رمانةُ قلبي غرناطة

حبُّ الرُّمانِ يناجيني

حبُّ الرُّمانِ يناديني

**

يا ولدي أقبل يا ولدي

صوتٌ رنّانٌ يدعوني

صوتٌ في لونِ الرُّمّانِ

طعمٌ كالسحر يواتيني

أشهى من عسلٍ ممزوجٍ

في ماءٍ من نبعِ عيونِ

**

يقظانٌ أسمعُ أَمْ أَنِّي

في حُلُمٍ أبدو وظنونِ ؟

حُلُمٌ يدفعني كشراعٍ

والدَّفَّةُ شوقي وحنيني

مجدافي يعدو كي يرسو

في برِّ حنانٍ وَسُكونِ

الصوتُ لأمي يشبههُ

في لهفةِ شوقِ المحزونِ

من أينَ وأمي قد غابت

من بضع مئاتٍ لسنينِ

أَقْبِلْ يا ولدي يا كبدي

الصوتُ يعودُ يناديني

فَهَبَبْتُ أُغالبُ من نومي

وفركتُ عيوني وجفوني

فَصَحَتْ منْ حولي أمجادٌ

راياتُ العزِّ وتمكيني

وعلى فرسٍ أشهبَ تبدو

فارسةٌ من أُسْدِ عرينِ

نادتني أقبلْ يا ولدي

بالضادِ بلفظِ موزونِ

منْ مَبْسَمِها سِحْرٌ يجري

كالشَّدْوِ لذيذِ ومبينِ

أُمِّي يا أُمِّي  يا أُمِّي

أُمِّي غرناطةُ تُؤْويني ؟!

يا فرحةَ قلبي يا أُمِّي

قد عُدْتِ فَعَوْدُكِ يُشْجِيني

صَدْرُكِ مَرساتي لرسُوّي

والحضنُ مَلاذي وحُصوني

يا صوتَ الَّلهفةِ يا شوقي

يُطربُني صوتُكِ يُحييني

**

ودنوتُ دموعي تسبقني

ألثمُها خدٍّا بجبينِ

لكنْ فوجئتُ وفاجأني

أمرٌ حَوّلني كطعينِ

أمي تبدو في شكلين أَراها في عينِ يقيني

فأراها كَرْمًا بعذوقٍ

فيهِ منْ عنبٍ منْ تينِ

وأراكِ يبابًا بلْ تيهًا

كقديم مُواتِ العُرجونِ

فصرختُ أُنادي وأُنادي

أُمِّي يا شوقي وفُتنوني

يا بحرًا من فيض حنانٍ

يا صدرَ رؤومٍ وحنونِ

قد صِرْتِ عقابي لصدودي

وجزائي وعذابَ الهونِ

بل ْكنتِ شفائي ودوائي

فغدوتِ كدائي وجنوني

يا شمس الدفْءِ ودفْءَ الشمسِ

وكنزَ المجدِ المدفونِ

يا بؤبؤَ عيني وشغافي

يا لؤلؤَ صدري المكنونِ

يا رحلة شوقي وعذابي

يا ذكرى طيري الميمونِ

قد كنتِ لنا وعدَ المحبوبِ

فصرتِ وعيدَ المحزونِ

قد كنتِ سهولي ورياضي

فغدوتِ صعابي وحزوني

قد كان القُرْبُ يؤانسني

فغدوتِ ببعدِكِ تَرميني

إنْ كنتُ ببيعِكِ محزونًا

فأنا بالبيعِ كمغبونِ

أيًّا ما كُنْتِ فأَنتِ أَنا

رمانةُ قلبي وعيوني .

وسوم: العدد 697