همسات القمر 118

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*رفيقي ناي وحدتي في ليل البعد القارس ..

به أعزف صدق مشاعري التي اختبأت في خلوتها تشكو إلى الله وترجوه فضلا من لدنه

دعاؤها هو سلوتي

همسها هو أنيسي كلما هاجت أوجاع نفسي تحرمني لذيذ الرقاد

يقين صداها يتردد في داخلي، يربت على كتف الألم، ويمسح دمعة الشوق والحنين!

*ينثرون وقتهم في دروب الضياع وهم يتصايحون ويصنفّون، هذا خائن وهذا وطني .. والكل منهم لا يرى إلا بنظارته الخاصة ولونها الذي يميّزه ..

يلمحون كل شيء ويشاهدون كل تفصيل ويتتبعون كل خيال ..

والوطن منهم على بعد دمعة وشجن يرمقهم بلهفة ورجاء .. ينتظر يدا تنفلت من زمام الصراع العقيم لتنشله من جبّ المحن !!

عن أي وطن تتحدثون؟!

*أبتسم ..

وعلى شفة ثغري المرتجفة تختنق عصافير البوح وترتد الحروف إلى أعماق الروح خائبة كلمى ..

أبتسم..

وأحاسيس تقبع في زاوية خلوتها وصمتها على امتداد بوح وكلمة.. تذرف الهمسات على وجنة الانكسار!

أبتسم ..

تتجسّد صورة ابتسامتي يزينها إطار الأماني الحالمة.. تسكن جدار وحدة أعياه طول وقوف في أرض الخيبة والضياع..

أبتسم ..

يغمرني جنون وتدفعني فكرة هوجاء لزيادة مساحة بسمتي .. تنفرج الشفتان عن .. آه وأنين..

أبتسم..

وتغرقني موجة هوجاء تدور بي في لجة غيّها.. أتلفت بذعر.. ولا طوق نجاة ينشل الروح من حمّى الاحتضار ..

أبتسم..

رغم كل شيء .. لي .. لروحي .. لأحباب قلبي ..لذاكرة حفلت بالكثير وأعياها المسير ..

لكل نسمة حياة.. لكل حلم وأمنية .. لكل ترنيمة وأغنية..

للكون على مد البصر..

لحياة لا زلنا ننتظر أن تلبس ثوب الحياة ..

لكل من يستحق بسمة الشفاه

سأبتسم ..وأبتسم .. ثم أبتسم ...

*كلما براني الوجع وفقدت الصبر

تذكرت أن أعمالنا التي نقدمها لله، لا تعود فارغة خالية الوفاض..

وإننا إذ نشدّ الطوق على أنفسنا ونحاكمها ونصدر في حقها أحيانا أحكاما قاسية، إنما نطهّرها لتغدو أنفسنا حرة بما يريد الله ويرضى ..

وحين نشعر أننا بتنا في قلب نار أكول تتعجل النيل منا، نصرخ دون وعي منا :

"يا نار كوني بردا وسلاما"

اللهم ارفعنا بأوجاعنا درجة ومقاما..

وستكون، ما دامت نوايانا مخلصة، وطريق ابتهالنا معبّدة بصدق الدعاء وحسن الالتجاء.. 

فلا تلبث شآبيب رحمته أن تدوي مرتلة بصوتها الرخيم ...

"ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"

ويبقى القلب منتظرا وكله ثقة بأن وعد خالقه لا يخيب ..

*أتشفي الكتابة الصدور؟

أتلقي على المشاعر المضطربة لحاف دفئها؟

أترتل حروفها على النفس الظامئة بعضا من سكينة وسلام ؟

جودي حروفي إن روحي ترتجي .. ثوبا يدثّرها بليل صقيع

*بعض اللوحات إن نظرنا إليها للوهلة الأولى نراها مضطربة المعالم مبعثرة الأفكار وكأنما يد عشوائية هي التي قامت برشق ألوانها عبثا واستهتارا..

وحين نمعن النظر فيها ونستجلي أبعادها ومراميها..

تصلنا الفكرة وكأنها خط مستقيم استقر في عقولنا فأرواها .. وفي قلوبنا فأرضاها

لن نخسر إن منحنا مواقف الحياة القاسية فرصة للتأمل واستجلاء ما وراء الأبواب.

برغم شدّتها وطغيان ألمها على النفس، سيجعلنا التأني، نعذر، نقتنع، نسامح، نغفر ..

وفي النهاية..

ندرك من رسائل الحياة الهدف والغاية .

وسوم: العدد 699