مساجلات بين شوقي وحافظ إبراهيم

مساجلات بين شوقي وحافظ إبراهيم  وغيرهما/ كريم مرزة الأسدي/ كان رحمهما الله يمشيان معا ، ولاحظ حافظ أن أحمد شوقي صامت وحزين فأراد أن يسليه بهذا البيت فقال حافظ  تورية بـ شوقي :

    يقولون إن الشوق نارٌ ولوعـةٌ ***فما بال (شوقي) اصبح اليوم باردا

    فرد عليه أحمد شوقي بأبيات قارصة  تورية بـ حافظ  : 

     وأودعتُ كلباً وإنساناً وديعة *** فضيعها الانسانُ و(الكلبُ حافظُ)

و الشاعران تعاصرا :أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك (16 أكتوبر 1868 - 14 أكتوبر 1932)،كاتب و شاعر مصري يعد من أعظم وأشهر شعراء العربية في العصور الحديثة، يلقب بـ "أمير الشعراء" 

محمد حافظ إبراهيم ولد في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 - 21 يونيو 1932م. شاعر مصري ذائع الصيت. عاصر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب، وقد كانا مرتبطين ببعضهما بطريقة غير عادية فقد اثروا لغتنا الجميلة

وهذه مداعبه شعريه بين امير الشعراء احمد شوقى والشاعر حافظ ابراهيم:

قال شوقى فى احد قصائده

مال واحتجبْ ***وادعى الغضبْ

ليت هاجري***** يشرح السببْ

عتبه رضــا ******ليتــــه عتبْ

فداعبه حافظ فى قصيدة مثلها قائلا:

شال وانخبطْ ****وادعى العبطْ

ليت هاجري ****يبلــــع الزلطْ

عتبهُ شــــجى*****حبّهُ غلــطْ

كلما مشـــــى ****خطوةً سقطْ

إن أمـــرهُ ***فى الهوى شططْ

ذات مرة اجتمع أمير الشعراء أحمد شوقى مع شاعر النيل حافظ إبراهيم على الغداء، وكان القلقاس أحد الأطباق الموجودة، فدخل الشاعران فى تحدٍّ، من منهما يستطيع نظم بيت يذكر فيه كلمة قلقاس، فإذا بحافظ إبراهيم ينشد قائلاً:

لو سألوك عن قلبي ومـا قاسى

فقل قاسى وقل قاسى وقل قاسى

----------------------------------------

وفي موضع آخر، يُحكى أن حافظ إبراهيم كان جالساً في حديقة داره بحلوان، ودخل عليه الأديب الساخر عبد العزيز البشري وبادره قائلاً : شفتك من بعيد فتصورتك " واحدة ست " !!

فقال حافظ ابراهيم: والله يظهر انه نظرنا ضعف ، أنا كمان شفتك ، وأنت جاي افتكرتك " راجل" !!!!

أحمد شوقى ومحجوب ثابت والسيارة  

من بين طرائف أمير الشعراء أحمد شوقى أيضًا مداعبته لصديقه الدكتور محجوب ثابت، حينما رأى سيارته القديمة التى اشتراها بقوله :

لكم فى الخط سيارة  *** حديث الجار والجارة

إذا حركتها مالتْ ******على الجنبين منهارة

وقد تحزن أحياناً****** وتمشى وحدها تارة !!

ولدتك أمك وهي معتذرة

كان الشاعر الدكتور إبراهيم  ناجي يجلس ومجموعة من أصدقائه منهم محمود تيمور وإبراهيم المصري ومحمد أمين حسونه وغيرهم في جروبي عدلي ودخل عليهم عبد الحميد الديب وتناول ناجي بكلام بذي ولم يرد ناجي في جينه عليه ليس عجزاً وإنما ترفُّعاً ولم يتمالك شيطان شعره أن يمر الموضوع ويمضي صاحب الإساءة بإساءته فأطلق عليه صواريخه القاتلة:

رجلاً أرى بالله أم حشرة *** سبحان من بعيده حشره

يا فخر "دارين" ومذهبه *** وخلاصة النظرية القذرة

أرأيت قردا في الحديقة قد *** فلته أنثاه على شجرة

عبد الحميد إعلم فأنت كذا *** ما قال داورين وما ذكره

يا عبقرياً في شناعته *** ولدتك أمك وهي معتذرة

حافظ إبراهيم و تاجر كتب ، جلده جلد الحمار لا يحترق بالنار ، ولا العنكبوت تتقرب منه لقسوته!!! 

