لاَ أَمَل iiٍ
تَـمْـضِي  بِهِ لاَهِيًا عَنْهَا و عَنْ iiغَدِهِ
كَـأَنَّـمَـا كُـلُّ شِـبْـرٍ فَـوْقَهَا iiأَلَمٌ
مَـا  فَـارَقَـتْ لَوْعَةُ الْأَحْزَانِ iiمُنْتَهِيًا
كُـلٌّ يُـكَـابِـدُ مِـنْ رَاجٍ بِهَا iiفَرَجًا
لَـوْ  كَـانَ يُجْدِي مِنَ الدُّنْيَا iiزَخَارِفُهَا
*                *                *
أَقَـمْـتُ  يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ iiأَحْيَاهَا
يـا  قَلْبِ لا تَعْتَصِرْ و اصْبِرْ iiلِسَانِحَةٍ
هَـذَا الـسَّـنَاءُ الَّذِي يَغْشَاكَ iiمُنْكَسِفٌ
طَوَاهُ  حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ انْقَضَى iiوَمَضَى
رَفَـعْـتُ  عَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا جَمِيعَ iiيَدِي
سُـرْعَـانَ مَا تُحْبِطُ الرَّاجِي و iiتَسْلُبُهُ
لَـمَّـا رَنَـتْ مُهْجَتِي يَوْمًا إِلَى iiغَدِهَا
أَزْرَى  بِـهَـا قَـلَـقٌ مِنْ كُلِّ iiنَاحِيَةٍ
يَـا لَـيْـتَـهَا بِنُجُومِ الْأُفْقِ مَا iiشُغِفَتْ
بَـلِـيَّـةٌ  كَدَّرَتْ عَيْشِي وَ هِمْتُ iiبِها
مَـا  حِـيلَتِي وَ بِنَفْسِي حَيْرَةٌ iiسَعَرَتْ
دَارَتْ  عَلَيَّ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَوْمَ iiرَنَتْ
فَمَرَّغَتْ  كُلَّ جِسْمِي في الرَّغَامِ iiسُدًى
أَعْـطَـتْ و يَا لَيتَهَا لَمْ تُعطِ iiزُخْرُفهَا
حَـتَّـى  إِذَا سُـرَّ يَوْمًا مِنْ iiمَحَاسِنِهَا
لَـوْ كُـنْـتَ ذَا رَشَدٍ مِمَّا عَرَفْتَ iiبِهَا
لاَ كُـنْتِ يَا نَفْسُ كَمْ أَسْقَطْتِ مِنْ iiهممٍ
و  كَـمْ هَـوَيْتِ بِمَنْ كَانَتْ iiمَفَاخِرُهُمْ
لَـوْ  كَانَ لِي بَعْضُ فَهْمٍ ما سَقِمْتُ بِهَا
يَـا  سَائِرًا في سَبِيلِ النَّفْسِ كُنْ iiحَذِرًا
مَـنْ سَـارَ فـي دَرْبِهَا يَرْجُو مَوَدَّتَهَا
فَـمَـنْ تَـقَـرَّبَ مِـنْـهَا قَيْدَ iiأُنْمُلَةٍ
*                *                *
أَقَـمْـتُ  يَـوْمًا عَلَى ذِكْرَاكِ iiأَحْياهَا
هَـاجَـتْ شَـجَايَ فَأَنَّى بَعْدَهَا iiسَبَبٌ
مَـزَّقْـتُ قَلْبِي بِنَفْسِي وَيْحَهَا iiرَغِمَتْ
طَـالَـتْ عَـلَـيَّ لَيَالٍ عَذَّبَتْ iiخَلَدِي
أَغْـرَتْـكِ يَا نَفْسُ أَرْضٌ لاَ أَمَانَ iiلَهَا
حَتَّى جَنَيْتِ عَلَى رُوحِي و ضَاقَ دَمِي
أَقَـمْـتُ يَوْمًا عَلَى ذِكْرَى عَجِبْتُ iiلَهَا
لَوْ  كَانَ لِي بَعْضُ رُشْدٍ مَا سَقِمْتُ iiبِهَا








































