الكئيبُ

عبد السلام الكبسي

عبد السلام الكبسي

إلى الإنسانية المعذبة بمرض القلق " depression"

" 1 "

الحزين ُ الذي كان حر الجناح ِ...

و طَلْقَ الصباح ِ

هو الآن , أعجزُ مِنْ أَنْ يخلّصَ أوقاتَهُ الحُمْرَ كالجمر ِ ,

مما اعتراها من الحزنِ ,

والخوفِ ,

والوهنِ المستطيل ِ الذي لا يكادُ يزول ُ

و مما اعتراها من الهلع ِ المستثار ِ ,

على قلق ٍ بغتة ً ,

في مسار المرارة ِ نحو الجنون ِ

" 2 "

الحزين ُ بمعنى ً وآخر ,

يشعر ُ بالإبتعاد ِ عن الناس ِ ,

مثلَ القطار ِ السريع ِ

إلى غير ما وجهة ٍ ماعدا نقطةَ الضجر ِ المستديم ِ ,

و يشعر ُ بالدوران ِ المريع ِ ,

كمروحة ٍ في مهب ِ الرياح ِ ,

وأيّ رياح ِ

بما يشبه السير ِ كالسيرك ِ فوق جبال الهموم ِ ,

وما بين بين الظنون ِ

بما يشبه الإنحدار إلى هوة ٍ ما لها من قرار ِ ,

لذلك يطلق ُ أنفاسَهُ لاهثاً , للفرار ِ

" 3 "

الحزين ُعلى قلق ٍ ,

يتوقع ُ في كل آن ٍ بالخوف ِ

يا لغباء الأحاسيس ِ ,

يا لدهاء الوساوس ِ ,

يا لجحيم ِ المشاعر عند التناذر ِ

ماذا سيحدثُ بعد قليل ِ هنا ,

ويشيرُ الكئيبُ إلى القلب ِ

ماذا يجول ُ هناك َ , كما الحربِ

مَنْ أيقظ الخوفَ في قلبهِ مثلَ وحش ٍ على غابة ٍ مستعر ْ

مَنْ دعاهُ ليسلكَ بعض سقرْ

ثم شيئاً فشيئاً ,

قد يتوقفُ إحساسهُ بالمخاوفِ مثلَ المطر ْ

ليعاودهُ من جديد ٍ ,

كنافورة ٍ , بالخطر ْ

إنهُ

مثلَ مَنْ هم َّ بالقفز ِ في البحر ِ

مستنقذاً نفسهُ ,

بينما ماتزال السفينة ُ خالية البالِ ,

تجري في اليسر ِ من عسرها , والمصير ِ

أو إنه بالأصح ِ ,

كمثل ِ شراع ٍ بلا دفة ٍ ,

ينتهي غالباً , أمر ُ كل شراع ٍ بلا دفة ٍ , بالصخور ِ

" 4 "

الحزين ُ هنا ,

كانَ قد مر َّ ,

لكننا لا نراه ُ يمرُّ هناك َ ,

يعاني ْ كطفل ٍ وحيداً , دونَ حدود ٍ ,

فأحواله ُ لا تسر القريبَ ,

ولا يرتضيها البعيد ُ ,

يعانيْ ,

لكننا لا نراهُ هنا يتضورُ فوقَ السفودِ ,

لا من قريب ٍ ,

ولا من بعيد ٍ

لكنما الحاصل ُ الآن ,

يدخلُ إن شئتَ أن تتصور َ , ضمن الجحيم ِ

فمَنْ أولاً ,سوف يمنحهُ الأمن َ من خوفِ ,

والإرتياح ِ من الحزن ِ

مَنْ ثانياً , سوف يمنحهُ مثلما كان يحلم بالغد ِ

معنى الرجوع ِ إلى الحلم ِ ,

يمنحهُ شارة ً في الطريق الطويل ِ ,

الطويل ِ

ليعرفَ أنّ التوقفَ بالوهم ِ ,

مادام قيدَ الوجود ِ , عن الحلم ِ ,

يعني النهاية َ ,

مَنْ آخر الأمر ِ ,

يمنحهُ في غصاصته ِ المستمرة ِ شيئاً ,

من ثقة العابرين على الجسر ِ

نحو الحياة ْ ؟!!