قال حافظ ابراهيم في تاجر كتب صفيق كان كلما ذهب إليه لشراء كتاب أحس بحاجته إليه، غالى في الثمن، ورفض أن يخفض من قيمته. وكان فيه تبلّد وبرود واضحين.

أَديمُ وجهكَ يا زنديقُ لو جُعِلتْ *** مِنهُ الوقايةُ والتجليدُ للكتبِ

لم يعلُها عنكبوتٌ أينما تُركتْ *** ولا تخافُ عليها سطوةَ اللهبِ

حافظ إبراهيم : الناس ترى قيمة الإنسا بردائه وحذائه :  ثوب جديد 

كان حافظ ابراهيم رغم اسمه الكبير فقيراً كأغلب الشعراء، وذات يوم اشترى ثوباً جديداًً فلاحظ أن الناس – كثيراً منهم- يتعامل معه باحترام أكبر فقال مخاطباً ثوبه الجديد:

يا ردائي جعلتني عند قومي *** فوق ما أشتهي وفوق الرجاءِ

إن قومي تروقهم جِدّةُ الثو *** بِ ولا يُعشَقُونَ غير الرِداءِ

قيمة المرءِ عندهم بين ثوبٍ *** باهر لونهُ وبين الحذاءِ

و هذه قصيدة يخاطب حافظ إبراهيم بها أحمد شوقي: 

يا سَيِّـدي وَإِمامـي ******* وَيا أَديـبَ الزَمـانِ

قَد عاقَني سوءُ حَظّي ******* عَن حَفلَةِ المِهرَجـانِ

وَكُنـتُ أَوَّلَ ســاعٍ******* إِلى رِحابِ اِبنِ هاني

لَكِن مَرِضتُ لِنَحسي ******* في يَومِ ذاكَ القِـرانِ

وَقَـد كَفانـي عِقابـاً ******* ما كانَ مِن حِرمانـي

حُرِمتُ رُؤيَةَ شَوقـي ******* وَلَثـمَ تِلـكَ البَنـانِ

فَاِصفَح فَأَنتَ خَليـقٌ ******* بِالصَفحِ عَن كُلِّ جاني

وَعِش لِعَرشِ المَعاني ******* وَدُم لِتـاجِ البَـيـانِ

إِن فاتَنـي أَن أُوَفّـي ******* بِالأَمسِ حَقَّ التَهانـي

فَاِقبَلهُ مِنّـي قَضـاءً ******* وَكُن كَريـمَ الجَنـانِ

وَاللَهُ يَقبَـلُ مِنّـا ال******* صَـلاةَ بَعـدَ الأَوانِ

و هذه قصيدة يرثي أحمد شوقي بها حافظ إبراهيم و قد كانا قد تعادها على أن يرثي أحدهما الدي يمت منهما قبل الاخر: 

قَد كُنتُ أوثِـرُ أَن تَقـولَ رِثائـي ** يا مُنصِفَ المَوتى مِـنَ الأَحيـاءِ

لَكِن سَبَقتَ وَكُـلُّ طـولِ سَلامَـةٍ ****** قَـدَرٌ وَكُــلُّ مَنِـيَّـةٍ بِقَـضـاءِ

الحَقُّ نادى فَاِستَجَبتَ وَلَـم تَـزَل **** بِالحَـقِّ تَحفِـلُ عِنـدَ كُـلِّ نِـداءِ

وَأَتَيتَ صَحراءَ الإِمامِ تَذوبُ مِـن ***طولِ الحَنينِ لِساكِـنِ الصَحـراءِ

فَلَقيتُ في الـدارِ الإِمـامَ مُحَمَّـداً ***فـي زُمـرَةِ الأَبـرارِ وَالحُنَفـاءِ

أَثَرُ النَعيـمِ عَلـى كَريـمِ جَبينِـهِ **** وَمَراشِـدُ التَفسـيـرِ وَالإِفـتـاءِ