كَـأَنَّـمَـا  عَادَ بِي يَوْمِي لِمَحْيَاهَا ii1
أَيَّـامُ سَـعْـدٍ وَ شَـجْوٍ كِدْتُ iiأَنْسَاهَا
مَـنْ خَـاضَ فِـيهِ و أَفْنَى قَلْبَهُ iiتَاهَا
و  لَـيْـسَ يُـدْرِكُ مِنْ دُنْيَاهُ iiمَغْزَاهَا
و يُـذْهِـلُ الْـقَلْبَ عَنْ مَعْنَاهُ iiمَعْنَاهَا
و مَـا لِـحـيٍّ فِـرَارٌ مِـنْ رَزَايَاهَا
كَـلاَّ و لاَ فَـارَقَتْ في الأَرْضِ iiتَيَّاهَا
يُـدْنِـي  الْـبَـعِيدَ، لِعَانٍ بَاتَ iiأَوَّاهَا
مَـا  كـان فـيها شَقِيٌّ فَاغِرًا فَاهَا ii!
*                *                *
يَـا سَـاعَـةً أَلَّـبَتْ حُزْنِي iiبِذِكْرَاهَا
هَـاجَـتْ  فُؤَادَكَ عَلَّ الرُّوحَ iiتَنْسَاهَا
لَـمْ تُـبْقِ مِنْهُ صُرُوفُ الْحَالِ iiأَشْبَاهَا
فَـاحْذَرْ طُيُوفَ الْكَرَى واحْذَرْ iiبَلاَيَاهَا
وَ عِـفْتُ مِنْ بَيْنِ مَا قَدْ عِفْتُ iiرُؤْيَاهَا
مَـا كَـانَ مِـنْـهَا فلا تُبْقِي لَهُ iiجَاهَا
رُنُـوَّ  حَـادٍ إِلَـى وَاحٍ وَمَرْعاهَا ii2
يَـؤُودُهَـا بِـهُـمُومٍ كُنْتُ أَخْشَاهَا 3
فَـمَـا  دَرَتْ أَيْـنَ أَقْصَاهَا وَ iiأَدْنَاهَا
فـي  حَـالَةٍ مِنْ ظُنُونِ النَّفْسِ أَحْيَاهَا
مَـا كَـانَ ضُـيِّعَ مِنِّي الرُّشْدُ iiلَوْلاَهَا
نَـفْسِي إِلَى الأَرْضِ وَاشْتَاقَتْ iiلِدُنْيَاهَا
ولَـيْسَ  تُجْدِي ولاَ تُغْنِي عَطَايَاهَا ii4
خَـدِيـعَـةً ضَيَّعَتْ مَنْ ذَاقَ iiحُسْنَاهَا
أَرْدَتْـهُ  فـي يَـوْمِهِ التَّالِي iiخَطَايَاهَا
لَـزَادَتِ  الْـقَـلْـبَ إِرْشَادًا و إِنْبَاهَا
عَـزِيزَةٍ  كَانَ صِدْقُ الْعَزْمِ سِيمَاهَا ii5
تُـتْـلَـى،  وكانُوا قُبَيْلَ الْيَوْمِ iiأَنْزَاهَا
وَالـنَّـفْسُ مَا رُوِّضَتْ لَمْ تُؤْذِ iiمَوْلاَهَا
فَـإِنَّـمَـا كـان عَـبْدُ النَّفْسِ iiأَشْقَاهَا
أَهْـدَتْ إِلَـيْـهِ مِـنَ الزَّلاَّتِ iiأَعْتَاهَا
يَـرْجُو  الْوِصَالَ بِهَا أَهْدَتْ هَدَايَاهَا !
*                *                *
يَـا  سَـاعَةً ضَاعَ عَنْ عَيْنِي iiمُحَيَّاهَا
إِلَـى  الـرَّشَـادِ ونَفْسِي انْهَدَّ iiمَبْنَاهَا
نَـفْسُ الشَّجِيِّ و قَلْبِي مِنْ ضَحَايَاهَا ii!
بِـفِـتْـنَـةٍ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ iiجَلاَّهَا
وَ  لَـوْ رَشَـدْتِ لَـمَا أَغْرَتْكِ iiبَلْوَاهَا
ذَرْعًـا، و أَجًَّجْتِ نَارًا بِتُّ أَصْلاَهَا ii!
مَـا كَـانَ أَغْـنَى فُؤَادِي عَنْ iiبَلاَيَاهَا
مَـا كَـانَ يَـنْفَعُ نَفْسًا نَدْبُ ذِكْرَاهَا !

              

(1(1) المَحْيَا :مَفْعَل من الحياة، نقول محياي ومماتي.

(2) حَادِي الرَّكْبِ من يَدُلُّه على الاتجاه الصحيح فيَقُودُهُ إليه.

(3) أَزْرَى بالشيء اسْتَهَانَ به، ومعنى يَؤُودُهُ يُثْقِلُ عليه.

 (4) الرَّغَام: التراب.

(5) السِّيمَا : العلامة.