فَشَكَوتُما الشَـوقَ القَديـمَ وَذُقتُمـا * طيبَ التَداني بَعـدَ طـولِ تَنائـي

إِن كانَـتِ الأُلـى مَنـازِلَ فِرقَـةٍ **** فَالسَمحَـةُ الأُخـرى دِيـارُ لِقـاءِ

وَدِدتُ لَو أَنّي فِداكَ مِـنَ الـرَدى *** وَالكاذِبـونَ المُرجِفـونَ فِـدائـي

الناطِقونَ عَنِ الضَغينَـةِ وَالهَـوى ** الموغِرو المَوتى عَلى الأَحياءِ

مِـن كُـلِّ هَـدّامٍ وَيَبنـي مَجـدَهُ ******* بِكَرائِـمِ الأَنـقـاضِ وَالأُشَــلاءِ

ما حَطَّموكَ وَإِنَّمـا بِـكَ حُطِّمـوا **** مَن ذا يُحَطِّـمُ رَفـرَفَ الجَـوزاءِ

أُنظُرُهُ فَأَنتَ كَأَمسِ شَأنُـكَ بـاذِخٌ **في الشَرقِ وَاِسمُكَ أَرفَعُ الأَسمـاءِ

بِالأَمـسِ قَـد حَلَّيتَنـي بِقَصيـدَةٍ ******* غَـرّاءَ تَحفَـظُ كَاليَـدِ البَيضـاءِ

غيظَ الحَسودُ لَها وَقُمتُ بِشُكرِهـا **** وَكَمـا عَلِمـتَ مَوَدَّتـي وَوَفائـي

في مَحفَـلٍ بَشَّـرتُ آمالـي بِـهِ **** لَمّا رَفَعتَ إِلـى السَمـاءِ لِوائـي

يا مانِحَ السـودانِ شَـرخَ شَبابِـهِ **** وَوَلِيَّـهُ فـي السِلـمِ وَالهَيـجـاءِ

لَمّا نَزَلـتَ عَلـى خَمائِلِـهِ ثَـوى **** نَبـعُ البَيـانِ وَراءَ نَبـعِ المـاءِ

قَلَّدتَـهُ السَيـفَ الحُسـامَ وَزُدتَـهُ **** قَلَماً كَصَـدرِ الصَعـدَةِ السَمـراءِ

قَلَمٌ جَرى الحِقَبَ الطِوالَ فَما جَرى **** يَـومـاً بِفاحِـشَـةٍ وَلا بِهِـجـاءِ

يَكسـو بِمِدحَتِـهِ الكِـرامَ جَلالَـةً **** وَيُشَيِّـعُ المَوتـى بِحُسـنِ ثَنـاءِ

إِسكَندَرِيَّـةُ يـا عَـروسَ المـاءِ **** وَخَميلَـةَ الحُكَمـاءِ وَالشُـعَـراءِ

نَشَأَت بِشاطِئِـكَ الفُنـونُ جَميلَـةً **** وَتَرَعرَعَـت بِسَمائِـكِ الزَهـراءِ

جاءَتكِ كَالطَيـرِ الكَريـمِ غَرائِبـاً **** فَجَمَعتِـهـا كَالـرَبـوَةِ الغَـنّـاءِ

قَد جَمَّلوكِ فَصِرتِ زَنبَقَـةَ الثَـرى **** لِلـوافِـديـنَ وَدُرَّةَ الــدَأمــاءِ

غَرَسوا رُباكِ عَلى خَمائِـلِ بابِـلٍ **** وَبَنَوا قُصورَكِ في سَنـا الحَمـراءِ

وَاِستَحدَثوا طُرقاً مُنَـوَّرَةَ الهُـدى **** كَسَبيلِ عيسى فـي فِجـاجِ المـاءِ

فَخُذي كَأَمسِ مِـنَ الثَقافَـةِ زينَـةً **** وَتَجَمَّـلـي بِشَبـابِـكِ النُجَـبـاءِ

وَتَقَلَّـدي لُغَـةَ الكِتـابِ فَإِنَّـهـا **** حَجَـرُ البِنـاءِ وَعُـدَّةُ الإِنشـاءِ

بَنَتِ الحَضـارَةَ مَرَّتَيـنِ وَمَهَّـدَت **** لِلمُلـكِ فـي بَغـدادَ وَالفَيـحـاءِ

وَسَمَت بِقُرطُبَـةَ وَمِصـرَ فَحَلَّتـا **** بَيـنَ المَمـالِـكِ ذِروَةَ العَلـيـاءِ

ماذا حَشَدتِ مِنَ الدُمـوع لِحافِـظٍ **** وَذَخَرتِ مِن حُـزنٍ لَـهُ وَبُكـاءِ

وَوَجدتِ مِن وَقـعِ البَـلاءِ بِفَقـدِهِ **** إِنَّ البَـلاءَ مَصـارِعُ العُظَـمـاءِ

اللَـهُ يَشهَـدُ قَـد وَفيـتِ سَخِيَّـةً **** بِالدَمـعِ غَيـرَ بَخيلَـةِ الخُطَبـاءِ

وَأَخَذتِ قِسطاً مِن مَناحَـةِ ماجِـدٍ **** جَـمِّ المَآثِـرِ طَـيِّـبِ الأَنـبـاءِ

هَتَفَ الرُواةُ الحاضِـرونَ بِشِعـرِهِ **** وَحَذا بِـهِ البـادونَ فـي البَيـداءِ

لُبنانُ يَبكيهِ وَتَبكـي الضـادُ مِـن **** حَلَبٍ إِلى الفَيحـاءِ إِلـى صَنعـاءِ

عَرَبُ الوَفاءِ وَفَوا بِذِمَّـةِ شاعِـرٍ **** باني الصُفوفِ مُؤَلَّـفِ الأَجـزاءِ

يا حافِظَ الفُصحى وَحارِسَ مَجدِها **** وَإِمامَ مَـن نَجَلَـت مِـنَ البُلَغـاءِ

ما زِلتَ تَهتِـفُ بِالقَديـمِ وَفَضلِـهِ **** حَتّـى حَمَيـتَ أَمانَـةَ القُـدَمـاءِ

جَـدَّدتَ أُسلـوبَ الوَليـدِ وَلَفظِـهِ **** وَأَتَيـتَ لِلدُنيـا بِسِحـرِ الـطـاءِ

وَجَرَيتَ في طَلَبِ الجَديدِ إِلى المَدى **** حَتّى اِقتَرَنتَ بِصاحِـبِ البُؤَسـاءِ

ماذا وَراءَ المَوتِ مِن سَلوى وَمِـن **** دَعَةٍ وَمِن كَـرَمٍ وَمِـن إِغضـاءِ

اِشرَح حَقائِقَ ما رَأَيتَ وَلَم تَـزَل **** أَهـلاً لِشَـرحِ حَقائِـقِ الأَشيـاءِ

رُتَبُ الشَجاعَةِ في الرِجالِ جَلائِـلٌ **** وَأَجَـلُّـهُـنَّ شَـجـاعَـةُ الآراءِ

كَم ضِقتَ ذَرعاً بِالحَيـاةِ وَكَيدِهـا **** وَهَتفتَ بِالشَكـوى مِـنَ الضَـرّاءِ

فَهَلُمَّ فارِق يَـأسَ نَفسِـكَ ساعَـةً **** وَاِطلُع عَلى الوادي شُعاعَ رَجـاءِ

وَأَشِر إِلى الدُنيا بِوَجـهٍ ضاحِـكٍ **** خُلِقَـت أَسِرَّتُـهُ مِـنَ الـسَـرّاءِ

يـا طالَمـا مَـلَأَ النَـدِيَّ بَشاشَـةً **** وَهَـدى إِلَيـكَ حَوائِـجَ الفُقَـراءِ

اليَومَ هادَنتَ الحَـوادِثَ فَاِطَّـرِح **** عِبءَ السِنينِ وَأَلقِ عِـبءَ الـداءِ

خَلَّفتَ فـي الدُنيـا بَيانـاً خالِـداً **** وَتَرَكـتَ أَجيـالاً مِـنَ الأَبـنـاءِ

وَغَداً سَيَذكُرُكَ الزَمانُ وَلَـم يَـزَل **** لِلدَهرِ إِنصـافٌ وَحُسـنُ جَـزاءِ

رحمهما الله تعالي لطالما أمتعانا بشعرهما الرائع

وسوم: العدد 693